وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ماذا بعد ان وقفت الحرب ، فرصة في رؤيا سياسية

نشر بتاريخ: 20/01/2025 ( آخر تحديث: 20/01/2025 الساعة: 10:18 )
ماذا بعد ان وقفت الحرب ، فرصة في رؤيا سياسية




جيد ان هذه الحرب المجنونة قد وقفت ، وقفت حرب الابادة الجماعية ، وقفت معاناة المحتجزين الاسرائيليين والاسرى الفلسطينيين ، وقفت سياسات التحويع لمليوني وربع المليون فلسطيني ، وقفت صفارات الإنذار في القدس وتل ابيب ، ولكن لا احد يعلم كم سيكون الوقت الذي سيسعد فيه الشعبان بالهدوء والامن ، لا احد يعلم ذلك ، ولن يكن بمقدور احد ان يعلم ، استمرار الاحتلال يحمل دوما مخاطر تجدد العنف والحروب والمعاناة . لكن من الجيد ايضا ان تشكل هذه الحرب الكارثية على الشعبين فرصة للتفكير وبمسئولية في منهجية مختلفة قادرة على انهاء امكانية العودة إلى مثل هذه الحروب .
ليس صحيحا ان الحرب هي قدر الشعبين على هذه الارض ، ليس صحيحا ان العيش على حد السيف هو الخيار الوحيد المتاح لنا ، ليس صحيحا ان الحروب تستطيع ان تحقق امال وتطلعات اي من الشعبين ، تجربة قرن من الصراع والحروب والمآسي تؤكد حقيقة ان الحروب لا تحقق الامن والسلام ، وتجربة خمسة واربعون عاما على انهاء احتلال اسرائيل لسيناء تؤكد ان انهاء الاحتلال يجلب امنا وسلاما وحياة مستقرة بين اسرائيل ومصر .
اننا نرى في نهاية هذه الحرب فرصة اخرى للشعبين ، انهاء الاحتلال بما يزيل مخاوف ومعاناة الشعبين هي فرصتنا ، هي غايتنا ، هي خيارنا الاخير ، وهي نهاية لمعاناة شعبينا . هل يمكن ذلك ؟؟؟؟؟
نعم يمكن ، يمكن بقناعة اكيدة ، يمكن وبثقة كبيرة ، تجربة الشعوب على مر التاريخ تقول ان ذلك ممكن بل وحتمي ايضا … ان سلام قائم على العدالة النسبية التي تأخذ في الاعتبار مخاوف الشعبين سيكون هو الوصفة الاكيدة للوصول إلى سلام ثابت ومستقر ، ان سلام يعزز ما هو مشترك ويحترم خصوصية كل ما خاص بالشعبين يستطيع ذلك ، ان سلام لا يخرج منه طرفا مهزوما بل يخرج الشعبان باتفاق تاريخي على مصالحة تاريخية ويشعر كل منهما انه حقق اهدافه دون ان يكون ذلك على حساب الطرف الاخر يستطيع ، ان سلام لا يريد تغيير الامر الواقع بل يسعى إلى اعادة ترتيب معطيات الأمر الواقع بطريقة تجعل حياة الشعبين افضل ، وأمنها افضل ، وأحلامهما اقرب للتحقق وحياتهما مصانة اكثر يستطيع ذلك .
هذه الحرب بويلاتها اكدت على حقيقة واحدة ان امتلاك مصادر القوة العسكرية لا يحقق انتصارا اما شعب يسعى للحرية والاستقلال ، غزة جسدت مقولة ارنست همنغواي في رائعته الخالدةالشيخ والبحر " قد يحطم الانسان ولكن لا يهزم " . تحطمت غزة فعلا بفعل همجية القوة ولكن إنسانها خرج من بين الرماد باصرار اقوى على الحرية والاستقلال . اسرائيل القوية لم تنتصر ولن تنتصر إلا عبر الاعتراف بالاخر ، بحقوقه ، بإنسانيّته ، بالاستعداد للعيش بجانبه . هذه الحرب اكدت بما لا يدع مجالا للشك بان السلام وحده هو القادر على ضمان الامن والاستقرار ،
هذا السلام والذي يحقق المصالحة التاريخية هو دولتين في وطن واحد . هذه الرؤية ليس اكتشاف سحري ولا هي تحليق في الخيال ، انها مستمدة من رؤية موضوعية للواقع السياسي الديمغرافي وآخذة في الاعتبار تطلعات ومخاوف الشعبين ، هناك شعبان يعيشان على هذه الارض متداخلان ليس في السكن فقط بل في المصالح المرتبطة بعضها مع بعض ، ولهما مشاعر متشابهة اتجاه هذه البلاد ، دولتين في وطن ذلك عبرت عن ذلك بنفس مستوى هذا الوضع " دولتان بكامل الاستقلالية والسيادة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ ، بحدود مفتوحة تراعي التداخل السكاني ، ويسمح بحرية الاقامة والعمل والتنقل بمساواة مدنية كاملة ، هذا ليس اختراع انه ترجمة لواقع موضوعي ، انه فهم عميق للمكن والمتاح وتجسيد له . هناك وفق معطيات الواقع نصف الفلسطينيين او اكثر لاجئين وهناك على الجانب الاخر نصف مليون اسرائيلي او اكثر من الإسرائيليين يسكنون في مناطق يفترض انها اراضي دولة فلسطينية ، هذه معطيات الواقع ، دولتين في وطن واحد تمن كل هؤلاء من الفلسطينيين والاسرائيليين ان يسكنوا حيثما أرادوا وكيفما ارادو كجاليات لهم حقوق مدنية كاملة وبالتزام كامل بالقانون والنظام في المكان الذي يسكنو ا فيه حسب قوانين الدولة السيادية هناك وتحت سلطتها . صحيح ان الاستيطان غير شرعي وغير قانوني وغير إنساني ، وصحيح ايضا ان اللاجئين الفلسطينية شردوا عن ديارهم بالقوة وعودتهم شرعية وواجبة واحقاق للعدل ، وصحيح ايضا ان لا مقارنة بين المعتدي والضحية ، ولكن الصحيح اكثر هذا الحل هو الاكثر امكانية والأكثر واقعية والأكثر جرأة في مس احتياجات الشعبين ، حل ينهي الاستيطان كبنية دون تطهير عرقي ويعيد اللاحئين موضوعيا دون اخطار ديمغرافية وتغيير في البنية السياسية لاسرائيل . هذا ليس أحجية ولكنه واقع يمكن يتحول إلى فرصة بدل ان يكون تهديد وهذا ممكن في الواقع وممن وفق رؤيتنا . والقدس مدينة يتداخل فيها المقدس ويتداخل فيها السكن وتتداخل فيها الحلام والطموحات وتتداخل فيها الرمزية التاريخية ، القدس هي التحدي الذي افشل كامب ديفيد ، وهي الفرصة الحقيقية لنموذج الحل الذي نراه ، القدس موحدة وواحدة ، وعاصمة لكل من يراها عاصمته ، وعنوان مساواة في الحل بدل ان تكون عنوان تمييز في الصراع ، وأمنها مسئولية دولية ، القدس هي الأزمة كما كانت في كل مراحل الصراع وهي الحل النموذجي في كل مرحلة السلام ، القدس يمكن ان تكون كذلك ، بل يجب ان تكون كذلك .
اننا لا نتجاوز حل الدولتين التقليدي ولكننا نضع اسس نجاحة ونخرجه من أزمته ، ولا نقطع الصلة بحل الدوله الواحدة المستحيل الان بل نفتح له أبوابا رحبة ، اننا على شفا امل من المستقبل المنفتح والمشرق والواثق .