|
رؤية د. مروان المعشر حول الحل
نشر بتاريخ: 10/11/2024 ( آخر تحديث: 10/11/2024 الساعة: 12:18 )
فلسطين، كما الأردن، كما السعودية، وغيرها من الدول العربية وبعض الدول الغربية، متمسكون بقرارات الشرعية الدولية كحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي المتمثل بحل الدولتين، والمتضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وقد تم تضمين هذا الحل بمبادرة السلام العربية، التي وافق عليها الجميع وتبنتها الدول العربية عام 2002. إلّا أنّ د. مروان المعشر، الذي يعتبر من المفكرين الأردنيين الذين لديهم رؤية، قد تكون ثاقبة أحياناً، وفي مقابلته مع ديفيد هيرست من واشنطن مؤخراً، قد حاد عن هذا التفكير والنهج، وجاء بمنطق ليس معدّلاً تعديلاً طفيفاً، بل قريباً من كل شيء، إلّا من حل الدولتين، المجمع عليه دولياً، حيث قال بأنّ علينا وعلى المجتمع الدولي التخلي عن هذا الحل (حل الدولتين)، مبرراً ذلك بأنه لن يحدث من ناحية عملية، على أن يتم استبداله بالنهج المستند إلى الحقوق، والذي يعتبر نقطة الانطلاق وفق تعبيره، بمعنى أن يكون هناك حقوق متساوية بين اليهود والفلسطينيين، مسترسلاً بأنه لو استطعنا أن نصل الى هذه النقطة، يمكننا عندها التحدث عن شكل الحل الذي ينبغي أن يكون، حيث أنّ أيّ حل لا يتحدث عن حقوق متساوية للطرفين، لن يكون حلاً مستداماً. وهنا تستوقفني نقطة مما قاله د. المعشر، وهي كيف يمكن أن يكون هناك حقوق متساوية بين اليهود وبين الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 67، خاصة الضفة الغربية وغزة، حيث أستثني القدس، التي يمكن القول بأنّ أهلها لديهم بعض الحقوق المدنية كاليهود، بمعنى كيف يمكن أن تتحقّق المساواة بالحقوق بين اليهود والفلسطينيين خارج حدود دولة الكيان، قبل وجود إطار يحدّد شكل الحل، بمعنى على أيّ أساس ستعطي "إسرائيل" الفلسطينيين في المناطق المحتلة حقوقاً متساوية؟ أجد هناك ثغرة بهذا الطرح. وقال د. مروان بأنّ رفع شعار حل الدولتين من غير أن يصاحبه خطة موثوقة لإنهاء الاحتلال، يعطي إسرائيل مزيداً من الوقت لبناء المستوطنات وقتل هذا الحل، وإنّ علينا أولاً تغيير العقلية بأن نبدأ بالحقوق المتساوية كنقطة إنطلاق. وفي هذا السياق، لا أدري إن كان الحديث عن مقترح لخطة عسكرية لإنهاء الاحتلال، بمعنى أن نضع خطة مقترحة لكيفية الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 67، بما فيها القدس، ومعها غزة بعد التطورات، وكذلك الانسحاب من المناطق "ج" من الضفة الغربية! من وجهة نظري، أنه عند طرح حل الدولتين، فإنّ ذلك يتضمن تلقائياً انسحاباً من جميع المناطق المحتلة على الفور، ولا أعتقد بأنّ إسرائيل ستخضع إلى أيّ خطة انسحاب يضعها الفلسطينيون أو حتى العرب بشكل عام، بل أنّ وضع تفاصيل الانسحاب سيكون ضمن الحديث عن كيفية تطبيق حل الدولتين، بمعنى أنه سيكون تحصيل حاصل، وحتى لو ذهبنا إلى أي خيار آخر، فإنه يتحدث عن انسحاب كامل وفوري من الأراضي المحتلة. أمّا حول خيار الدولة الواحدة، قال د. المعشر بأنه ليس علينا العمل على هذا الحل، على عكس حل الدولتين الذي يحتاج إلى عمل، حيث أننا اليوم في واقع الدولة الواحدة، موضحاً أنه ليس حلاً، وإنما واقع عنصري، لكنه حقيقة، خاصة مع استمرار زيادة عدد الفلسطينيين، الذين يشكّلون اليوم أغلبية في المناطق الخاضعة لسيطرة إسرائيل، وهي أغلبية متزايدة مع مرور الوقت، قائلاً بأنه سيأتي وقت لا يقبل فيه المجتمع الدولي الفصل العنصري، معولاً على هذا الأمل، وبأنّ هذا هو الدافع الذي سيجبر أن يكون هناك حل، حيث أنه في غضون عقد أو اثنين، سوف يفهم كلا المجتمعين أنه سيتعين عليهما التوصل إلى حل، ويعتقد بأنّ الحل هو دولة واحدة ديمقراطية، وأعطى أمثلة في العالم على هذا النموذج، كالاتحاد السويسري, والاتحاد البلجيكي، وبأنه يمكن التوصل إلى ترتيبات فيدرالية، من شأنها الحفاظ على الهوية الثقافية والسياسية لكلا الطرفين، ولكن ضمن نهج تكاملي، بدلاً من نهج التقسيم الذي لم يعد يعمل، وفق تعبيره. وأخيراً لا يسعني إلّا أن أخالف، وبكل تواضع، ما جاء به د. مروان من طرح، لأنني أعتقد بأنه ينسف المشروع الوطني الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وكما نعلم جميعاً بأنّ الشراكة بالحكم مع اليهود "الإسرائيليين" لن يكون لصالحنا، كما لا يمكن الوثوق بهم بالإلتزام، إن لم يكن حل الدولتين قابلاً للتطبيق، فحل الدولة الديمقراطية الواحدة، تحت السيطرة الفلسطينية، وأن يكون اليهود مواطنين في هذه الدولة، لهم حقوق وعليهم واجبات كما للفلسطينيين. |