مطلوبان للعدالة الدولية !
نشر بتاريخ: 23/11/2024 ( آخر تحديث: 23/11/2024 الساعة: 09:03 )
أصدرت محكمة الجنايات الدولية يوم الخميس الماضي مذكرة جلب واعتقال لكل من بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي ويؤاف غالانت وزير الحرب الاسرائيلي السابق، وذلك بسبب اتهامات للمسؤولين بارتكابهما جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة. وبرغم أن القرار تأخّر لأكثر من ستة شهور، الا أن كريم خان المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية شعر بالفخر نتيجة صدور هذا القرار برغم كل الضغوط التي مورست عليه شخصياً وعلى قضاة المحكمة الجنائية الدولية. وفي إطار نتائج هذا القرار القضائي الدولي، يترتب على أكثر من 124 دولة من الموقعين على الميثاق المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية اعتقال أي من المطلوبين للعدالة الدولية اذا ما دخل أراضيها، كما يترتب على القرار إلتزام أخلاقي حتى للدول التي لم توقع على إتفاق الجنايات الدولية بأن تمنع نتنياهو وغلانت من الدخول الى أراضيها أو أن تقوم باعتقالهما وتسليمهما للعدالة الدولية.
واللافت للنظر في تداعيات هذا القرار أن العديد من الدول الغربية رحبت بالقرار، وساندت ضرورة تنفيذه مثل هولاندا وبريطانيا وكندا واسبانيا وإيرلندا وغيرهم. أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فقد سارعت الى إدانة القرار واعتباره عملاً مشيناً! وهذا يفسر في الواقع موقف الولايات المتحدة الداعم لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وإصدارها الفيتو قبل عدة أيام ضد مشروع قرار مجلس الأمن المفضي الى ضرورة وقف إطلاق النار في غزة وتأمين وصول المساعدات الى القطاع. أما بالنسبة للجانب الاسرائيلي، فالرد لم يفاجئ أحداً، حيث اعتبر نتنياهو القرار انحياز لمحور الشر والظلم واللاإنسانية، وسارع بوصفه كالمعتاد بمعاداة السامية معتبراً أن القرار جاء من هيئة متحيزة!.
وبغض النظر عن الموقف الأمريكي والاسرائيلي، فإن صدور مذكرة الجلب سيؤثر بشكل كبير على مستقبل نتنياهو السياسي، حيث سيطارده شبح الاعتقال في أي بلد قد يزوره. وحتى إن خرج من الحكم، فانه من المحتم أن لا يخرج منها أبداً خارج اسرائيل، بسبب الضغوط الدولية التي ستتولد لإعتقاله. وهذه العملية ستكون لها تداعيات مهمة على الشارع السياسي الاسرائيلي اليميني، ومن أهمها:
1- فسح المجال والفرص لقادة جدد في الليكود الاسرائيلي لم يكونوا متورطين في حرب غزة- للوصول الى الحكم بدلا من أشخاص مطلوبين للعدالة الدولية.
2- توسيع دائرة الملاحقة القضائية لقادة في الجيش الاسرائيلي مثل رئيس هيئة الأركان هاليفي وغيره من القادة الميدانيين، والذين سيخشون من فتح ملفات الابادة الجاعية في القطاع التي تحمل بصمات جرائمهم.
3- فتح المجال للدبلوماسية القضائية الدولية لتشكيل محكمة خاصة لجرائم الحرب في قطاع غزة تماماً كما حدث في حرب البوسنة والهرسك، وفي الحرب العالمية الثانية في محاكمة النازيين، بحيث تتولى هذه المحكمة جمع الشهادات الحية، واعتقال وملاحقة ضباط الجيش الاسرائيلي الذين شاركوا في الابادة الجماعية في القطاع.
وفي النتيحة، يمكننا القول بأن قرار الجنايات الدولية بجلب نتنياهو وغالانت للمحاكمة الدولية لن يمر مرور الكرام، وبالعكس، سيكون له تداعيات مهمة ومؤثرة. انه بالفعل أول انتصار لدماء الابرياء الذين سقطوا شهداء في القطاع، ولن يكون أخر انتصار لهم.