رسالة ملكية من البيت الأبيض
نشر بتاريخ: 12/02/2025 ( آخر تحديث: 12/02/2025 الساعة: 09:57 )
من واقع بيان احترامي للبيت الأبيض فى مكانته وعراقته، الا ان الأهلية الدبلوماسية كانت غائبة عند الرئيس دونالد فى المشهد السياسى الذى استضاف فيه البيت الأبيض الملك عبدالله الثاني بالأمس، في لقاء تابعه العالم اجمع لعظيم محتواه وما يحمله مضمونه كونه يشكل الحدث الأبرز لبيان اليوم الثاني لحرب غزة، وهو اللقاء الذى يعول عليه بالانتقال من لغة إملاءات إلى منهجية حوارات، الا ان اصرار الرئيس ترامب مع بداية اللقاء على إدخال الإعلام إلى جناح الاستقبال في البيت الأبيض نقلت الطابع العام من طابع دبلوماسي ملكي بالمضمون الى اسلوب ديماغوجي بالنهج، فلا يعنى الصمت الملكي على عبارة قالها المضيف او اقتراح موافقة الملك عليها كونه ضيف يحمل سمة الدبلوماسية الملكية بالطابع والمضمون، وهو ما حاول الملك عبدالله احتواءه لكي يصبح اللقاء يحمل طابع الأهلية الدبلوماسية، هو الانطباع الذي راحت تاخذ من إيماءاته الكثير من الصحف الدولية تحليلاتها السياسية.
سيما ان غايه اللقاءات الوجاهية بين القادة الوصول بها إلى جمل مشتركة حتى يستقيم النص وتصنع الشراكات البينية بين الدول ويتم تقويم السياق العام المراد إسقاطه فى المضمون المراد بيانه، وذلك عبر جملة الوصل التي ترسمها اللقاءات الوجاهية وهي اللقاءات الدبلوماسية التي من المفترض أن تضع العبارات السياسية فى نصابها القويم بدلا من محاولات التعرية والتجوية التى يجدها الكثير من السياسيين غير قويمة في بحر الأسلوب الديماغوجي الذي بجده مراقبين أنه خارج عن الأعراف الدبلوماسية، كما أنها لم تصب الهدف المراد بيانه لقوة الردع التى يقف عليها الملك بعراقته الدبلوماسية.
وهذا ما انعكس على محتوى اللقاء بين المستضيف الرئيس ترامب والضيف الملك عبدالله، والذي كان آخره أفضل بكثير من بدايته عندما تبين للرئيس ترامب ان ما يتم بيانه والوقوف عليه من سردية قادمة من تل أبيب هي سردية مزيفة وغير صحيحة، كما لن تكون سياسة الإملاءات حواضن تجعلها واقع لا على المستوى العربي ولا على الصعيد الدولي، لكون القضية الفلسطينية ليست هى مجرد قضية شعب يبحث عن مكان يستظل فيه من هول المعارك، كونه يقوم على حركه مقاومه منذ قرن من الزمان لكنها قضية حق كفلها القانون الدولي والإنساني، وهي قضية تمثل صوت العدالة كما تمثل أيقونة للحرية عند العالم أجمع كما أن الجغرافيه السياسيه الفلسطينيه لا تعتبر أرض يبينها عقار، بل هى حضارة امة ورمزيه فلسطينية تشكل عنوان كرامة عند الأمة العربية والإسلامية كما تشكل عقيدة راسخة لا يجوز التفريط فيها أو المساومه عليها، وهذا ما يجعل من الموقف الهاشمي يشكل لها مرتكز كما تشكل الحاضنة الاردنيه والعربيه والدوليه لها نصير وسند.
فلقد تم تجريب أسلوب الحلول العسكرية وكانت النتيجة دمار وفشل، كما أن سياسة الإملاءات لن تكون محصلة تحوى نتيجة سوى أنها ستقوم بتصدير الازمه الفلسطينيه من حاضنة دولة الاحتلال بين مسؤوليتها القانون الدولي إلى حاضنة دول الجوار، وهذا تم تجريبه فى السابق عندما تم تهجير الشعب الفلسطيني الى دول الجوار والعمق الخليجي وكانت النتيجة فيما بعد العمل على عودتهم ضمن اتفاقات أوسلو، فالشعب الذي قدم أكثر من 150 الف شهيد وجريح في معركة غزة وتحمل معاناة التجويع والترويع وهو شعب يستحق الإنصاف يجب أن يرفع عنه جور الاحتلال فى بيان حل يقوم على أرضية حل الدولتين.
وهو ما شكل مضمون الرسالة التى بينها الملك عبدالله في البيت الأبيض، والتي أكد عبرها على حرص الأردن على تمتين العلاقة الأردنية الأمريكية وتثمين دور الرئيس دونالد ترامب فى وقف الحرب فى غزة، كما نقل إليه تطلع المجتمعات العربية لإنجاز شراكة حقيقية تفضي إلى صيغة سلمية لحل الازمه الفلسطينيه ولا تبقى على حال تدويرها، وهذا ما يهيئ لمناخات السلام من جهة ويجعل مشروع نقل أهل غزة إلى رأس البحر الأحمر حيث العقبة وجزيرة تيران وصنافير اقتراح فاقد للأهليه من جهة اخرى، وان كان بيان هذا الاقتراح يقوم على قاعدة تبادل للأراضي سيما وان هذا الاقتراح ما زال لا يمتلك حواضن فلسطينيه وعربيه أو حتى دولية وقانونية، وهذا ما يجعله فاقد للأهليه لكن الأمر يبقى بيد القمة العربية القادمة التي ستعقد في السابع والعشرين من الشهر الجاري وهي القمة التي تسبقها قمه فى الرياض من دراسه اليوم الثانى فى قطاع غزة، كما أنها القمة العربية التى من المنتظر أن تقدم فيها القاهرة مبادرة تقوم على قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح ضمن ضمانات عربية تنموية وأمنية.
وهو المجمل العام الذى جعل من لقاء الملك عبدالله والرئيس ترامب ينقل حالة السجال الاعلامي والعسكري الى طاولة الحوار السياسي، الأمر الذي جعل من اللقاء الملكي الرئاسي بالتقدير العام يكون لقاءا مثمرا على غير ما تناقلته وسائل الإعلام التي اهتمت بالشكل على حساب مضمون البيان.