|
استراتيجية نتنياهو في المنطقة، التصعيد نحو حلم اسرائيل الكبرى
نشر بتاريخ: 27/10/2024 ( آخر تحديث: 27/10/2024 الساعة: 09:32 )
مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على غزة وجنوب لبنان والجرائم والمحارق التي تنفذها ، أتى التصعيد الأخير ليلة امس باستهداف مواقع إيرانية خائفاً وباهتا الى حد ما ، مما يؤكد رؤية نتنياهو الباهتة ايضا منذ البداية لتحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى" سياسيا ان لم يكن بالشكل الجغرافي . حيث يحاول نتنياهو استغلال الدعم الأمريكي والصراع الدولي الجاري لتوسيع النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، مستفيداً من الانشغال الأمريكي في أوكرانيا وبحر الصين والانتخابات الرئاسية ، والرؤية الامريكية المتعلقة بالشرق الاوسط الجديد . هذا التصعيد قد يُستخدم لتقوية موقف نتنياهو داخلياً، وللضغط على الولايات المتحدة للحصول على دعم أكبر او لجرها مباشرة لدائرة الصراع رغم التوترات الدولية ووجودها العسكري بالمنطقة . هذا التطور يهدد بتوسيع دائرة الصراع لتشمل أطرافاً إقليمية، مما قد يدفع نحو نزاع شامل قد يمتد لمناطق أخرى في الشرق الأوسط . امام ذلك يبقى السؤال هو كيف سيكون موقف الأطراف الإقليمية والدولية في ظل هذه التطورات؟ -- استغلال غزة لتحقيق أهداف إسرائيلية على حساب شعبنا الفلسطيني . وعلى الرغم من الإدانات الدولية المتكررة، تظل الولايات المتحدة الحليف والشريك الرئيسي لإسرائيل، معتبرةً أن أمنها جزء من أمنها القومي، وبالتالي، تتجنب اتخاذ مواقف قاسية قد تؤثر على التحالف والمصالح والمفاهيم السياسية والعقائدية المشتركة . الإدارة الأمريكية، بقيادة بايدن، لا تتبنى نهج إدارة الأزمة فقط ، بل والشراكة من خلال التدخل المباشر بتزويد اسرائيل بما يلزمها من أسلحة لتنفيذ ذلك وبالحماية الدبلوماسية اللازمة ، ما يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لمواصلة سياستها في غزة وجنوب لبنان وضد إيران في حدود توازن الرعب بينهما . -- الظروف الانتخابية الأمريكية والتوجهات الإسرائيلية. ومع احتمال عودة الرئيس السابق دونالد ترامب الى الرئاسة، الذي أبدى دعما غير مشروط لسياسات إسرائيل، يسعى نتنياهو إلى استثمار الوقت في تعزيز سياساته التوسعية. ويأمل أن يحظى بدعم أكبر في حال فوز ترامب، مما سيوفر لإسرائيل غطاءً أوسع لتنفيذ رؤيته "لإسرائيل الكبرى" ، بالرغم من عدم الفوارق الحوهرية بين الحزبين الامريكيين بشان قضايا السياسات الخارجية وتحديدا بالشرق الأوسط التي تجمع الولايات المتحدة بالعودة للسيطرة عليها . ون -- التوجه الإسرائيلي تجاه إيران والدور الأمريكي. الدعم الأمريكي لإسرائيل يشجع نتنياهو على اتخاذ خطوات استباقية، لكن بشروط تهدف إلى منع التصعيد إلى حرب شاملة قد لا تكون في مصلحة الولايات المتحدة في هذه المرحلة قبل الانتخابات في محاولة لفوز هاريس الذي اصبح مشكوكا به . وقد يكون هذا الدعم مشروطاً بتفادي أي أعمال قد تُدخل واشنطن في صراع إقليمي أوسع، لكن يظل هناك دعم قوي للتحركات الإسرائيلية، مما يزيد من احتمالية تصاعد الأزمة ، او نجاح نتنياهو في جر الولايات المتحدة الى التورط في ذلك مباشرة من خلال عمل عسكري واضح المعالم رغم دعمها المستمر . -- رد إيران واحتمالات التصعيد الإقليمي . حزب الله، كأحد أبرز حلفاء إيران، قد يتخذ خطوة تصعيدية اضافة الى ما هو جاري حاليا من ضرب المواقع الاسرائيلية وزيادة خسائرها البشرية التى تجاوزت ١٥ ضابط وجندي فقط في يوم اول امس لوحده ، اضافة الى الخسائر الإقتصادية وبالقطاعات الاخرى الى جانب التداعيات النفسية لذلك ، ويعزز من خطورة الوضع الحالي في ظل احتمالية توسع العمليات العسكرية . وفي هذا السياق، تظهر أهمية القرار الدولي ١٧٠١ الذي قد يكون السقف الدبلوماسي الأخير من اجل ضمان تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي الى خط الهدنة الموقع عام ١٩٤٩ قبل الانزلاق إلى نزاع شامل بين الطرفين. --الأبعاد الإقليمية والدولية ، الأطراف التي لا تقف مع نتنياهو. -- الدور الروسي واحتمالات الصفقة الدبلوماسية . يأتي ذلك بينما تسعى روسيا للتوسط في "صفقة دبلوماسية" تتضمن وقفاً مؤقتاً للعمليات العسكرية في غزة وجنوب لبنان، وربما لاحقا لهدنة طويلة الأمد تتعلق بتطبيق القرار الدولي ١٧٠١ في جنوب لبنان والافراج عن الأسرى الاسرائيلين لدى حماس وهذا ما تدعمه عدد من المواقف الأوروبية . هذا التحرك يمكن أن يحظى بقبول أمريكي ضمني ، حيث تعي واشنطن أهمية تهدئة الأوضاع في المنطقة من اجل مصالحها ، وخاصة مع تزايد التعقيدات في أوكرانيا واقتراب تاريخ الانتخابات الرئاسية بعد اسابيع . لذلك ، يعتبر الدور الروسي مهما في هذه المرحلة، حيث يمكن أن يصبح ضامناً للتوازنات في المنطقة، ويوفر بديلاً دولياً لاحتواء التصعيد إذا ما استمرت واشنطن بتجنب الانخراط المباشر ، رغم التنسيق المباشر بين بايدن ونتنياهو . -- التحركات الإسرائيلية في الضفة الغربية ، بانتظار ترامب. وفي ظل احتمالية عودة ترامب للرئاسة، يأمل نتنياهو في الحصول على دعم أمريكي قوي، خاصة أن إدارة ترامب السابقة كانت قد دعمت سياسات إسرائيل بقوة ومنها الإعتراف بالقدس كعاصمة أبدية لإسرائيل وضم الجولان والأستيطان وضم المناطق ، مما قد يمكّن نتنياهو من تنفيذ خططه دون قيود تُذكر. ويبقى السؤال ، هل نحن أمام سيناريو تصعيد طويل الأمد أم صفقة دبلوماسية تقود الى تهدئة ؟ وفي ظل هذه الأوضاع المتفجرة، قد يصبح الهدؤ والاستقرار الذي اعدمت الحركة الصهيونية بمفاهيمها وسياساتها اي فرصة له أمراً بعيد المنال ما لم تتخذ الأطراف الدولية والإقليمية خطوات جدية لوقف التصعيد ولجم السياسات الاسرائيلية . فاستمرار سياسة " فرض الوقائع او الأمر الواقع" طالما استطاعت لن يؤدي سوى إلى مزيد من التصعيد وفتح جبهات جديدة في المنطقة، مما يضع الجميع أمام واقع شديد الخطورة قد يصعب التراجع عنه. ومن يظن أن تسارع تنفيذ المشروع الصهيوني العالمي وأداته إسرائيل بمشاركة الغرب الإستعماري الذي أنشأها ورعى همجيتها وحماها كنظام أستيطاني عنصري مارق ، يستهدف فقط طرفاً دون الآخر أو انه سيتوقف عند مصالح أحداً ممن ليس منهم ظننا أنه سيبقى خارج أستهدافهم وبهدف حمايته ، فهو واهم أو صاحب عُقمٍ سياسي . فكل شعبنا وشعوب المنطقة حتى سيادة دولها واراضيها هي المستهدفة اليوم من محاولات أستكمال ما لم يتحقق مع بداية ونتائج جريمة النكبة الاولى والمستمرة بفعل صمت العالم البعيد والقريب ، لمشاريع تحت مسميات مختلفة مضمونها واحد . فالمطلوب اليوم منا مراجعة نقدية للمسيرة الطويلة حتى تاريخ اليوم ، الوصول الى رؤية استراتيجية جادة وجريئة وعقلانية وموحدة للكل الفلسطيني وفق برنامج كفاحي متكامل لتجنيب شعبنا المآسي الانسانية الإضافية وتمكينه من الصمود الفعلي وصولا الى حقوقنا الوطنية السياسية غير القابلة للتصرف . |