|
ارث الواقع العربي بين الأنظمة الاستبدادية وتمدد المشاريع الخارجية، الحاجة إلى تيار تقدمي ديمقراطي جامع
نشر بتاريخ: 12/12/2024 ( آخر تحديث: 12/12/2024 الساعة: 13:28 )
ما تعيشه سوريا اليوم كنموذج عربي هو انعكاس لتعقيدات داخلية مجتمعية وإقليمية ودولية ليست وليدة الساعة . فمن جهة، ترك النظام الوراثي للأسد الأب والأبن إرثا ثقيلا من القمع والفساد والانغلاق السياسي في ظروف عربية معقدة لم يترك الإستعمار فيها مجالا للاستقرار على مدى قرن من الزمن حتى اليوم ، فَسادَ الظلم فيها وكما في غيرها من الدول العربية وانعدمت العدالة بمساهمة منا نحن حتى اوصلنا أنفسنا لما نحن عليه من حال اليوم دون اي سعي لمواجهة ذلك بشكل جاد لغياب رؤية او ارادة ، تعرض اصحابها في حال وجودها الى الظلم ودفع الثمن فكانوا نموذج تجربة قاسية في بلاد العرب التي يفترض ان تكون اوطاننا . ومن جهة أخرى ، فقد استغلت قوى ما تسمي نفسها بالإسلام السياسي هذا الفراغ بنتيجة واقع هذه الأنطمة وممارساتها لتقديم نفسها كبديل يقود "ثورة تصحيح" بينما كانت هي الاخرى في الواقع أداة لتحقيق أجندات خارجية قد مارست ما هو أبشع من ذلك عبر تاريخها وتراثها ومفاهيمها التي لا تقبل الآخر وتعمل بقوة الشد العكسي الحضاري والاجتماعية . على الصعيد الأوسع ، فإن ما يحدث في سوريا كنموذج ليس منعزلا عن سياق طبيعة المجتمعات العربية التي عانت وما زالت تعاني من دور تفسيرات الدين والمتاجرة به وغياب الديمقراطية والتعددية والتراجع السياسي ، اضافة الى ما ساهم به تراجع دور الأحزاب القومية النهضوية واليسارية والتقدمية التي تركت ولاعتبارات مختلفة الساحة فارغة أمام صعود الإسلاموية السياسية في مجتمعاتنا ، والتي تعمل وفق مشروع عالمي تتبناه جماعة الإخوان المسلمين . هذا المشروع ، الذي بدأ بخدمة الاستعمار البريطاني، بات اليوم أداة أميركية لتعزيز الهيمنة في المنطقة وفرض التقسيمات الجيوسياسية التي خطط لها منذ سبعينات القرن الماضي ولاحقا بعد التحولات بالنظام العالمي تخدم اهداف مصالحها ورؤيتها الإستراتيجية في خدمة الحركة الصهيونية العالمية وتحالفاتها . -- إرث نظام الأسد الأب والأبن ، قمع الحوار والتعددية. -- صعود الإسلاموية السياسية ، مشروع خارجي بأدوات محلية او عابرة للدول . بالاعتماد على الفكر التكفيري والدعم الخارجي ، فقد استقدمت هذه الحركات مقاتلين مرتزقة أجانب من القوقاز، الباكستان ، أفغانستان، جمهوريات روسيا، وتركيا، مما عزز صورتها كمشروع عابر للحدود يفتقر إلى الرؤية الوطنية بل وإلى إفشال الحركات الوطنية العربية . واليوم إذا أرادت هذه الحركات أن تكون جزءًا من الحل، فعليها ان تتوقف عن كونها جزء من المشكلة المتصاعدة وان تتبنى خطاب وطني يعترف بالتعددية وقبول الاخر وبالقيم الديمقراطية ولطبيعة الدولة المدنية ، ووقف استيراد المقاتلين، والابتعاد عن الإرهاب والتكفير ، والعمل من أجل المصلحة الوطنية للمجتمع والدولة لكي تكون فعلا جزء من النسيج الاجتماعي ، الأمر الذي اشك بحدوثه . -- أزمة الأحزاب القومية واليسارية والشيوعية، دروس من الماضي. هذا الفراغ في الساحة السياسية العربية ترك المجال مفتوحا أمام الإسلاموية السياسية لتقديم نفسها كبديل، رغم افتقارها إلى مشروع وطني حقيقي، واعتمادها على أجندات خارجية كانت ترى فيها وما زالت قندهار وكابول بأهمية اكبر من القدس . -- التدخلات الخارجية وإسرائيل . -- نحو مشروع وطني ديمقراطي بديل . هذا التيار لا يجب أن تقتصر مهامه ورؤيته على العمل من اجل الحريات والتعددية السياسية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والدولة المدنية على اهمية ذلك ، بل لوضع رؤية تقترن ببرنامج وأدوات عمل من اجل هزيمة المشروع الصهيوني الاستيطاني ، الذي يسعى لفرض مشروع "إسرائيل الكبرى" على المنطقة ، مستغلا حالة الانقسام والتفكك وصراع اللاعبين الكبار بالمنطقة . |