وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الفلسطينية في يوم المرأة العالمي: تحدي ووجود

نشر بتاريخ: 08/03/2025 ( آخر تحديث: 08/03/2025 الساعة: 13:34 )
الفلسطينية في يوم المرأة العالمي: تحدي ووجود

أتابع بنهم فيديوهات تحرر الأسرى من سجون الاحتلال الإسرائيليّ، من لحظة النزول على الإسفلت إلى لقاء الأحبة، بين حشود المستقبلين وأعين الكاميرات. دائمًا ما يتكرر المشهد ذاته، مشهد تخشع له الأفئدة: لقاء الأسير بالنساء من أهله: أمه، زوجته، ابنته. أقول في نفسي: "الفلسطينية أطول فصلٍ في الحكاية الفلسطينية".

يُقبّل الأسير قدمي أمه ويجهش بالبكاء الطويل، على عمرها المرهون بالصبر، مثل يعقوب النبي في بيت أحزانه على يوسفه. وما يوجع القلب أكثر: الزوجة، تكبر الصبية، ترتدي الأبيض، ويسجن الشاب. أين تذهب بهذا العمر؟ أين تقف على الطريق وقطاراته الكثيرة؟ أتترجل وتكسب شبابها، أم تكمل وهي تعد مؤبدات العريس؟ أتسمع للجارة وهي تقول لها: "لن يخرج إلا وأنتِ عجوز"، أم تلحق واجبها الوطني بالانتظار؟

أم تتحدى السجن وتزرع في الرحم نطفًا مهربة، وتنجب أطفالًا يسألونها في ساعات المساء: متى يعود بابا؟

للفلسطينية أدوار كثيرة في فصول الحكايا، أصعبها أن تكون زوجة الشهيد، يعطيها رتبة باستشهاده، ويحملها مسؤولية لقب "أبناء الشهيد"، الأبناء الذين يسبقهم اسم أبيهم في الطريق، في الدراسة والعمل، وعليها أن تربيهم بالمعنى التام لهذا اللقب، أن تزرع ما أراده الشهيد فيهم، ومهما اشتدت الأيام، عليها أن تكمل.

ماذا تفعل في الليالي التي يؤرّق المرض فيها الصغار؟ وماذا تفعل حين يحتاج الأطفال أبًا يتصدى لمشاكسين الحارة؟ وكيف تنام الليالي وهي تعد أيام التوجيهي للابن الأول؟ ومن سيرد القبول على العريس الطالب ليد الابنة؟ هي التفاصيل الصغيرة، صغيرة مثل شرخٍ في الجدار، واضحة مهما أغمضت العين عنها.

تربي الفلسطينية الحقد في صدرها كما تربي الأطفال، لتمارسه، لتتولى الفعل، لتكون المقاومة، والخاطفة للطائرات، والشهيدة، والأسيرة المشتاقة لبيتها، والمبعدة عن أرضها، تقوم بدورها الكامل تحت ظلم الاحتلال.

في يوم المرأة العالمي، تحية إجلال لكل شابة فلسطينية، لكل طالبة تقف على الحاجز الذي يفصلها عن جامعتها، لكل صحفية كانت في الميدان تحت الرصاص لتنقل الخبر، وفي لحظة، قد تكون هي الخبر، لكل مسعفة تقدم علمها وعملها رغم الغاز المسيل للدموع.

ماذا تفعل الفلسطينية في يوم المرأة العالمي؟ سوى أن تمارس فلسطينيتها بالثبات والبقاء، أن تزرع الورد على قبور الشهداء، أن تقف على باب السجن لتقتل الانتظار، أن تربي فلسطينيين يعرفون معنى الوطن والتحدي والاستمرار.