|
أبولو يلتقي حبيبته أفروديت في غزة
نشر بتاريخ: 29/10/2024 ( آخر تحديث: 29/10/2024 الساعة: 09:39 )
وصل إله الشمس في الأسطورة اليونانية أبولو إلى قطاع غزة، قطع البحر المتوسط وتسلّق الأمواج وقاوم الرياح والعواصف، معلناً أن العالم كله قد تخلى عن غزة، مدينة الحضارات القديمة التي بنيت قبل أكثر من 3000 عام قبل الميلاد، تركها هذا العالم وحدها تباد، وتحاصر بالمجازر والنيران والموت على يد الآلة العسكرية الصهيونية، أبولو بنى له خيمة في رفح، وقرر أن يبحث عن حبيبته أفروديت إلهة الحب والجمال في الأسطورة اليونانية المتواجدة في غزة، أن يضيئ معها شمس غزة التي أطفأتها القنابل والصواريخ بالجوع والنزوح والأوبئة المتفشية حبيبتي أفروديت أبولو خرج من أسطورته وأعلن أن الأسطورة الحقيقية هنا في غزة، الناس الذين يتصدون للقتل والتهجير والإنسحاق بإرادة ملحمية لم تحدث في عصر من عصور البطولات الخارقة، فلم يبق أمام غزة سوى الأسطورة بعد أن فشلت كل الوسائل في وقف هذه الإبادة الدمويّة البشعة، لا مكان لي إلا هنا، في غزة المدينة الكنعانيّة القديمة، فهي أكثر من يدرك أن الأمم حكايات وأساطير، وهي القادرة على حماية الذات والهويّة الجماعية، الأساطير التي تغير هذه الوحشية الصهيونية غير المسبوقة، الأسطورة هي جسر التواصل بين الأرض والطبيعة والسماء، غزة بحاجة إلى أبولو للتعامل مع الخوف والقلق والرعب والغطرسة الصهيونيّة، غزة بحاجة إلى من يعطي معنى لهذه الكارثة الإنسانية والمأساة، إلى من ينقذها من المحو والنسيان والخراب، غزة تحتاج إلى قوة فائقة لمواجهة هذه الكائنات الصهيونيّة المتوحّشة الشهيّة للقتل والدماء حبيبتي أفروديت ضج التحالف الأمريكي الصهيوني الأوروبي من وجود أبولو في غزة، لقد تحرر من الجمود في المتاحف الغربية التي حوّلته إلى مجرد فرجة للسياح، لقد دمّروا الحضارات الإنسانية وحوّلوا أنقاضها إلى أيقونات وتحف بما في ذلك الجماجم البشرية، حشروه في الماضي دون أن يعترفوا بأنهم القتلة وأنه الضحية، ففي وسع الأسطورة أن تنجو من قصف الطائرات، وأن تتابع نموها في وجدان شعب يحولها إلى طاقة، ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يبحث مجرمو الحرب عن أبولو، وها هو يتنقل من مخيم إلى مخيم، ومن حارة إلى حارة، يقفز بين مجزرة ومجزرة، غزة تحتاج إلى الأمل بالبقاء والحياة والمساندة، يقول أبولو وهو يزيح الإسمنت والحجارة وأكوام الجثث التي غطت الشمس وحبست الماء والهواء حبيبتي أفروديت أنا أبولو غزة وليس أبولو اليونان والعولمة وزيف الأقنعة، أبولو الفلسطيني، إله الشمس والشعر والرسم والتألق والرجولة الخالدة، هدمت معابد آلهة الحرب في جبال الألب، لأنها تشبه آلهة الحرب الدمويين في إسرائيل، نزلت عن الجبل ووصلت غزة المحاصرة، وأنا أكثر من يعرف أن دولة إسرائيل أقيمت على خرافة وأسطورة، وأنا من يعرف أن فلسطين ليست أرضاً بوراً ولم تقم من الخيال والأراجيف، إنها أرض من دم ولحم وتراب وثقافة ونبوءة، فشكراً للصياد الغزاوي الذي ساعدني على دخول غزة، بنى لي بيتاً ومتحفاً وإحتفالاً ومدرسة في الفن والموسيقى والطب والرماية والفلسفة والمقاومة. حبيبتي أفروديت أنا في غزة، أسمعها تنادي على جميع الآلهة، إله الشمس وإله الحب وإله البرق، تنادي على إله الرعد وإله الشفاء، إله الأمم المتحدة ومجلس الأمن والصليب الأحمر الدولي، تنادي على إله المحاكم الدولية ومنظمة الصحة العالمية، تنادي على الضمير الإنساني والقانون الدولي، لم يستجب أحداً ، لم تترجم الصور الى كلام وغضب، إن هذا العجز هو شكل أخر للإبادة ، إختلط المسرح الدموي بكل ما هو مثير للدهشة، هنا جحيم متعدد المسالك ، متعدد الأبواب، طواغيت في كل الإتجاهات ، غزة تحترق وتذبح وتغرق في دمها ، تموت اللغة والثقافة الإنسانية ، القيم والإبداع ، إنها خطة الجنرالات، محو الجسم والذاكرة. حبيبتي أفروديت
حبيبتي أفروديت أين أنت يا أفروديت ؟ غزة بحاجة الى الحب والجمال ، حرب الإبادة المستمرة شوهت غزة وأعادت تركيب المكان على مقاس جنازير دباباتها التي تحرث لحمنا، مسحتها عن الخارطة، أسقطت من قلبها كل الحضارات الإنسانية ، أكثر من ألف عائلة أبيدت ومسحت من السجل المدني ، الأسطورة هي من تحرس الماضي من جنون الحاضر وتعيد الموت الى الحياة، فتّشت عنك يا حبيبتي في كل المواقع ، في المتاحف والمكتبات والأسواق والمؤسسات الثقافية، في المسارح والمقامات والمساجد والكنائس ، في البيوت الأثرية القديمة ، في المدارس والجامعات ، في المستشفيات والقبور العتيقة ، سألت عنك الشافعي وابن سينا وابن رشد والإدريسي وأفلاطون، فتشت عنك في السجلات والأرشيفات والمخطوطات والأغاني ، لم أجدك يا حبيبتي ، كل شيء تدمر وتحول إلى رماد.
حبيبتي أفروديت أنا أبولو غزة، هبطت من الأسطورة والخيال، بعد أن فشل البشر في هذا العالم من إنقاذ غزة ، أُعلن أن الحرب الصهيونية على غزة هي حرب على البشرية والثقافة الإنسانية جمعاء، حرب على الفنون والأداب والكتاب والعقل والرواية ، إنها الإبادة المعرفية والثقافية الممنهجة ، حرب للإهلاك والإفناء، ولم يصل أحد لإنقاذ موروث غزة وكنوزها الثقافية ، لا اليونسكو ، ولا قانون لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في وقت النزاع المسلح ، لم نجدهم كما يقولون في الخط الأمامي للدفاع عن التراث الثقافي للشعب الفلسطيني، لا مبالاة مريبة ، لم يفعلوا شيئاً حتى عندما سرقوا آلهة الحب أفروديت وأطلقوا إسمها على حقل الغاز في غزة . |