|
هل يكون الإسلام السياسي أداة للأستبداد وتمرير المشاريع الغربية بالمنطقة
نشر بتاريخ: 21/12/2024 ( آخر تحديث: 21/12/2024 الساعة: 08:48 )
-- الإسلام السياسي في سوريا ، أداة للتقسيم والتفكيك . الدور الأمريكي ومن خلال حلفائه ايضا الذي يسعى لاستدامة هيمنته الاحادية القطب كما والدور التركي الذي يسعى لإعادة فكر وتوسع السلطنة والإسرائيلي الذي يسعى للتوسع الاستيطاني وفق المشروع الصهيوني التوراتي ، كان واضحا في دعم هذه الجماعات منذ انشائها رغم اختلاف اهداف رعاية كل طرف منهم لها . ليس من أجل الديمقراطية وحقوق المواطن والعدالة ، بل لضمان إضعاف الدولة العراقية والسورية وتحويلهما إلى دويلات طائفية تسهل السيطرة عليها وتامين دور تلك الاطراف لتحقيق اجزاء من أهدافها . ورغم التحديات التي واجهها النظام السوري السابق وكما العراقي ، إلا أنه حافظ على وحدة الأراضي لما قبل ذلك بالمفهوم النسبي الممكن ومنع تقسيم المنطقة وتمرير مشاريع الاستسلام وإن كان بثمن باهظ تتضمن انتهاكات وأخطاء كان من الممكن تجاوزها وأهمها اشكال تغييب الديمقراطية تحت ستار قومية المعركة لضمان حكم الحزب الواحد ، كما جرى في اقطار عربية اخرى الى جانب دور امارات البترودولار الموالية تماما لأهداف تأسيسها والتي لا شأن لتقاليد ديمقراطية فيها من قريب او بعيد ، الا ان ذلك لا يعني السياسات الانتقائية الأمريكية طالما هذه الأنظمة تدور في فلكها وتخدم مصالحها الإقتصادية والسياسية في مواجهة قوى واقطاب دولية صاعدة . -- غزة ، الانقسام وأزمة المشروع الوطني . تحت شعارات مختلفة ترسّخت سلطة الإسلام السياسي في غزة خلال محاولات فرض مشروع الأمارة التي كانت ترى في قندهار ربما اكثر اهمية من القدس دون اكتراث لحقنا بالاستقلال الوطني ، رغم بعض جوانب الخلافات بين الوطني والأخواني الدولي في صفوفهم والتي ربما ما زالت قائمة حتى ما بعد سلسلة الاغتيالات التي تخلصت بها اسرائيل من ذوي العقلية الوطنية المقاومة بينهم وفي صفوف حزب الله ايضا لإعادة ترتيب موازين المنطقة بإنهاء فكر المقاومة باشكاله ، بعد ما كانت تعرضت له من ضرر بسمعة تفوق ردعها الذي مَنعت من استمراره من خلال توسيع جرائمها غير المسبوقة بالرد وحتى على حساب سمعتها الدولية لدى بعض المترددين من الدول ومثولها امام القضاء الدولي الذي لا تكترث له في ظل النظام الدولي القائم . لقد أعتمدت اسرائيل على استمرار ما كان قائما حتى السابع من أكتوبر الماضي على تعاون خارجي من قطر وتركيا رغم اختلاف توجهاتهم ومبررات دعمهم بخلفية الموافقة الأمريكية التي وجدت في استدامة هذا الانقسام مصلحة استراتيجية لأسرائيل ضمن حدود تفرضها هي وتتحكم بها . أدى حكم حماس إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في القطاع، في حين استمر الاحتلال في تنفيذ مخططات حصارها دون رادع وتوسيع الاستيطان والضم بالضفة الغربية واضعاف السلطة الوطنية وصولا لما نحن عليه اليوم . لقد أدى هذا الوضع الذي برز بدور حماس الذي لم يمثل علاقة لها بتاريخ ومستقبل الحركة الوطنية الفلسطينية منذ ان اعتدت على تراث ومقدرات الحركة الوطنية زمن الأحتلال في غزة . من جانب اخر الى تراكم اخطاء مَست بجوهر مفهوم مرحلة التحرر الوطني وشروط وقرارات اشكال المقاومة التي تناسب الظروف وهي بالطبع حق لكل شعب يخضع لاحتلال . كما وتجاوز نصوص وثيقة اعلان الإستقلال من تغييب للديمقراطية الانتخابية في وقت كان بالإمكان تنفيذها ، وعدم الجدية في تفعيل اشكال استنهاض المنظمة كمثل شرعي وحيد وبيت جامع للكل الوطني ، كما والمماطلة في تنفيذ مخرجات حوارات موسكو وبكين وما قبلها بتفاوت المسوؤلية عن ذلك ، إلى إضعاف المشروع الوطني الفلسطيني المتعلق بحق تقرير المصير اساسا واقامة الدولة ذات السيادة والمتواصلة جغرافيا وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين وفق القرار الأممي ، وخلق بيئة تُستغل فيها معاناة الفلسطينيين من خلال عدوان الاقتلاع والأبادة والتجويع والتهجير لتحقيق واقع جديد وفق مصالح المشروع الصهيوني في ظل تقديم وعود أمريكية إبتعدت عن الحقوق السياسية المشروعة لشعبنا اقتصرت على الابعاد الأمنية والإقتصادية وشكلت سرابا أضاف معاناة الى ما هو قائم جراء سياسات الأحتلال القهرية لتصفية القضية الفلسطينية بجعل غزة مكانا غير قابل للحياة وجعل الضفة مكانا مشابها في مرحلة لاحقة من خلال مشروع الكانتونات وصفقة ترامب ٢ . --الإسلام السياسي في مصر ، الجزائر، تونس، والسودان وغيرها . في السودان، حُكم الإخوان المسلمين لأكثر من ثلاثة عقود بقيادة عمر البشير عَمّق الفقر والانقسامات ، وأدى في النهاية إلى سقوط النظام وكيان الدولة تحت وطأة الثورة الشعبية التي لم يسمح لها بأستثمار نتائجها ، فتم الضرر بها وتقويضها من خلال الثورة المضادة والتمكن من صياغة محاور خلافات جديدة هنالك بدور امريكي وإسرائيلي لأضعاف واستنزاف السودان وجيشها من خلال التطبيع وتمكين دولة جنوب السودان المبتدعة واستمرار الصراع القائم حتى اليوم . -- الدور الخارجي ، دعم الإسلام السياسي المتطرف شَكل من تعزيز الفوضى الخلاقة . في سوريا، تم دعم "هيئة تحرير الشام"، وفي غزة جرى تواطؤ مع حكم حماس حتى تم التمكن لاحقا من تدمير قواها والبحث في الاستغناء عن دورها لاحقا وهو ما يتم اليوم بتطويعها بعد القضاء على قدراتها ، وفي ليبيا يتم اللعب على تناقضات الإسلاميين والقبائل لضمان السيطرة على الموارد ، وفي العراق تقام قواعد الارتكاز الاسرائيلية في كردستان العراق وتعزيز الخلافات الاثنية والطائفية لابقاء حالة عدم استقرار الدولة قائما بعد ان تم تدمير كيان الدولة الوطنية والجيش العراقي خلال الغزو الامريكي وتوريط النظام السابق باخطاء كان يمكن عدم عدم حصولها من خلال الحرب المدمرة مع إيران ولاحقا الاحتلال العراقي للكويت . هذا الدعم لتنظيمات الإسلام السياسي المبتدعة لم يكن بدافع الحرص على حقوق الشعوب وتحررها وتقدمها او تقديم بديل ديمقراطي ، بل لضمان إبقاءها في دائرة السيطرة وتنفيذ مشروع طويل الأمد يهدف إلى إضعاف الدول الوطنية ومنع التفكير بمشروع قومي عربي وإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم التفوق الإسرائيلي والمصالح الغربية للواقع الجيوسياسي الذي يسعون لتنفيذه لمصلحة هيمنة المشروع الصهيوني . -- من استبداد أنظمة الحزب الواحد إلى استبداد الإسلام السياسي المتطرف . -- نحو مشروع وطني ديمقراطي جديد. إن مواجهة مشروع الإسلام السياسي الذي تنفذه حركة الأخوان المسلمين بمسميات مختلفة اليوم والمدعوم خارجيا تبدأ بإعادة بناء العقد الاجتماعي بالمجتمعات العربية ، والتركيز على المصالح الوطنية ، وتبني سياسات ديمقراطية شاملة تستوعب الجميع من تنوع المجتمعات ومصادرها الحضارية والفكرية . المستقبل يعتمد على قدرة الشعوب على استعادة دورها في صياغة أنظمتها السياسية وحماية حقوقها المدنية وخاصة حق المواطنة ، بعيدا عن استبداد أنظمة الحزب الواحد أو الإسلام السياسي او سراب الوعود الأمريكية التي جرت الويلات للمنطقة ومكنت دولة الاحتلال الكولنيالي من الاستمرار والتوسع ومنعت هزيمة المشروع الصهيوني حتى اليوم على حساب هزيمة الدول الوطنية التي نراها اليوم بكل أسى . الا ان الهزيمة ليست قدرا امام إصرار الشعوب على النهوض من اجل الحق والعدل ، والتغيير دائما هو الثابت الوحيد في مسار التاريخ الذي لا يتوقف عند نقطه كما علمتنا تجاربه على تجاوز مخلفات الماضي، واستعادة مشروع نهضوي عربي حقيقي قائم على الحرية، السيادة، والعدالة الاجتماعية بعيداً عن أي استبداد ، سواء كان باسم الدين أو باسم الدولة. ان ذلك يتطلب تعزيز قيم المواطنة والمساواة ، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية على أسس ديمقراطية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، بما يشمل تمكين المجتمع المدني وتفعيل دوره كركيزة أساسية في تحقيق الاستقرار والتنمية وبناء احزاب سياسية ديمقراطية معاصرة . |