وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هل تعرف ديوان الجريدة الرسمية ؟

نشر بتاريخ: 18/12/2024 ( آخر تحديث: 18/12/2024 الساعة: 18:03 )
هل تعرف ديوان الجريدة الرسمية ؟

رام الله - معا- هل تساءلت يومًا كيف تصبح القوانين التي تحكم حياتنا اليومية نافذة وملزمة؟ من أين تأتي التشريعات التي تحدد حقوقنا وواجباتنا؟ في قلب هذا المشهد القانوني يقف ديوان الجريدة الرسمية، بوابة العلن لكل قرار يصدر، ولكل قانون يُعتمد، إنه الخيط الأول الذي يربط بين ما يُناقش في أروقة الحكومة وما يصل إلى المواطن، لكن هل نعرف حقًا كيف يعمل هذا الديوان وما يواجهه من تحديات في نشر المعلومات بشفافية؟

ديوان الجريدة الرسمية ليس مجرد أرشيف للوثائق؛ إنه سلاح لضمان الشفافية، أداة تحمي حق المعرفة، ومؤشر على مدى التزام المؤسسات بالانفتاح على المجتمع، لكن في ظل التحولات السياسية والضغوط الإدارية، هل يظل الديوان قادرًا على مواكبة كل المستجدات؟ وهل تصل المعلومة حقًا إلى كل مواطن قبل أن تفوته الفرصة لفهم أو الاعتراض؟

في هذا التقرير سنذهب إلى ما وراء الكواليس، ليكشف عن دور ديوان الجريدة الرسمية، يسلط الضوء على التحديات التي تعترض طريقه، ويطرح تساؤلات مهمة: هل يجد المواطن الفلسطيني في هذه الجريدة الرسمية شريكًا موثوقًا في متابعة حقوقه ومستقبله.

ديوان الجريدة الرسمية ما بين الأهمية والتطبيق

.ديوان الجريدة الرسمية في فلسطين هو مؤسسة حيوية تسهم في دعم العملية التشريعية وتعزيز الشفافية القانونية. تم تأسيس الديوان بموجب القرار بقانون رقم (33) لعام 2022، ليحل محل ديوان الفتوى والتشريع، ويختص بنشر القوانين والأنظمة والقرارات الرسمية في "الوقائع الفلسطينية"، التي تُعد المرجع الرسمي لتلك الوثائق القانونية.

تلعب الجريدة الرسمية دورًا جوهريًا في تمكين المجتمع الفلسطيني من الوصول إلى التشريعات بسهولة، سواء عبر النشر الورقي أو الرقمي. يتضمن ذلك إصدار الأعداد العادية والممتازة التي تشمل القوانين الجديدة، الأحكام الدستورية، والإعلانات الحكومية، إلى جانب تطوير مراجع إلكترونية توفر قاعدة بيانات شاملة للتشريعات المنشورة.

رئيسة الديوان ريم أبو الرب أكدت في مناسبات مختلفة على أن المؤسسة تهدف إلى تعزيز سيادة القانون من خلال تقديم خدمات قانونية دقيقة ومحايدة للمواطنين والمؤسسات. كما شددت على أهمية الشراكات مع منظمات دولية، مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، لدعم جودة الأداء وتعزيز الانسجام التشريعي مع القوانين الدولية، بهذا الدور، يسعى الديوان إلى تقديم خدمات قانونية عالية الجودة، مع العمل على تطوير القدرات البشرية والمعلوماتية بما يعزز دوره كمحور رئيسي في النظام القانوني الفلسطيني. للاطلاع على ديوان الجريدة الرسمية https://ogb.gov.ps/ar .

ووفقا للهدف الأساسي الذي من اجله تم انشاء هذا الديوان ، فيُعد ديوان الجريدة الرسمية في فلسطين مرآة تعكس تطور العمل القانوني والتشريعي في الدولة، وأداة أساسية لضمان الشفافية وتعزيز مبدأ سيادة القانون، منذ تأسيسه، يلعب الديوان دورًا محوريًا في نشر القوانين والأنظمة والقرارات الحكومية، مما يضمن إطلاع المواطنين على التشريعات الصادرة حديثًا ويسهم في تعزيز الثقة بين الحكومة والمجتمع.

ويمثل هذا الديوان قناة مباشرة بين السلطات وصنّاع القرار من جهة، والجمهور ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى، حيث يضمن إتاحة المعلومات المتعلقة بالتشريعات أمام الجميع، وفقًا لأعلى معايير الشفافية والمصداقية. في ظل التغيرات المستمرة والتحديات المتعددة التي تواجهها فلسطين، تبرز أهمية الجريدة الرسمية كأرشيف وطني يوثّق كل ما يصدر عن الجهات الرسمية، مما يسهم في حماية حقوق الأفراد والمؤسسات وضمان الالتزام بالإجراءات القانونية في مختلف القطاعات،

ديوان الجريدة الرسمية وتعزيز البنية القانونية للدولة

من جانبها، قالت رئيس ديوان الجريدة الرسمية ريم أبو الرب، ان الديوان يأتي بالأساس لخدمة المجتمع الفلسطيني ضمن السياسات والأولويات الوطنية بهدف التميز بالأداء وتقديم الخدمات للمواطن الفلسطيني بكفاءة وفاعلية، موضحة "ان المساهمة في تعزيز البنية القانونية للدولة من أهم الأهداف الاستراتيجية التي نعمل بكل جهد لتحقيقها من خلال نشر تشريعات تلبي احتياجات المجتمع وتواكب المتغيرات وتستشرف المستقبل، إضافة إلى المهام والاختصاصات الأخرى المقرة قانوناً، ولعل من أهمها إعداد الأبحاث والدراسات القانونية المتخصصة التي تخدم فئات متنوعة من المجتمع واعتبارها بحوث تنموية تخصصية ووضعها أمام صانعي القرار في الدولة لاتخاذ القرارات اللازمة لدعم المجتمع الفلسطيني، وكذلك تحديث المرجع الإلكتروني للجريدة الرسمية بما يعزز وصول كافة فئات المجتمع للمعلومة القانونية، ولكون الموقع الإلكتروني للديوان هو أحد وسائل الاتصال والتواصل نعمل على تحديثه وتغذيته بشكل دائم ومستمر ليلبي احتياجات الكافة".

وحول الاهمية الشراكات قالت أبو الرب، "إننا في ديوان الجريدة الرسمية نؤمن بالشراكة ونعمل لبناء شبكة من العلاقات المحلية والدولية والتنسيق والتعاون مع كافة الجهات الشريكة لتحقيق أهدافه وتطوير أداءه بالاطلاع على التجارب الإقليمية والدولية بما يخدم المجتمع الفلسطيني".

وأشارت أبو الرب، ان العمل يجري دائما لتحقيق الرسالة الأهداف الاستراتيجية في استثمار وتطوير المورد البشرية كأحد اهم أعمدة الديوان وتطوير قدراته باعتباره المفكر والقادر على الابداع والتجديد بما يعزز البناء المؤسسي للديوان.

وعن مهام الديوان اشارت أبو الرب، ان المهام بالأساس تشمل، دراسة التشريعات:حيث، يقوم الديوان بدراسة المشاريع التشريعية المحالة إليه ويقترح التعديلات اللازمة عليها قبل النشر، مما يضمن توافقها مع القوانين الفلسطينية، كما إصدار النشرات:، يعد الديوان الأعداد العادية والممتازة للجريدة الرسمية، سواء كانت ورقية أو إلكترونية، ويعمل على نشرها في مواعيد محددة، وأيضا من المهام تطوير المراجع الإلكترونية: يسعى الديوان لتحديث وتحسين المراجع الإلكترونية الخاصة بالتشريعات الفلسطينية، لتسهيل الوصول إليها من قبل المواطنين والجهات الرسمية.

واضافت أبو الرب، رئيسة الديوان، إلى أن "نشر القوانين بشكل دوري يسهم في رفع مستوى الوعي القانوني لدى المواطنين ويعزز ثقافة الالتزام بالقانون". كما أكدت موظفة أخرى على أهمية الديوان قائلة: "من خلال عملنا، نرى كيف أن الشفافية في نشر المعلومات تعزز الثقة بين الحكومة والمواطنين".

من جانبها الإدارة العامة للجريدة الرسمية أوضحت في تصريح لها ، ان التشريعات يتم احالتها اليهم من الجهة التي أصدرته للنشر ويتم تدقيقه قانونيا ومن ثم نشره عند الجريدة الرسمية، تفاصيل اكثر في الفيديو التالي https://www.ogb.gov.ps/ar

أداء الديوان على ارض الواقع وردود الفعل

ووفقا للمعطيات على ارض الواقع من خلال التصريحات الرسمية، يبدو أن هناك إشادة بجهود الديوان من خلال التقارير الرسمية، على سبيل المثال، ركّزت التقارير السنوية المقدمة إلى الرئيس محمود عباس على إنجازات الديوان، مثل تطوير قاعدة بيانات قانونية متاحة للمواطنين وإصدار أعداد الجريدة بانتظام بصيغ ورقية وإلكترونية، مما يسهل الوصول إلى التشريعات والقرارات الرسمية بشكل شفاف لكل المواطنين، إضافة إلى ذلك، يساهم الديوان في صياغة التشريعات وتقديم مقترحات لتحسينها بالتنسيق مع الجهات الحكومية، حيث يتم العمل على نشر القرارات والقوانين بما يعزز سيادة القانون والشفافية القانونية في المجتمع الفلسطيني.

من جانبة المستشار شرحبيل الزعيم وزير العدل، ثمن الجهود الذي يبذلها ديوان الجريدة الرسمية في دولة فلسطين في نشر ومراجعة كافة القوانين والتشريعات التي تصدر، مؤكدا العلاقة بين وزارة العدل والديوان في سبل تنمية آفاق التعاون بين وزارة العدل وديوان الجريدة الرسمية خاصة فيما يتعلق بنشر الاتفاقيات والقوانين والتشريعات ، مشيرا الى ضرورة الاستمرار في التكامل في عمل وزارة العدل وديوان الجريدة الرسمية وذلك بما يخدم المواطن وقطاع العدالة في دولة فلسطين.


ومن جهة أخرى وبما يخص تصريحات وردود أفعال بعض مؤسسات المجتمع المدني ، فهناك تفاعل من مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين بخصوص فعالية ونشر التشريعات عبر ديوان الجريدة الرسمية، ففي بعض اللقاءات التشاورية التي نظمها الديوان، تم التعاون مع منظمات مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) لتعزيز آليات نشر المعرفة القانونية واستهداف الفئات المهمشة، هذه اللقاءات تهدف إلى تحسين الشفافية والشراكة بين الديوان ومؤسسات المجتمع المدني لضمان وصول أوسع وأفضل للمعلومات القانونية وتطوير السياسات المتعلقة بها بشكل تشاركي.

لكن هناك انتقادات أخرى متعلقة بنشر القوانين عبر الجريدة الرسمية، خاصة فيما يتعلق ببعض التشريعات التي اعتبرتها مؤسسات المجتمع المدني تقييدية، على سبيل المثال، انتقدت بعض المؤسسات نشر تعديلات على قانون الجمعيات والهيئات الأهلية، معتبرة أن هذه التعديلات تحد من استقلالية المؤسسات وتضعها تحت سيطرة أكبر للوزارات، مما يؤثر سلباً على دورها الرقابي وحريتها في العمل الأهلي، فيما أشارت هذه المؤسسات إلى أن بعض التشريعات صيغت بسرية، مما أثار تساؤلات حول الشفافية في إصدار القوانين ونشرها عبر الجريدة الرسمية.

هذا التباين في الآراء يعكس تحديات متعلقة بكيفية تفعيل دور الجريدة الرسمية في نشر التشريعات بطريقة تعزز الشفافية وتدعم استقلالية المجتمع المدني، مع الحفاظ على مبدأ الوصول المفتوح إلى المعلومات القانونية للجمهور العام.

من جانبة نقيب المحامين المحامي فادي عباس اكد ان العلاقة التي تجمع النقابة ودبوان الجريدة الرسمية هامه جدا، مؤكدا حرص النقابة على ديمومة هذه العلاقة في سياق خدمة الحالة الحقوقية بشكل عام والمحامين والقانونيين بشكل خاص، مشيدا بالدور الذي يلعبه الديوان في سياق تعزيز البيئة القانونية لا سيما في سياق الصياغة التشريعية.

من جهة أخرى، هناك مطالبات مستمرة من المجتمع المدني، مثل مؤسسة "أمان"، لتعزيز الشفافية وضمان توفير الوصول المفتوح للمعلومات القانونية عبر تحديث مستمر للبوابة الإلكترونية للجريدة الرسمية، بما يلبي احتياجات المواطنين والمؤسسات على حد سواء.

وبالحديث عن ردود الأفعال الباحث مؤيد عفانه من مؤسسة مفتاح قال لـ معا: "من منظوري كباحث في الشأن العام؛ فإن الجريدة الرسمية والتي تصدر عن الديوان تعتبر مرجع رئيس لي؛ وللباحثين في تتبع التشريعات الفلسطينية المقرة من مصدر رسمي وموثوق؛ ومواكبة المستجدات التشريعية، فموقع الديوان متاح للعموم؛ ويوجد تحديث دوري للجريدة".

وأضاف: "نأمل أن يتم تطوير الموقع من خلال تقنيات اضافية وبرمجيات لتسهيل عمليات البحث والربط بين التشريعات من خلال قاعدة بيانات تفاعلي".