وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كيف وصلنا إلى هنا؟ عن لبنان أتحدث

نشر بتاريخ: 02/12/2024 ( آخر تحديث: 02/12/2024 الساعة: 22:37 )
كيف وصلنا إلى هنا؟ عن لبنان أتحدث

وأخيرا، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال وحزب الله حيز التنفيذ.

الاتفاق هش، إذ بدأت القوات الإسرائيلية في خرقه ومن اليوم الأول، لكنه رغم ذلك يسير حتى كتابة هذه السطور.
الاتفاق تم رغم الحديث عن بنود سرية بين واشنطن وتل أبيب. بنود الاتفاق بين الطرفين الأساسيين، أي لبنان وإسرائيل لم تنشر حتى الآن، وكل ما نسمعه تسريبات.
لنعد إلى البداية.
كان الأمين العام الراحل لحزب الله، حسن نصر الله، يصر على أن جبهة إسناد لبنان لن تتوقف إلا عندما تتوقف الحرب على غزة.
حسابات حزب الله في بداية جبهة إسناد غزة لم تذهب بعيدا، كما اعتقد أن إسرائيل لن تغامر بفتح جبهة أخرى وستبقي المواجهات في المنطقة الحدودية، وبدا أن الطرفين غير معنيين بتصعيد المواجهة خارج المنطقة الحدودية، وبالفعل كان هذا التقدير صحيحا لكن لفترة محدودة فقط.
حسابات إسرائيل اختلفت. كانت ترى في الجبهة الشمالية فرصة للنيل من عدوها اللدود، ولم تبدأ العدوان على لبنان إلا بعد مرور عام تقريبا على العدوان على غزة، وتحديدا بعد أن تراجعت حدة المعارك هناك.
وضعت إسرائيل هدفا جديدا للحرب على غزة في منتصف سبتمبر الماضي وهو إعادة سكان مستوطنات الشمال إلى منازلهم، ومن المؤكد أنه كانت هناك أهداف أخرى سرية. تحدث نتنياهو عن الهدف في بداية الحرب على لبنان هو إعادة سكان مستوطنات الشمال إلى منازلهم، فهل من المعقول أن يطلق حربا تزيد عدد المستوطنين النازحين ورقعة النزوح حتى حيفا وما بعدها؟
لو عدنا إلى الوراء قليلا، في عام 1982، فقد أطلقت قوات الاحتلال عملية "سلامة الجليل" بهدف معلن هو إبعاد نيران الفدائيين الفلسطينيين عن المستوطنات الشمالية، لكن تبين بعد حين أن أهداف الحرب كانت أبعد من ذلك بكثير.
مثلا، نشر المؤرخ الإسرائيلي يغآل كيبنيتس كتاباً بعنوان "1982.. في الطريق إلى حرب لبنان"، كتب فيه أن الأهداف الحقيقية لتلك الحرب: القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية عسكريا وسياسيا وقتل قائدها ياسر عرفات، وإخراج السوريين من لبنان، وضمان قيام نظام موال في لبنان.
وبالمثل، لم يكشف نتنياهو علنا عن الأهداف الحقيقية للحرب، غير أنه كرر عبارة "نعمل على تغيير الشرق الأوسط"، ربما تكون هذه الجملة مفيدة في فهم ما يريده.
من المرجح أن الأهداف في حرب الشمال كانت تدمير حزب الله كليا والقضاء على قدراته، التي طالما تحدث عنها لسنوات، وربما إضعافه سياسيا.
والأهداف هذه بالطبع لم تحقق حسبما يبدو حتى الآن.
لم يذهب نتنياهو في إعلان أهدافه كما فعل وزير دفاعه "المستجد"، كاتس، الذي حدد هدف الحرب بنزع سلاح حزب الله على نحو تام، وتداول رواد مواقع التواصل شريط فيديو للتندر عندما تحدثت لغة جسد رئيس الأركان عن اندهاشه إزاء هذا الكلام.
نتنياهو لم يعلن الأهداف الحقيقية، خشية السقوط المدوي في حال عدم تحقيقها أو حتى لا يكشف تكتيكاته أمام حزب الله.
إذن، انتهت جبهة الإسناد في لبنان دون أن تنتهي الحرب على غزة، كما قال حزب الله في البداية، وهذا يعني تراجعا في موقف حزب الله.
وبدأت ملامح هذا التراجع منذ فترة عندما تجاهل قادته، والأسباب عديدة، ولا سيما أن الحرب خلال الشهرين الماضيين خلقت واقعا جديدا للحزب من اغتيال قادته إلى قصف مواقع إلى أزمة النزوح، وهو ما يتجاوز فكرة جبهة الإسناد التي أطلقها في البداية.
لكن في المقابل، بقي حزب الله محتفظ بسلاحه ولم ينزع منه.
ويفهم من بيان حزب الله الأخير، مساء الأربعاء، أن مقاتليه لا يزالون على الحدود ولم ينسحبوا إلى وراء الليطاني "فأعينهم (مقاتلو الحزب) ستبقى تتابع تحركات العدو وانسحاباته إلى خلف الحدود"، لذلك نقول إن الاتفاق هش.
بالنسبة إلى دولة الاحتلال، كان حزب الله هو التهديد الأبرز، على مدار السنوات الماضية بما يفوق قطاع غزة، على الأقل هذا ما يقولونه في العلن.
وعندما يتحدثون عن مصادر تهديد، فإنهم يكرسون الجهود لمواجهتها، كما بدا من مناورات عديدة على الحدود الشمالية حملت اسم "نقطة تحول" منذ حرب عام 2006.
وكما قال رئيس جهاز الموساد الأسبق، إفرايم هاليفي، فإن جهازه يكرس موارد هائلة لمواجهة التهديدات، وظهر هذا في العمليات الاستخبارية الكثيرة التي شنتها إسرائيل في سبتمبر الماضي. تظهر هذه العلميات بلا ريب أن جهودا استخبارية هائلة بذلت على مدار سنوات وربما عقود.
يقول دبلوماسي أمريكي سابق إن الإسرائيليين لا يرغبون بالتفاوض أبدا، وكل ما يريدونه إملاء شروطهم، لكن في حال أخفقوا يظهر الوسيط الأمريكي، كما في حالة لبنان، إذ أخذ ينشط بقوة بعد أن بدى واضحا أن الإسرائيليين غير قادرين على فرض شروطهم.