وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

واقع المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة

نشر بتاريخ: 18/12/2024 ( آخر تحديث: 18/12/2024 الساعة: 18:24 )
واقع المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة

رام الله – معا- يواجه القطاع الصحي الفلسطيني تحديات كبيرة تؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة. في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تحسين البنية التحتية للمستشفيات وتعزيز قدرة النظام الصحي على مواجهة الأزمات، يظل الواقع الطبي في المستشفيات الفلسطينية في كلا الجانبين مقلقًا.


في هذا التقرير، نستعرض شهادات من شخصيات رسمية، وأطباء مختصين حول الأوضاع الصحية في فلسطين، مسلطين الضوء على أبرز التحديات والحلول المقترحة.

التحديات الرئيسية في المستشفيات الفلسطينية

قال رئيس الوزراء د. محمد مصطفى خلال ترأسه اجتماعًا لبحث توطين الخدمات الصحية: "إن تطوير القطاع الصحي في فلسطين وبناء نظام متكامل ومستدام يشكل أولوية لدى الحكومة، فمن الضروري تطوير نظام التحويلات الطبية ليكون نموذجيًا وشفافًا."


وأشار إلى توقيع الحكومة على عدة اتفاقيات مع جهات دولية خاصة بهذا الشأن، موضحًا أنه جارٍ العمل على مراجعة وتطوير نظام التأمين الصحي.

واقع المستشفيات في الضفة

وعن واقع المستشفيات في الضفة، قال وزير الصحة د. ماجد أبو رمضان: "إن السياسة الإسرائيلية واحدة، سواء في الضفة أو غزة، وتهدف لتدمير المحتوى الصحي، لأنه الأساس في إبقاء الإنسان على قيد الحياة، حيث شهدت مستشفيات الضفة في الآونة الأخيرة العديد من الانتهاكات، منها منع وصول المرضى إليها، وقطع الكهرباء، وتواجد جيش الاحتلال في محيط المستشفيات، ومحاصرة سيارات الإسعاف واعتقال الجرحى، أدى ذلك إلى عدم الاستقرار داخل المستشفيات، مما يهدد عملها ويشكل خطرًا على كل من هو بداخلها.

التدخلات في مستشفيات الضفة بلغة الأرقام

أصدرت وزارة الصحة إحصائيات تفيد بأن مستشفياتها في الضفة الغربية أجرت خلال الأشهر الثمانية الماضية أكثر من 40 ألف عملية جراحية، فيما استقبلت أكثر من مليون و50 ألف مراجعة في مختلف العيادات الخارجية والطوارئ.
وأضافت الوزارة في بيان صحفي، أن عيادات الرعاية الصحية الأولية استقبلت أكثر من مليون و200 ألف مراجعة في عيادات الطب العام، وأكثر من 270 ألف مراجعة في عيادات الاختصاص حتى الأشهر التسعة الأولى من هذا العام.


وعلى صعيد المستفيدين من خدمات مراكز الأمومة والأطفال، فقد بلغت عدد زيارات الأمهات أكثر من 62 ألف زيارة، و48 ألف زيارة لأمهات ما بعد الولادة، وأكثر من 360 ألف زيارة لأطفال أقل من 3 سنوات للفحص.


وفرت الوزارة منذ بداية العام الحالي أكثر من 80 ألف تحويلة طبية لعلاجات لا تتوفر حاليًا في مرافقها أو تحويلات لأبناء شعبنا من قطاع غزة نحو الخارج. إذ وفرت وزارة الصحة خلال العام الماضي أكثر من 4800 تحويلة طبية لأبناء شعبنا من القطاع للعلاج في الخارج، نصف هذه التحويلات إلى جمهورية مصر العربية، والباقي إلى الضفة الغربية بما فيها القدس، وأراضي الـ48 والأردن.


ورغم الأزمة المالية، عملت وزارة الصحة على توفير ما أمكن من الأدوية لمرافقها بقيمة 290 مليون شيقل منذ بداية العام الجاري حتى نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر. كما سعت الحكومة لسداد حوالي 330 مليون شيقل من الديون المتراكمة على وزارة الصحة للموردين.
ومراعاةً للأحوال الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها أبناء شعبنا، فقد عملت وزارة الصحة وبتوجيهات من الحكومة على زيادة قاعدة المستفيدين من التأمين الصحي وإدخال أكثر من 115 ألف مستفيد، بمن فيهم آلاف من عمال الداخل. وبذلك، يبلغ عدد المستفيدين الكلي من التأمين الصحي الحكومي أكثر من مليون و400 ألف مستفيد.

فيديو للاطلاع على تدخلات وزراة الصحة في مستشفيات الضفة

https://www.facebook.com/watch?v=1306645687003489

الخطط المستقبلية والحلول المتوفرة لمستشفيات الضفة

قال وزير الصحة د. أبو رمضان: "هنالك خطة لوزارة الصحة من أجل تعويض النقص في الأسرّة في المستشفيات في الضفة، وتحديدًا في منطقة الشمال."


وأشار إلى أنه جاري العمل على إقامة مستشفى جديد، وهو "المستشفى الهندي" في جنين، وهو موقع استراتيجي سهل الوصول إليه من ثلاث محافظات، بمساحة كبيرة تصل إلى 20 دونمًا، وبتكلفة وصلت إلى 29 مليون دولار بدعم من دولة الهند. وأوضح أن العمل فيه سيبدأ في أقرب وقت.


كما تحدث أبو رمضان عن الخطط البديلة لزيادة عدد الأسرّة، حيث جاري العمل على استكمال بناء مستشفى عتيل بهدف زيادة كفاءة عمل المستشفى، ورفد المستشفيات في الشمال.


وعن الخطط المستقبلية في كل محافظة، أكد أبو رمضان أن كل محافظة لها خطة خاصة بها، ضاربًا مثلًا على محافظة الخليل، التي تعد من أفضل المحافظات من حيث توفر الأسرّة. حيث يوجد بها 3 مستشفيات خاصة و3 مستشفيات أهلية، ويجري العمل على التوطين والتكامل بما يخص تقديم الخدمات، بحيث يتعاون الجميع معًا بأسلوب شراكة بين القطاع الخاص والعام.

جودة الخدمات المقدمة في المستشفيات الفلسطينية

قال وزير الصحة: "في الوقت الذي تعمل فيه وزارة الصحة الفلسطينية في ظروف استثنائية جراء العدوان المستمر من الاحتلال على المحافظات الجنوبية والشمالية، فإننا نؤكد التزامنا بتطوير جودة الخدمات الصحية المقدمة لأبناء شعبنا."


وأكد الوزير: "نحن لا نتجاهل جودة الخدمات المقدمة، رغم كل التحديات الكبيرة التي نواجهها، مشيرًا إلى أن تقديم الخدمات الأساسية يعد مطلبًا أساسيًا، ويجب ألا نغفل عن أن هذه الخدمات يجب أن تليق بفلسطين وتضحيات شعبها."


وأوضح أن الاهتمام بالجودة أمر بالغ الأهمية، ويجب أن يترافق مع تقديم الخدمات. كما أشار إلى أهمية توطين الخدمات الصحية في جميع المستشفيات، موضحًا أن العمل جارٍ على إنشاء شبكات تعاون واسعة بين القطاعين الخاص والعام بهدف تحسين وتطوير الخدمات الطبية وهيئات الصحة المحلية ومراكز خدمات الرعاية الصحية الأولية المختلفة.

واقع الحال في مستشفيات قطاع غزة

أما بالنسبة لمستشفيات قطاع غزة، قال وزير الصحة ماجد أبو رمضان انه ومنذ عام 1994، كانت وزارة الصحة متواجدة في قطاع غزة وتعمل بشكل مستمر على الأرض، وتقوم بكافة مهامها، مشيرا "بعد الأحداث الأخيرة، استمرت الوزارة في تقديم خدماتها قدر المستطاع، رغم الصعوبات الكبيرة التي فرضها الاحتلال، بما في ذلك محاولاته فصل الضفة عن غزة وصعوبة إيصال المساعدات الطبية."وأوضح أبو رمضان أنه تم الاعتماد على الشركاء من المؤسسات العالمية والإقليمية من أجل إدخال المساعدات الطبية اللازمة.

وعن حال المستشفيات في قطاع غزة، قال انه أبو رمضان وللأسف ان معظم المستشفيات طالها الدمار سواء بشكل كامل او جزئي، مشيرا ان المحاولات مستمرة ولم تتوقف بإعادة بناء المستشفيات واستمرار عملها،

من جانبه، قال مدير مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، حسام أبو صفية: "إن مستشفيات القطاع مهددة بالخروج عن الخدمة نتيجة نفاد الوقود ومنع إسرائيل إدخاله."


وأوضح أبو صفية أن الوضع كارثي في المستشفى بالإضافة لباقي المستشفيات، ما يضعهم أمام كارثة حقيقية تواجه المرضى والجرحى في قسم العناية المركزة، الذين يعتمدون على أجهزة التنفس الاصطناعي التي تعمل على الكهرباء.


ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث بدأت حرب الإبادة الجماعية، دمرت إسرائيل 23 مستشفى من أصل 38، بما في ذلك مستشفيات حكومية وأهلية، تاركة 15 مستشفى فقط تعمل بقدرة محدودة وتحت ظروف قاسية رغم تضررها، وسط نقص حاد بالأدوية والمعدات الطبية.

فايروس شلل الأطفال وعودته الى غزة

في هذا السياق وعن فايروس شلل الأطفال في قطاع غزة قال أبو رمضان، انه وبعد 40 عامًا من خلو فلسطين من مرض شلل الأطفال، عاد هذا المرض للانتشار في قطاع غزة بفعل ممارسات الاحتلال، ليصيب أطفال فلسطين مجددًا في القطاع، مما يمثل تراجعًا كبيرًا في الإنجاز الصحي الذي تحقق على مدار عقود.

وفي هذا الموضوع تحديدا، وحول جهود الوزارة بمحاولة انقاذ أطفال قطاع غزة، أطلقت وزارة الصحة في الأول من أيلول/سبتمبر الجاري، حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في المحافظات الجنوبية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وذلك بعد أن سُجلت أول إصابة مؤكدة بالمرض لرضيع يبلغ من العمر 10 أشهر في مدينة دير البلح وسط القطاع، لم يتلقَّ أي جرعة تطعيم.

وقال وزير الصحة إن نحو 190 ألف طفل تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح ضد مرض شلل الأطفال في المحافظة الوسطى في قطاع غزة، موضحا أن العدد أقل من المطلوب.

وبين أبو رمضان في مقابلة خاصة مع وكالة "وفا" أن الحملة تستهدف تطعيم 640 ألف طفل في القطاع، حيث بدأت في المحافظة الوسطى لمدة أربعة أيام، وتنتقل إلى محافظة خان يونس وجنوب القطاع لمدة أربعة أيام أخرى، قبل أن تصل إلى محافظتي غزة وشمال غزة، مشيرا إلى أن الوزارة كانت تسعى إلى الوصول إلى 220 ألف طفل على الأقل في المحافظة الوسطى التي يتركز فيها العدد الأكبر من المواطنين والنازحين حاليا.

وأكد وزير الصحة أن "الهدف هو أن نصل إلى أكثر من 95% من الأطفال من عمر يوم واحد إلى 10 أعوام، لأن بقاء 10% من الأطفال دون تطعيم يشكّل خطورة في انتشار الفيروس مرة أخرى"، قائلا "نريد التخلص من فيروس شلل الأطفال لأن كل طفل فلسطيني يصاب بالشلل هو مأساة".

عن الواقع على الأرض، وصفت منظمة أطباء بلا حدود الواقع الصحي في قطاع غزة بأنه "مأساوي للغاية"، مشيرة إلى أن تحسين هذا الوضع يتطلب وقفًا فوريًا ومستدامًا لإطلاق النار وفتح المعابر.

وقال مدير الأنشطة الطبية في المنظمة، د. أحمد أبو وردة، إن المستشفيات العاملة في جنوب القطاع قليلة جدًا، ومعظمها يعمل جزئيًا.

وأضاف "مستشفى ناصر في خان يونس يعمل حاليًا بشكل كامل، ولكن فوق طاقتها الاستيعابية بكثير. أغلب أقسام المبيت فيها تستقبل مرضى بأكثر من 150% من طاقتها، مما يؤثر سلبًا على الموارد والعاملين الصحيين."

وأشار د. أبو وردة إلى أن المستشفيات الميدانية تعد دعمًا للمستشفيات الرئيسية، ولا يمكن أن تحل محلها في تقديم الرعاية الطبية الشاملة.


وفي الختام، يشير التقرير إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، سواء من حيث العدوان المستمر أو نقص الإمكانيات. لكن الحكومة الفلسطينية تسعى، على الرغم من هذه الظروف الصعبة، إلى تحسين وتطوير الخدمات الصحية من خلال المشاريع والخطط المستقبلية التي تهدف إلى تعزيز القدرة الاستيعابية للمستشفيات وتطويرها لتلبية احتياجات المواطنين في كافة المناطق.