وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مشروع نصر الله في مواجهة مشروع عطا الله

نشر بتاريخ: 17/10/2024 ( آخر تحديث: 17/10/2024 الساعة: 19:06 )
مشروع نصر الله في مواجهة مشروع عطا الله

د. محمد عودة

حتى الأسماء متناقضة، المعني اللغوي لنصر الله شخص ينصر الله ويعطي بينما عطاء الله لغويا تعني ان الله سبحانه وتعالى هو الذي اعطى وعطاء الله هو المعنى التوراتي لاسم نتنياهو بمعنى ان نتنياهو منذ اللحظة الأولى هو نفسه عطاءً من الله يأخذ ولا يعطي اسوة بجده يعقوب الذي ادعى انه صارع الله وصرعه، وان الله المهزوم أعطاه اسم(إسرائيل) ومعنى إسرائيل انه يصارع مع الله لا ضده.

وهنا نخلص الى ان اسم إسرائيل مشكوك فيه حيث ادعى يعقوب في الصباح ان الله منحه هذا الاسم خاصة وان يعقوب يعني الأخير، وان صدقت الرواية فان الله اعطاهم في كل المرات وهم لم ينصروه بينما اسم نصر الله يعني ان هذا العبد ينصر الله الخالق الكريم الرحيم الغفور وشديد العقاب في احقاق الحق.

ولكيلا يضيع القارئ في البحث عن تفسير للعنوان فحسب الموروث الشعبي لكل من اسمه نصيب، فالمقال يسعى بمنتهى البساطة الى المقاربة بين مشروعين متصارعين، مشروع الحق في مواجهة مشروع الباطل الذي يشمل جوانب شخصية إضافة الى الجوانب العامة والمقصود مشروع عطا الله الا ان المشروع بالأصل مشروع يغلب عليه بسط النفوذ والسيطرة على الاغيار خاصة وان مشروع عطاء الله بالأساس مشروع استعماري فالاستعمار اوجد الكثير من المنظمات لتحافظ على مصالحه والحركة الصهيونية واحدة من اهم هذه المنظمات.

معروف ان مشروع الحركة الصهيونية الذي يستند الى نصوص دينية مُخترعة تماما كما اختراع الشعب اليهودي، تلك النصوص التي تبيح لبني اسرائيل عقد صلح استسلام مع الدول البعيدة وان رفضوا فعلى قيادة شعب الله المختار قتل الذكور واستعباد النساء وتسخير حيواناتهم لخدمة بني إسرائيل، اما الدول القريبة والتي تسكنها الشعوب التالية الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ فلا يسمح لحكام اسرائيل بالإبقاء على أي منهم مما يعني ابادتهم بحد السيف بما فيهم النساء والأطفال.

ورغم ان المشروعين يتقاطعان ويتكاملان الا ان تجسيد المشروع الصهيوني القاضي بالسيطرة على هذه الشعوب يصب في مصلحة المشروع الأكبر القاضي بمنع أي وحدة او اتحاد بين مكونات شرق البحر الأبيض المتوسط من دول وممالك وحدتها تعني بالضرورة تقليص دور الاستعمار الى ابعد الحدود وحرمان هذا الاستعمار من مقدرات المنطقة ومن كونها سوق استهلاكية فيها مئات الملايين من البشر يسكنون ممالك ودول يجمعها الكثير ولديها من الموارد والامكانيات في حال الاستخدام الجيد يحولها الى قطب منافس يحسب له ألف حساب بدل ان يكون أداة وسوق في ان معا.

اما الطرف الاخر في المعادلة وأعني مشروع الحق النقيض الذي اسميته نصر الله فهو مشروع طموح يسعى وبكل الوسائل للحفاظ على ما هو قائم واحترام سيادة واستقلال الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها، رغم ان هذا المشروع سواء بقصد ام بغيره يدافع عن نتائج مؤتمر سان ريمو الذي قسم فيه الحلفاء منطقة الهلال الخصيب بين الحلفاء وقد أدرج من ضمن القرارات سان ريمو وعد بلفور.

إن الحفاظ على نتائج سان ريمو بخصوص القسمة في حال ضمان احترام القيم والأخلاق والمبادئ وتوفير الظروف التي تعزز حقوق وكرامة الشعوب أفضل من مشروع يقضي بعبودية شعوب المنطقة، والى ان يأتي اليوم الذي تتمكن فيه شعوب الهلال الخصيب من إيجاد صيغة مجدية للوحدة وقابلة للتطبيق فان على القوى الحرّة في المنطقة توفير عوامل ومقومات الوحدة كمقدمة لإنهاء المشروع الاستعماري وربيبته المشروع الصهيوني ودفنهما الى الابد والى ذلك الحين فان نصر الله يعتبر المخرج الاكثر قبولا.