نشر بتاريخ: 25/02/2025 ( آخر تحديث: 25/02/2025 الساعة: 18:19 )
القدس- معا - عشية شهر رمضان المبارك، يزداد جشع التجار في رفع الأسعار دون أي وازع أخلاقي أو ديني رغم الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي يعيشها سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تشن اسرائيل عدوانا عسكريا وحصارا اقتصاديا خانقا منذ عام ونصف.
جشع التجار ، يقابله انسجام حكومي من خلال التماهي وعدم لعب الوزارات ذات العلاقة كوزارة الاقتصاد دورها الرقابي في كبح جماح الغلاء الفاحش في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة في صفوف أهالي الضفة وغزة.

مع شكوى الناس من غلاء الأسعار قبيل الشهر الفضيل الموافق السبت المقبل أصدرت وزارة الاقتصاد قائمة اسمتها " قائمة السقف السعري الاعلى خلال شهر رمضان. لكن تلك القائمة الصادمة للناس لا تقل فحشا عن اسعار السوق العالية .
وتشهد الأسواق الفلسطينية ارتفاعًا كبيرًا في أسعار اللحوم والدواجن، ما يزيد من الأعباء المعيشية على الناس، فقد قفز سعر كيلو الدجاج إلى 17 شيكلًا، بينما تجاوز سعر كيلو لحم الخروف 100 شيكل، بزيادة تفوق 30% مقارنة بالأشهر الماضية.
رمضان وأهميته الدينية والاجتماعية
ولا يقتصر الشهر الفضيل على الصيام فقط، بل يُعتبر مناسبة لتعزيز الروابط الاجتماعية من خلال موائد الإفطار الجماعية، والزيارات العائلية، وأعمال الخير، حيث تكثر فيه المساعدات للفقراء والمحتاجين.
يتميز رمضان بعادات غذائية خاصة، أبرزها وجبتا الإفطار والسحور. يبدأ الإفطار عادة بالتمر والماء، يليهما أطباق رئيسية تتنوع بين اللحوم، الدواجن، الأرز، الشوربات، والسلطات. أما وجبة السحور، فتكون خفيفة لكنها ضرورية لمنح الصائم طاقة تكفيه لساعات الصيام الطويلة.
وتعد تكلفة الإفطار والسحور من أهم أوجه الإنفاق خلال رمضان، حيث يحرص الفلسطينيون على توفير وجبات متوازنة رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
تكاليف مرتفعة تثقل كاهل الأسر الفلسطينية
ويعد شهر رمضان من أكثر الفترات استهلاكًا للغذاء، حيث تسعى الأسر الفلسطينية لتأمين حاجاتها من المواد الغذائية الأساسية استعدادًا للصيام.
وتشير التقديرات إلى أن تكلفة الإنفاق الشهري لأسرة فلسطينية متوسطة مكونة من خمسة أفراد خلال رمضان تتراوح بين 2500 إلى 4000 شيكل، تشمل اللحوم، الدواجن، الخضروات، الفواكه، والمستلزمات الأساسية الأخرى. أما بالنسبة لتكاليف وجبتي الإفطار والسحور يوميًا، فقد تصل إلى 80-150 شيكلًا للأسرة الواحدة، وذلك بحسب نوعية الطعام والقدرة الشرائية لكل عائلة.
ومع ذلك، فإن الغلاء الحالي يجعل من الصعب على الكثيرين تلبية احتياجاتهم، حيث تلجأ بعض العائلات إلى شراء كميات أقل أو البحث عن بدائل أرخص، بينما يعوّل آخرون على المبادرات الخيرية والتكافل الاجتماعي لتخفيف حدة الأزمة.
أهالي غزة بين الدمار ونقص الغذاء
وفي قطاع غزة، تبدو الأوضاع أكثر كارثية مع حلول رمضان، حيث يعاني السكان من دمار هائل في المنازل والبنية التحتية، وانهيار شبه كامل للاقتصاد بسبب الحرب الأخيرة. فقد أدى القصف الإسرائيلي إلى تشريد مئات الآلاف من العائلات، ما جعل تأمين الغذاء والمياه الصالحة للشرب تحديًا يوميًا، فضلًا عن الغلاء المتفاقم الذي يحد من قدرة المواطنين على شراء احتياجاتهم الأساسية.
ويواجه الغزيون أزمة خانقة في توفر المواد الغذائية نفسها، وليس فقط في أسعارها، حيث تعاني الأسواق من نقص حاد في اللحوم والدواجن والخضروات نتيجة تدمير المزارع ونقص الإمدادات التجارية القادمة عبر المعابر. ويعتمد العديد من الأسر في غزة على المساعدات الإنسانية وشبكات الإغاثة، لكن حتى هذه المساعدات باتت شحيحة بسبب القيود المفروضة وتراجع التمويل الدولي.
ويعبر المواطنون في غزة عن مخاوفهم من قضاء رمضان في ظروف قاسية، حيث يقول أحد النازحين الذين فقدوا منزلهم في شمال القطاع: "في السنوات الماضية، كنا نحاول أن نعد مائدة الإفطار بما تيسر، أما اليوم فحتى الحصول على رغيف خبز صار معاناة."
تحديات متزايدة مع غياب الحلول
وفي ظل هذه الظروف، يرى المراقبون أن قائمة الأسعار التي أعلنتها وزارة الاقتصاد الفلسطينية مؤخرًا، والتي تشمل أسعار اللحوم والدواجن والمواد الغذائية الأساسية، لا تراعي حجم الضغوط الاقتصادية الهائلة التي تعيشها الأسر الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.
كما أن الأسعار المعلنة لم تواكب الارتفاعات المتزايدة في تكاليف الإنتاج والنقل، مما يجعلها غير قابلة للتحقيق بالنسبة للكثير من المواطنين الذين يعانون من توقف الرواتب و انخفاض القدرة الشرائية.
ويؤكد العديد من التجار والمستهلكين أن هذه الأسعار تفاقم الأوضاع الاقتصادية ولا تواكب الواقع المعيشي الصعب، حيث يقول أحد التجار في الخليل : "إن الأسعار التي تم تحديدها غير كافية لضمان تلبية احتياجات المواطنين الذين فقدوا قدرتهم على شراء الغذاء، خصوصًا في ظل غياب الدعم الحكومي والمساعدات الدولية."
ويبقى السؤال الأهم: كيف ستتمكن الأسر الفلسطينية، في الضفة وغزة، من تجاوز هذه الأزمة في شهر الرحمة والتكافل؟ وهل سيكون هناك تدخل حكومي أو دعم دولي للمساعدة في كبح الغلاء وضمان الحد الأدنى من الأمن الغذائي للعائلات الفلسطينية؟