د. نبيل الجعبري رجل الحكمة وعنوان البناء والوحدة الوطنية
نشر بتاريخ: 10/03/2025 ( آخر تحديث: 10/03/2025 الساعة: 11:18 )
ما أن أعلن نبأ وفاة صاحب القلب الكبير القائد والاب الحاني الدكتور نبيل الجعبري– رحمه الله رحمة واسعة – إلا ووجمت الوجوه واعتلاها الحزن والألم لفقد هذا الرجل الذي قدم لنا ولوطنه وشعبه الكثير أكاديمياً، إنسانياً ، اجتماعياً ووطنياً.
إن الحديث عن هذا المصاب الجلل تتعثر فيه الكلمات وتظهر فيه مشاعر المصاب الجلل الجياشة ، كون هذه الشخصية كانت مدرسة ومثالاً يحتذى به في نبل الأخلاق و الرؤية الثاقبة وحنكة وحكمة العقل والأفق الواسع الذي تميز به كشخصية وطنية ومؤسساتية فريدة وصلبة لا تنكسر ، حيث تمكن من ادارة وقيادة جامعة الخليل كقبطان ماهر الى بر الامان على امتداد اربعة عقود وأكثر في ظروف بالغة التعقيد جعلتها واحدة من المع جامعات الوطن وباتت تنافس في الاقليم والعالم باقي الجامعات لاحتلال اماكن رفيعة، لقد استطاع أن يكون قريباً من كافة فئات المجتمع وقواه الوطنية والإسلامية كما وكان رحمه الله من الناحية الانسانية الاقرب للجميع دون استثناء ، ولم يبخل الجهد لأجل وطنه وشعبه، حيث عرف بمواقفه المشرفة و المعروفة وخاصة فيما يخص الانقسام الفلسطيني والوثيقة التي أطلقها لاجل تحقيق المصالحة بين طرفي الانقسام البغيض والتي كانت خير دليل على حرصه على وحدة شعبنا وقواه الحية مع الحفاظ على مسافة واحدة من كافة الفرقاء واطياف اللون السياسي في المجتمع الفلسطيني، وكان قريب من الجميع ..المسؤول والمواطن البسيط .
احب فلسطين وقدم لها جزء من سنين عمره خلف قضبان السجان الإسرائيلي نصرة لقضيته العادلة، بعد أن تعمد الاحتلال في العام 1982
ارتكاب جريمة فظيعة من خلال مهاجمة غلاة المتطرفين الصهاينة حرم الجامعة وقتل وجرح عدد من الطلبة على مقاعد دراستهم، ثم جاءت مذبحة الحرم الابراهيمي الشريف على يد الفاشي باروخ جولدشتاين والتي شكلت منعطفاً دقيقاً في تكوين شخصيته الوطنية والسياسية .
احب القدس وعاش وعمل فيها الى جانب توأمها الثاني خليل الرحمن، لانهما كانتا ركناً راسخاً للمبادئ التي طالما تمسك بها
ونمى وترعرع عليها، وحرص على أن يدرس تاريخهما كمساقات اجبارية في الجامعة لزرع حبهما في عقل كل طالب درس على مقاعد الجامعة.
لقد كان رجل مؤسسة و جمهور ، وأحد أركان السياسة الاكاديمية الطليعيين والذي استطاع أن يكون حصناً منيعاً لأمننا الوظيفي ولجامعاتنا
لقد كان لي شرف لقاء شخصه الكريم أكثر من مرة وكنت أقف منبهراً من سعة صدره وقدرته على السماع دون أن يقاطع أحد وكان يسأل عن أدق التفاصيل وكان شديد الحرص على المجتمع وقيمه والجامعة والارتقاء بها ، وكان حريصا من باب انسانيته كطبيب الحرص على فعل المعروف ومحبة الخير للناس وكان يقول كثيراً الذين يثنون ويمتدحون ولكن قليل الناصح الصادق وهو ما نحتاجه ، وربما امتد اللقاء إلى أكثر من ساعة وهو غاية في اللطف والتواضع وكرم الخلق . كان متمسكاً بقضايا الشباب الفلسطيني والقيم والأخلاق والمواطنة الصالحة والتنوع والتعددية ولذلك كانت جهوده ليست ذات جانب اداري فقط بل كان له عناية واهتمام كبير في التواصل مع كادر الجامعة وأهمية الارتقاء به والتميز من خلال القدرة على الظفر بالجوائز الوطنية و العالمية العلمية والابحاث ذات القيمة العلمية المجتمعية .
يظل د نبيل رحمه الله رمز للوفاء والحكمة والبناء ، وإن كان من دعوة فإنني اوجهها للجميع في الدعاء للفقيد الانسان وأقول نم قرير العين لروحك الرحمة والمغفرة والسكينة والسلام، فمن خلفك من هي قادرة على حمل الرسالة وتأدية الامانة.