وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الناخب الاسرائيلي يعطي صوته للجنرال/بقلم:د.واصف منصور

نشر بتاريخ: 18/03/2006 ( آخر تحديث: 18/03/2006 الساعة: 15:25 )
أدلى الجنرال عامي إيلون رئيس جهاز المخابرات الداخليـة الاسرائيلــية
( الشاباك) الذي انضم مؤخرا الى صفوف حزب العمل الاسرائيلي بالعديد من التصريحات التي يؤكد فيها على سجله الحافل في قتل الفلسطينيين ، وقال في أحد هذه التصريحات انه شخصيا (قتل من العرب والفلسطينيين أكثر مما قتلته حركة حماس كلها من اليهود). وقد اشارت مصادر اسرائيلية مطلعة إلى أن هذا التصريح وغيره من تصريحات الجنرال ايلون ، تتم بتنسيق مع عمير بيرتس زعيم حزب العمل .

يأتي تصريح الجنرال ايلون ليؤكد حقيقة لايمكن تجاهلها ، وهي أن الهاجس الأمني يقلق كل الاسرائيليين مسؤولين وأفرادا عاديين .ويترتب على هذا الهاجس الأمني حقيقة أخرى يمكن لأي متتبع لدواخل الكيان الصهيوني ملاحظتها ، وهي أن الناخب الاسرائيلي في كل الانتخابات التي شهدها الكيان الصهيوني منذ انشائه عام 1948 يعطي صوته للحزب الذي يعتقد أنه سيضمن له الأمن والاطمئنان ، وبصورة أدق للحزب الذي يقدم في لائحته الانتخابية أكبر عدد من العسكريين الذين ولغوا في دماء الفلسطينيين والعرب عموما .

ونظرا لكون حزب ( الماباي) الذي أصبح فيما بعد حزب (العمل) ، هو الذي قاد كل المذابح والمعارك التي أدت الى تشريد الشعب الفلسطيني وقيام دولة اسرائيل عام 1948 ، فان الأغلبية العظمى من المجرمين وقادة العصابات كانوا من أعضاء هذا الحزب ، وكانوا في طليعة مرشحيه لأية انتخابات اسرائيلية ، وأدى ذلك بالتالي الى كون هذا الحزب احتكر السلطة في دولة اسرائيل حوالي ثلاثين سنة ، الى حين فاز عليه تجمع الليكود في انتخابات 1977 حين نقص عدد مرشحيه العسكريين وكان في طليعة مرشحي الليكود مجرمون عتاة أمثال مينياحيم بيغين واسحق شامير واريئيل شارون .

واذا تأملنا في الخارطة السياسية الاسرائيلية الحالية ، فإننا نجد أن كل استطلاعات الرأي تعطي تقدما واضحا لحزب (كاديما) الذي لا يتجاوز عمره بضعة أشهر . ولعل مرد ذلك هو شخصية مؤسسه أريئيل شارون الدموية في الدرجة الأولى ، ثم عدد العسكريين الذين انضموا إلى الحزب ، أو الذين يشكل وجودهم بالنسبة للناخبين الإسرائيليين ضمانة لأمنهم وطمأنينتهم ،مما يجعلهم يصوتون لحزب كاديما دون تردد. وقد أتت عملية اقتحام سجن أريحا واعتقال المناضل أحمد سعادات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين واللواء فؤاد الشوبكي عضو المجلس الثوري لحركة فتح ورفاقهم ، بالطريقة الاستعراضية التي تمت بها بتواطؤ أمريكي بريطاني ، في نفس الإطار ، لإظهار قوة وشراسة حزب كاديما أمام الناخبين الإسرائيليين للحصول على مزيد من الأصوات .

إن من يقرأ التاريخ منذ بداية تكون الممالك والإمبراطوريات يعرف أن الدول التي قامت على القوة العسكرية كان مصيرها الضعف والانحلال والزوال ، لأن القوة كانت دائما محدودة في الزمان والمكان ولا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية .

وهنا نتذكر مقولة العالم العربي العبقري عبد الرحمن ابن خلدون بأن الدول كالأفراد العاديين ، يبدأون علقة ثم جنينا ثم مولودا ، يصبح صبيا ومراهقا وشابا وناضجا ، ثم يكبر ويهرم ويموت . ولا ننسى المثل الشعبي الذي يقول ( من يدعي القوة يموت بالضعف ).

والكيان الصهيوني وحاميته الولايات المتحدة الأمريكية الآن في أوج قوتها ، وتستطيع إملاء إرادتها على الآخرين . ولكن إلى متى ؟ وما هو دورنا كعرب ومسلمين في الحد من هذا الجبروت ؟ مع العلم أن بيدنا الكثير من القدرات والإمكانات التي تجعلنا قادرين على الفعل متى توفرت لنا الإرادة المنطلقة من الإيمان بأننا نستحق مكانة متميزة تحت الشمس .

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .

الرباط 16 مارس 2006