|
اللامبالاة العالمية تجاه حقوق الصحفيين في غزة
نشر بتاريخ: 10/01/2025 ( آخر تحديث: 10/01/2025 الساعة: 11:59 )
مر أكثر من عام ونحن في غزة نعيش تحت وطأة حرب لا ترحم ولا تفرق بين طفل وامرأة وشيخ، ولا بين بيت ومدرسة ومستشفى،ولكن هناك فئة محددة تتعرض لاستهداف ممنهج وكأنها العدو الأول وهي الصحفيون أولئك الذين يحملون الكاميرات والدفاتر وأقلامهم، ويحاولون نقل الحقيقة إلى العالم فجريمتهم الوحيدة هي أنهم يروون ما يرونه بأم أعينهم، وما يسمعونه بآذانهم، وما يعيشونه في شوارع غزة المحترقة ولكن يبدو أن الحقيقة جريمة يُعاقب عليها بالموت. حتى كتابة هذا المقال بلغ عدد الصحفيين الذين قُتلوا في غزة (202) صحفيًا، وفقًا لتقارير وإحصائيات إعلامية، و(399)آخرين أصيبوا بجروح خطيرة، وتم التعرف على (43) صحفيًا تم اعتقالهم أو احتجازهم دون تهم واضحة أو محاكمات عادلة داخل سجون الاحتلال، هؤلاء ليسوا مجرد أرقام بل هم أسماء ووجوه وحكايات فهُم زملاؤنا، أصدقاؤنا، وجيراننا وهم من كانوا يوثقون معاناتنا، ويحاولون إيصال صوتنا إلى العالم ولكن العالم بدلًا من أن يستمع، اختار أن يصم أذنيه ويغمض عينيه. القوانين الدولية تتحدث كثيرًا عن حماية الصحفيين فاتفاقيات جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول ينصان على أن (الصحفيين مدنيون ويجب ألا يتم استهدافهم)، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد على (حق كل شخص في حرية الرأي والتعبير) ولكن أين هي هذه القوانين عندما يتعلق الأمر بغزة؟ أين هي الحماية التي وُعد بها الصحفيون؟ يبدو أن هذه النصوص القانونية مجرد حبر على ورق، لا قيمة لها في مواجهة آلة الحرب التي لا تعرف سوى لغة القوة. الصحفيون في غزة ومنذ اندلاع الحرب يعملون في ظروف لا يمكن وصفها إلا بالجحيم؛ محاصرون بالقصف الجوي والمدفعي الذي لا يتوقف، والمخاطر تحيط بهم من كل جانبوكثيرون منهم فقدوا أحباءهم في العمل، ودُمرت مكاتبهم الإعلامية، ومع ذلك يواصلون عملهم بشجاعة نادرة. والأكثر إيلامًا هو الصمت الدولي المطبق والعالم يشاهد بأم عينيه كيف يتم استهداف الصحفيين، كيف تُزهق الأرواح، كيف تُدمر البيوت، وكيف تُباد العائلات ولكن لا أحد يتحرك ولا أحد يرفع صوته؛ ان هذا الصمت ليس مجرد تقصير، بل هو تواطؤ مع الجرائم التي ترتكب بحق شعب أعزل، وبحق الصحفيين الذين يحاولون نقل معاناتنا، وان قتل الصحفيين هو قتل للحقيقة ذاتها وقبول العالم بهذا الواقع هو خيانة للإنسانية جمعاء، الصحفيون يستحقون أكثر من مجرد بيانات إدانة لأنهم يستحقون حماية فعلية، وعدالة حقيقية ويستحقون أن يعيشوا في عالم يحترم الحقيقة، ولا يعاقب من يقولها. * غزة/ فلسطين |