![]() |
ردّ على دعوة جرشون باسكين، بين بناء الثقة وتنامي مظاهر الإستعمار البشع .
نشر بتاريخ: 13/03/2025 ( آخر تحديث: 13/03/2025 الساعة: 10:27 )
![]()
إن الدعوة التي وجهها الناشط الأسرائيلي جرشون باسكين عبر جريدة "القدس" يوم أمس الأربعاء ١٢ آذار ، لتشكيل لجنة ثنائية لبناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تبدو في ظاهرها ، محاولة للبحث عن حلّ للصراع ، لكنها تتجاهل جذور المشكلة، وهي الأحتلال الإسرائيلي والأستيطان وإنكار حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم بل حتى وجودهم اليوم . فالثقة لا تُبنى في ظلّ نظام استعماري استيطاني يرفض الغير ، ولا يمكن الحديث عن أي خطوات نحو "السلام" دون الإعتراف بالحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني ، وعلى رأسها إقامة دولة مستقلة على ما قبل حدود ٤ حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية ، وضمان حل قضية اللاجئين وحقوقهم وفق القرار الأممي ١٩٤ . -- بناء الثقة يبدأ بالأعتراف بالحقوق، لا بتجاهلها . -- إسرائيل لا تحتاج إلى بناء ثقة، بل إلى إنهاء سياستها الإستعمارية . -- لا معارضة حقيقية داخل إسرائيل، والفاشية تتفشى في مفاصل الدولة. إن صعود الفاشية في إسرائيل ليس مسألة تخص الفلسطينيين وحدهم، بل إنها تؤثر حتى على مستقبل اليهود أنفسهم في العالم ، تماما كما حدث في أوروبا خلال صعود النازية والفاشية في القرن الماضي وما تبع ذلك من محارق بحق الأوروبيين التي رفضناها دائما . إن التاريخ يعيد نفسه ، وما نشهده اليوم في إسرائيل بدعم اليمين الفاشي الامريكي والاوروبي قد يؤدي إلى عواقب كارثية على المدى البعيد بحق كل شعوب المنطقة بل والعالم ايضا . وإذا كان باسكين جادا في رؤيته للسلام، فعليه أن يدعو المجتمع الإسرائيلي إلى الإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة ، تماما كما يُذكر بمقاله باعتراف الفلسطينيين بإسرائيل في أتفاق أوسلو الذي أدى بعد تنكر حكومة اسرائيل له الى ما تعيشه المنطقة اليوم . فهذا هو المعيار الحقيقي لتجسيد حلّ الدولتين كخيار دولي ، وليس مجرد طروحات رمزية لتلميع صورة الأحتلال . أما الاستمرار في تجاهل هذه الحقائق، فهو جزء من مشروع "إسرائيل الكبرى" الذي يتمدد اليوم مستندا إلى رؤية الحركة الصهيونية العالمية والادعاءات التوراتية والتطبيع الإقليمي والدعم الإستعماري الغربي المستمر وتحديدا الامريكي منه . -- لا استعمار بوجه إنساني. إن التعامل مع إسرائيليين "معارضين" ليس مرفوضا بالمطلق وهو امر يبتعد عن الواقعية السياسية ، لكنه يجب أن يكون وفق أسس سياسية واضحة تنطلق من معاداة المنظومة الإستعمارية ككلّ ، وليس من منطلقات تحسين صورتها أو محاولة إصلاحها من الداخل . على هؤلاء المعارضين أن يعلنوا موقفهم بوضوح تجاه الأحتلال والاستيطان والتهويد واقامة أوسع جبهة جماهيرية مع القوى العربية في إسرائيل للعمل من أجل ذلك ، وإلا فإنهم يصبحون جزءًا من المشكلة وليس الحلّ . إن التاريخ علمنا أن الصمت والتواطؤ مع الأنظمة الفاشية يؤدي في النهاية إلى كوارث لا تقتصر على شعب بعينه ، بل تطال الجميع . -- لا يمكن بناء الثقة مع منظومة استعمارية . إن الطريق إلى السلام لا يمرّ عبر لجان رمزية ، على اهمية الحوار وفق اسس رفض منظومة الإستعمار ، بل عبر إنهاء الأحتلال والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف . حينها فقط يمكن الحديث عن سلام عادل تحتاجه شعوب المنطقة دون شك بعد اكثر من مئة عام منذ بدء المشروع الأستيطاني على أرض فلسطين ، وليس عن إدارة استعمارية جديدة بقناع مختلف . |