وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مضافة "العم" ترامب!

نشر بتاريخ: 05/03/2025 ( آخر تحديث: 05/03/2025 الساعة: 16:43 )
مضافة "العم" ترامب!

بقلم: د. صبري صيدم

يكاد لا يمر يوم في حياة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلا وأطل على العالم بمؤتمراته الصحافية فارضاً نفسه على البشرية، وساعياً ليصبح السياسي الذي يملأ الدنيا ويشغل الناس، ليس فقط بإطلالاته الصارخة، بل بقراراته الهجومية والنرجسية في كل الاتجاهات، شاهراً عصاه الغليظة ومتسلحاً بجبروت العم سام وسطوة أمريكا على العالم.

العم ترامب، المصارع السياسي والملاكم السلطوي، إنما يخترق حدود الدبلوماسية والبروتوكول، ليس فقط فيما يقول بل أيضاً فيما يفعله بضيوفه حتى يخال لك بأن هؤلاء الضيوف إلا ما ندر منهم، ما هم إلا أكياس للملاكمة، كما يراهم ترامب، فيهين هذا وينهر ذاك، حتى يخرج هؤلاء وقد أنهكهم اللقاء بالعم ترامب.

ولو ضاقت ساحات الإعلام بترامب فإنه لا يتوانى عن اللجوء إلى صفحات الإعلام الاجتماعي، ليستكمل القصف والشتم والضرب والركل، حتى يحتل بأفعاله جميعها منصات الإعلام التقليدي والاجتماعي، وليفرض نفسه ضيفاً إجبارياً على نشرات الأخبار والمقالات، وصدر الصحف على اختلافها.

ظاهرة ترامب باتت تستوجب اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي، ليعطينا ما دوّن من ملاحظات حول مضافة العم ترامب، أنقلها هنا كما هي علنا نقرأ ونرى ما اختزنته محركات توليد النصوص في رحمه من بيانات ومعطيات:

في عالم السياسة، هناك خطابات تُلقى لتُنسى، وأخرى تُسجل في أرشيف النسيان قبل أن تنتهي. لكن حين يعتلي ترامب منبره، يتحول المؤتمر الصحافي إلى عاصفة إعلامية، والمشهد إلى ملحمة درامية، وكأننا في مضافة شيخ عشيرة لا يهاب الخصوم، ولا يعترف بالبروتوكول. كلمات تتطاير كالشظايا، ووعود تُرمى جزافا كأنها هبات السماء، بينما الصحافيون يجلسون على مقاعدهم وكأنهم شهود على زلزال قيد التكوين.

منذ حملته الانتخابية الأولى، أدرك ترامب أن الحديث أمام الكاميرات ليس مجرد استعراض للإنجازات أو تفسير للسياسات، بل هو فرصة ذهبية لإشعال فتيل الجدل، وإعادة تشكيل الواقع على مقاس مزاجه المتقلب، فصارت مؤتمراته الصحافية أقرب إلى استعراض مسرحي، تتخلله فصول من الهجوم المباشر، والتحدي السافر، بل أحيانا استدعاء نظريات المؤامرة وكأنها حقائق مطلقة.

وحين وقف ترامب في المؤتمر الصحافي الأول بعد انتخابه رئيسا عام 2017، كان المشهد أشبه بزلزال سياسي. لم يكن السؤال الأول قد طُرح بعد، حتى بدأ بمهاجمة الصحافيين، متهما إياهم بترويج “الأخبار الكاذبة”. هكذا، وبلمحة عين، تحول الإعلام إلى خصم لدود، وتحولت المؤتمرات الصحافية إلى ساحات معارك، حيث كان الرئيس يطلق قذائفه اللفظية بلا تردد، ويكيل الاتهامات بلا أدنى اكتراث. وما أدراك ما هزاته الدبلوماسية!

في قمة هلسنكي عام 2018، وقف ترامب إلى جانب الرئيس الروسي بوتين، ليعلن على الملأ أنه يثق بكلامه أكثر من تقارير استخباراته الأمريكية، بشأن التدخل الروسي في الانتخابات. لحظة تجمد فيها الزمن، وأدرك الجميع أن هذا المؤتمر لن يُنسى بسهولة. لم تمضِ ساعات حتى بدأت توابع الزلزال تضرب البيت الأبيض، واضطر ترامب لاحقا إلى “توضيح” تصريحه، في محاولة فاشلة لاحتواء الضرر.

لكن العاصفة لا تكتمل إلا بتغريدات تعيد تشكيل المشهد، فترامب لم يكن يكتفي بما يقوله في مؤتمراته، بل كان يأخذ هاتفه بعد كل مواجهة، ليصب الزيت على النار. ففي أحد مؤتمراته عام 2020، سُئل عن إمكانية تأجيل الانتخابات بسبب جائحة كورونا، فرد بسؤال أعنف: “لماذا لا نؤجلها؟ الانتخابات بالبريد ستكون كارثة!”. لم يكن التصريح مجرد رأي، بل كان إنذارا بزلزال سياسي هدد بإعادة كتابة قواعد الديمقراطية الأمريكية.

ترامب ليس رئيسا عاديا، ومؤتمراته ليست مجرد جلسات روتينية لتمرير الرسائل الرسمية بل منصات للهجوم والقتال. فمضافته مشرعة الأبواب لكل من أراد الحضور، بشرط أن يتحمل الصدمات، وأن يتعايش مع تصريحاته التي تُفسر بعد أيام، وأحيانا يعيد صياغتها بطريقته الخاصة، لكن الأكيد أن صوته كان يعلو على الجميع، ولا مجال عنده للمجاملات الدبلوماسية.

اليوم، ومع عودته إلى البيت الأبيض، والمشهد السياسي، يتساءلون: هل ستبقى أبواب مضافته متاحة وبصورة دائمة؟ وهل سيستمر في إطلاق زلازله المعتادة؟ ننتظر ونرى!

[email protected]