|
قراءة خارج الصندوق في الانتخابات الامريكية الاخيرة ونتائجها.
نشر بتاريخ: 12/11/2024 ( آخر تحديث: 12/11/2024 الساعة: 13:59 )
واخيرا هدأت عاصفة الانتخابات الامريكية بعد شهور من تبادل الاتهامات ما بين المتنافسين وخرج ترمب من هذه العاصفة منتصرا حاملا الراية ليرفعها مرة ثانية على سارية البيت الابيض في العشرين من شهر يناير القادم ليعلن عن البدء بمرحلة جديدة ومن غير المعقول ان لا تكون مختلفة عن ولايته الاولى كرئيس حمل الرقم 45 في قائمة الرئاسة الامريكية . الولاية الاولى اتسمت في الكثير من التخبط لان ترمب في حينه كان يتصرف كتاجر عقارات لا يرى غير الصفقات والربح والخسارة ولم يمر اسبوع دون مفاجأة خصوصا وان الرئيس ترمب في حينه كان يُقاد من النسيب الحسيب جاريد كوشنر الذي كان له تاثير السحر على ترمب لدرجة انه اقنعه بنقل السفارة الى القدس واقنعه بحق اسرائيل في الجولان وحقها بضم معظم ما تبقى من فلسطين التاريخية للولاية الصهيونية وذلك بتوجيه كامل من نتنياهو وقد برر ترمب قراره بنقل السفارة الى القدس الى انه استمع الى درس في التاريخ لمدة خمس دقائق وهو ما يؤكد على ان ما استمع اليه كان مزور ولم يذكر في حينه من هو هذا الساحرالذي تمكن من الغاء هوية فلسطين التي تعود ملكيتها للفسطينيين منذ ما قبل نزول التوراة . هذا التخبط كان سببا في خسارة ترمب امام بايدن في سباق الرئاسة السادسة والاربعين بدليل هو انه خرج من البيت الابيض في حينه كما دخله وهو جاهل في التاريخ وجاهل في السياسة وجاهل في امور الحكم لدرجة انه خرج من الباب الخلفي حتى لايراه احد ورفص تسليم المفتاح للساكن الجديد وهو الرئيس بايدن او حتى يهنئه بالفوز ولو تليفونيا كما جرت العادة مع كل من سبقوه . ما جرى في الحملة الانتخابية الاخيرة وما نتج عنها يشير الى ان ترمب الرئيس السابع والاربعين هو باتاكيد ليس ترمب الرئيس الخامس والاربعين خصوصا وانه مر باربع سنوات عجاف ما بين الولايتين قضاها ما بين المحاكم وتخلي عنه من اعتقد انهم حلفاءه وبطانته اصافة الى تعرضه للاغتيال كل ذلك لا بد وان يكون قد جعل منه رئيس مختلف بعد ان وظف ارباح تجارته ودفعها اثمان لعدم دخوله السجن ولكنها لم تمنع عنه تهمة الادانة كمجرم وهو ما جعل من ترمب كرئيس مدان بجرائم هو حالة مختلفة في تاريخ الرئاسات الامريكية التي ستلاحقه حيا وميتا الا اذا تمكن من محو ذلك وفي اعتقادي ان هناك فرصة متاحة له هذه المرة ان هو فعلا استفاد من تخبطات واخطاء الماضي وازعم ان لديه النية والا فان كل ما قاله عنه مايكل وولف في كتابه النار والغضب بما في ذلك القصور الذهني هو فعلا صحيح. ما سبق يجعلني اعتقد بان عودة ترمب الى البيت الابيض لا بد وانها ستكون بحلة جديدة شكلا وموضوعا عن سابقتها وكانها عودة المنتقم بعد ان خذله كل من احسن اليهم وعلى راسهم نسيبه كوشنر الذي وشى به للاف بي اي الذين داهموا بيته بحثا عن وثائق سرية بزعم انه احتفظ بها بعد خروجه من البيت الابيض دون حق اضافة الى ان نتنياهو الذي قاد ترمب طيلة فترة ولايته الاولى وحقق له كل رغباته بدأ بالقدس ومرورا بالجولان وثلثي الضفة الفلسطينية ضمن صفقة عُرفت بصفقة القرن صاغها وكتبها نتنياهو مع صبيه كوشنر ونفذها ترمب وهو اقصى ما يمكن ان يفعله اي رئيس امريكي لبني صهيون ومع ذلك سرعان ما تخلى عنه نتنياهو كسبا لود بايدن بحسب قانون المصالح الخاص بننياهو وهو الامر الذي اكتشفه ترمب سرعان ما خرج من البيت الابيض بعد هزيمته امام بايدن ما دفع بترمب ليشتمه باسوأ العبارات. وفي قراءة متانية للمعركة الانتخابية الاخيرة يتضح بان الصوت اليهودي لعب دورا حاسما هذه المرة لصالح ترمب ليس حبا وانما انتقاما من منافسته التي اقيمت الصلوات في اسرائيل لاسقاطها ، كمالا هاريس، لانها زعمت بانها سوف تعمل عكس رئيسها بايدن وانها لن تصمت ازاء ممارسات نتنياهو في محاولة لكسب الاوساط العربية والاسلامية وايضا كسب جماهير الغضب من طلاب الجامعات الامريكية والاقليات الاخرى التي وقفت الى جانب ضحايا حرب الابادة النتنياهوية ضد الشعب الفلسطيني والتي كان الرئيس بايدن شريكا فيها سرا وعلنا. الى ما سبق اضيف الخبرة السياسية الكبيرة التي اكتسبها ترمب وتحديدا في موضوع النفاق السياسي ومن اين تؤكل الكتف وها هو يقول في مقابلة تليفزيونية مع باتريك ديفيد بان صاحب القرار النهائي في امريكا ليس الرئيس المنتخب وانما الدولة العميقة وهو والتي فسرها بقوله ان هناك ثلة يمثلون الدولة العميقة وهم ليسو اغبياء ولكنهم مرضى ومجانين . " Sick and Lunatic" الرئيس ترمب وظف الممكن وغعير الممكن هذه المرة لدرجة تعرضه للاغتيال من اجل الفوز لتحقيق نصر شخصي ذاتي قبل الرئاسي بالعودة الى البيت الابيض وهوعكس ما كان عليه الحال في المرة الاولى وهنا اذكر ما تم بينه وبين زوجته ميلانيا التي أُرهقت كثيرا نفسيا وجسديا من حرارة الحملة الانتخابية في الفترة الاولى وتوسلت اليه بان ينسحب من الانتخابات ويعودوا الى بيتهم ليعيشوا بسلام وكان رده عليها بان لا تقلقي بعد شهر ستنتهي الانتخابات ونعود الى البيت لانني لا اتوقع النجاح ولكني حققت ما اردته وهو الوصول للترشح للرئاسة. ثمان سنوات كانت عجاف بكل ما تعنيه الكلمة في تاريخ رجل المال والاعمال الملياردير والرئيس الاسبق والقادم للولايات المتحدة الرئيس ترمب في اعتقادي انه سوف يوظفها بما لها وما عليها كادوات لصناعة تاريخ مختلف وفي هذا الصدد ارى بان لجنة نوبل سوف تفتح له ذراعيها ان هو فعلا اثبت انه تعلم من اخطاؤه في الحكم والسياسة ابان رئاسته الخامسة والاربعين لامريكا واتقن الدراسة في التاريخ غير المزور لان التاريخ الصحيح يقول بان الكيان الصهيوني تاسس وقام بقرار ليس رباني وانما سياسي اممي يحمل رقم 181 وقبول هذا الكيان عضو في الامم المتحدة سنة 1949 كان مشروطا وما زال هذا الكيان لم يفي بشروط هذه العضوية وهو ما يجعل منه كيان مارق ولا غرابة في ان الرئيس ترومان رفض الاعتراف باسرائيل دولة لليهود لان سكانها الاصليين من المسلمين والمسيحيين . ترمب الجديد لا بد وان يترجم نجاحه التجاري وفشله السياسي السابق الى نجاح سياسي عالمي وفي اعتقادي انه اصبح قادر على ذلك بداية بان يعيد امريكا الى ما كانت عليه قبل تبنيها للكيان الصهيوني العتصري بعد حرب سنة 1967 لاسباب استعمارية مصلحية وهذه قد انتهت بمجرد ان انتهت الحرب الباردة وبعد ان اصبح الكيان الصهيوني عبء اخلاقي على امريكا بعد ان ثبت بانه كيان عنصري يحكمه عصابة من الفاشيين برئاسة نتنياهو اضافة الى ان ترمب اصبح على علاقة صداقة مع كل اعداء الماضي بمن فيهم روسيا ناهيك عن علاقته مع حكام العرب. الرئيس ترمب لم يكن يوما ايدولوجيا لا بصهيونيته ولا بحزبيته الجمهورية ولكنه ايدولوجيا بمواطنته الامريكية التي اكد عليها بشعاره الانتخابي امريكا اولا ومن اجل عودة امريكا الى ما كانت عليه من عظمة واحترام دولي في عهود روزفلت وترومان وايزنهاور وذلك بسبب احترام هؤلاء الرؤساء والتزامهم بمباديء وقيم الدستور الامريكي الذي يقول وزير الخارجية الامريكي الاسبق دين اتشيسون في مذكراته بان ميثاق الامم المتحدة بكل ما فيه من قيم وقوانين اساسها احترام حقوق الانسان هو نسخة مكثفة عن الدستور الامريكي ولا اعتقد بان الرئيس ترمب بحاجة لمن يذكره بان الكيان الصهيوني هو الوحيد في العالم الذي يعمل و منذ قيامه على تحدي هذا الميثاق الاممي وضربه بعرض الحائط بتحديه وعدم احترامه للقانون الدولي والشرعية الدولية وكأنه كيان فوق القانون.
|