وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خطة ترامب للتهجير.. كيف غيرت أحداث 7 أكتوبر الخطاب السياسي في إسرائيل؟

نشر بتاريخ: 07/02/2025 ( آخر تحديث: 07/02/2025 الساعة: 10:49 )
خطة ترامب للتهجير.. كيف غيرت أحداث 7 أكتوبر الخطاب السياسي في إسرائيل؟

بيت لحم- معا- أثارت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرامية إلى سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وإخلاء سكانه غضبا عارما في العالم العربي، وصدمت حلفاء واشنطن والقوى العالمية، بل أربكت حتى أعضاء في حزب ترامب نفسه.

لكن رد الفعل في إسرائيل كان مختلفا تماما، ففكرة ترحيل مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة- التي كانت تُعتبر في السابق على هامش الخطاب السياسي الإسرائيلي- وجدت أرضًا خصبة في جمهور إسرائيلي ما زال يعاني من صدمة هجوم 7 أكتوبر 2023.

وقد قوبل الاقتراح بترحيب واسع من سياسيين إسرائيليين يهود من مختلف التوجهات، بينما عبّر آخرون عن انفتاحهم تجاهه.

وأشادت مقالات صحفية إسرائيلية بجرأة الفكرة، وتناقش معلقو التلفزيون حول كيفية تنفيذها عمليا، حتى أن وزير الجيش الإسرائيلي أمر الجيش بالتخطيط لتنفيذها مستقبلًا.

وحتى لو كانت الخطة مليئة بالعقبات- ناهيك عن الآثار الأخلاقية والقانونية والعملية- فإن مجرد طرحها من قبل أقوى زعيم في العالم أثار حماسا لفكرة كانت تُعتبر سابقا خارج الإطار المقبول في التيار الإسرائيلي الرئيسي.

يقول المؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف: "مجرد وضعها على الطاولة يفتح الباب أمام تحويل جريمة واضحة إلى شيء مشروع".

بالطبع، أشار كثيرون ممن عبّروا عن انفتاحهم تجاه الخطة إلى استحالتها لأسباب قانونية ولوجستية، بينما عارضها آخرون، بما في ذلك إسرائيليون ليبراليون وفلسطينيون يحملون الجنسية الإسرائيلية.

وحذّرت صحيفة "هآرتس" العبرية في افتتاحيتها الإسرائيليين من دعم "فكرة الترحيل"، مؤكدة أن "طرد المدنيين قسرا ينتهك القانون الدولي الإنساني ويُعد جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية".

خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال ترامب إنه يتصور أن تسيطر الولايات المتحدة على غزة، وينتقل سكانها إلى أماكن أخرى، لتحويل القطاع الساحلي المدمر إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".

وأثار الاقتراح غضبا في الشرق الأوسط، بما في ذلك مصر والأردن- اللتين تربطها علاقة تحالف مع الولايات المتحدة واتفاقيات سلام مع إسرائيل- واللذين اقترح ترامب أن يستقبلا الفلسطينيين.

من جهته، وصف نتنياهو الخطة بأنها "رائعة" و"أول فكرة جيدة" يسمعها.

وقال لشبكة "فوكس نيوز": "ما المشكلة في السماح للغزيين الراغبين بالمغادرة بالمغادرة؟".

بينما طلب وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس من الجيش وضع خطة لهجرة محتملة، دون تفاصيل عن آلية التنفيذ.

حتى خصوم نتنياهو أبدوا انفتاحًا، فقد قال بيني غانتس، الوزير السابق والمعارض الوسطي، إن اقتراح ترامب يُظهر "تفكيرًا إبداعيًا وجريئًا".

بينما وصف زعيم المعارضة يائير لابيد الفكرة بأنها "جيدة بشكل عام"، رغم تعقيداتها. لكن الجميع طالبوا ترامب ونتنياهو بالتركيز أولًا على إطلاق سراح الأسرى المتبقين في غزة.

وأعاد تصريح ترامب للفلسطينيين ذكريات مؤلمة عن النكبة عام 1948، عندما طُردوا أو هُجّروا من أراضيهم خلال الحرب التي أدت إلى إنشاء إسرائيل، وكذلك نزوحهم بعد حرب 1967 التي احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية وغزة.

ويعد التمسك بالأرض عنصرًا أساسيًا في الهوية الفلسطينية، حيث يحلم كثيرون بالعودة إلى أراضيهم الأصلية، وهو ما تراه إسرائيل تهديدًا لوجودها كدولة ذات أغلبية يهودية.

ويشير سيغيف إلى أن فكرة طرد المواطنين ليست غريبة عن الوعي الإسرائيلي، حيث شعر مؤسسو الدولة بضرورة إخلاء الفلسطينيين لضمان أمنها.

لكن في إسرائيل الحديثة، لم تروج لهذه الأفكار سوى تيارات هامشية، أبرزها الحاخام المتطرف مئير كهانا (الذي اغتيل لاحقًا). كانت آراء كهانا – المولود في أمريكا – سببًا في طرده من الكنيست وحظر جماعته "عصبة الدفاع اليهودية" في الولايات المتحدة.

اليوم، أصبحت أفكار كهانا جزءًا من برامج أحزاب اليمين المتطرف، بما في ذلك حزب يقوده أحد تلاميذه، والذي يلعب دورًا محوريًا في حكومة نتنياهو، هؤلاء يرون في دعم ترامب لخطة "الهجرة الطوعية" انتصارًا لهم، وقد يشجعهم ذلك على المضي قدمًا.

عندما هاجمت حماس في 7 أكتوبر، كان الإسرائيليون بالفعل في تحول بعيدًا عن دعم حل الدولتين، وتبنّوا رؤية نتنياهو القائلة بأن الصراع "لا حل له" ويُدار عبر حروب متفرقة.

لكن صدمة الهجوم- الذي أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي وأسر 250 أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وفتحت الباب أمام قبول أفكار متطرفة لاستعادة الأمان.

قال الإعلامي سفي أوفاديا في برنامجه الإذاعي الشهير إنه كان يتحفظ أخلاقيًا على فكرة الترحيل قبل 7 أكتوبر، لكنه لم يعد كذلك الآن.

بينما كتب الكاتب بن كاسبيت في صحيفة "معاريف" أن "كل إسرائيلي- عدا اليساريين الواهمين- يجب أن يرحب بهذه المبادرة".

يرى شموئيل روزنر، من معهد سياسة الشعب اليهودي، أن الصدمة جعلت كثيرين يعتقدون أن إنهاء الصراع يتطلب "إخراج غزة من المعادلة".

ويضيف: "كانت فكرة هامشية قبل 7 أكتوبر، بل وغير مشروعة. لكن ذلك اليوم غيّر كل شيء".