|
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والأستقلالية التكتيكية
نشر بتاريخ: 22/11/2024 ( آخر تحديث: 22/11/2024 الساعة: 12:12 )
مع احتدام المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار على جبهة جنوب لبنان في ظل تطورات موقف محكمة الجنايات الدولية بإصدارها مذكرات التوقيف بحق نتتياهو وجالانت الامر الذي دفع بزعيم المعارضة لابيد بتقديم رؤيته السياسية أمس حول مستقبل المنطقة وضرورة التخلص من الحكومة الحالية ، الامر الذي قد يتم استغلاله بمزيد من تصعيد المواجهات ان كان من حزب الله وإيران او من نتنياهو . في هذه التقاطعات تثار تساؤلات حول مدى استعداد حزب الله لقبول اتفاق منفصل عن الوضع في غزة ، وهو الأمر الذي قد يعيد تشكيل استراتيجيات المقاومة ويؤثر على مواقف الأطراف الإقليمية والدولية من جهة ، وعلى استمرار المآسي الانسانية في قطاع غزة امام وحشية عدوان الإبادة والتهجير والتجويع . منذ بداية المواجهة، رفع حزب الله شعار وحدة الجبهات كوسيلة لتعزيز الضغط على إسرائيل ومنعها من تقسيم المواجهات أو استغلال ظروف كل جبهة على حدة . ولكن مع تعاظم الضغوط الدولية وتزايد التكلفة الإنسانية، يبدو أن الحزب أمام تحديات كبيرة في إعادة تقييم هذا الربط الإستراتيجي دون ان يخضع لمسار تفاوضي تحت النار كما يريد نتنياهو ، بل ان خطاب أمينه العام الجديد قد اكد على سيادة لبنان واعتبار تل أبيب بمعادلة بيروت في عمليات القصف الصاروخي الذي يقوم به ويجعل منه امرا مكلفا لدولة الأحتلال خاصة بالشمال وعلى مستوى الخسائر الإقتصادية من جهة والبشرية في صفوف جنود الأحتلال غير المسبوقة من جهة اخرى . -- سياسة الربط بين الجبهات ، ضرورة أم عقبة؟ في المقابل ، التخلي عن هذا الربط يضع حزب الله أمام تحديات داخلية مع قاعدته الشعبية التي تتوقع موقفا ثابتا تجاه ما يجري في فلسطين . كما أن الحلفاء الإقليميين له ، مثل إيران وسوريا والحركات الاخرى باليمن والعراق الموالية لايران ، قد ينظرون إلى أي خطوة باتجاه الاتفاق المنفصل كإشارة على تراجع وحدة ما أتفق على تسميته بالمحور ووحدة الساحات . -- موقف حزب الله بين الثبات والمرونة. ومن جهة أخرى ، قد يستخدم الحزب موقفه الحالي كورقة ضغط لتحصيل مكاسب سياسية وأمنية أكبر ، سواء في لبنان أو على مستوى الإقليم . هذه المكاسب قد تشمل ضمان بقاء دوره السياسي وتجنب أي اتفاق يحد من قدرة المقاومة بالجنوب بالرد على التهديدات الإسرائيلية ، ويحافظ على الدور الايراني بالأقليم ايضا الذي يسعى لتطوير مكانته كلاعب هام . -- الإقليم والدول الكبرى ، دور في ترسيم الخطوط. على الجانب الآخر، تُصر إسرائيل على ضمان حرية عملها العسكري في المنطقة ويرى نتنياهو إن أي اتفاق يُبرم الآن قد يُعتبر تنازلاً لإدارة بايدن ، وهو ما يتعارض مع طموحاته التي تتطلع إلى تحقيق إنجازات استراتيجية مع حليف أكثر التزاما بمصالح إسرائيل دون شروط أي ترامب . لذا ، فإن تكتيك التأجيل والمناورة يشكل أحد أدوات نتنياهو لتعزيز مواقفه محليا ودوليا واندافعه اكثر الى مزيدا من التطرف بعد قرار الجنائية الذي اعتبرته كل الاطراف الاسرائيلية "معاديا السامية " كعادتها مما يتيح لنتنياهو مزيدا من "البطولات الوطنية" . -- نحو أفق جديد؟ حزب الله الذي يواجه ضغوطا داخلية لبنانية وإقليمية عربية ، سيحاول موازنة مواقفه للحفاظ على صورته كحزب سياسي لبناني اليوم واستمرار دوره كحركة مقاومة فعالة دون التنازل عن استراتيجياته الكبرى . في النهاية يبقى السؤال : هل يمكن تحقيق هدنة مستقرة دون الإضرار بمبدأ وحدة الجبهات ، أم أن الضرورات التكتيكية ستفرض مسارا جديدا قد يعيد تشكيل معادلة الصراع خاصة مع صدور مذكرات الاعتقال من الجنائية الدولية بحق نتنياهو وجالانت واقتراب تسلم ترامب لمقاليد البيت الابيض في ظل تصاعد الاتهامات بحق رجاله بالإدارة الجديدة من جانب الحزب الديمقراطي ؟ |