وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

شمال الضفة ... والصفقة في غزة

نشر بتاريخ: 14/03/2025 ( آخر تحديث: 14/03/2025 الساعة: 15:49 )
شمال الضفة ... والصفقة في غزة



(1) العملية العسكرية في شمال الضفة
تقترب العملية العسكرية في شمال الضفة الغربية خاصة في مخيم جنين وطولكرم ونور شمس من الشهرين، مع استمرار التصريحات الإسرائيلية لطول أمدها أو على الأقل لنهاية العام 2025، دون رؤية واضحة لكيفية التعامل معها فلسطينياً أو نقاشا فلسطينيا جوهريا لأهداف هذه العملية. في ظني أن هذه العملية العسكرية التي قد تمتد إلى بقية الصفة الغربية تتضمن نوعين من الأهداف هي: الأهداف الآنية "التكتيكية" القائمة على (1) تدمير قدرات المجموعات المسلحة في شمال الضفة الغربية، و(2) منح حرية الحركة لقوات الاحتلال في تلك المناطق وفي الضفة الغربية دون وجود مقاومة لها، و(3) كي وعي المواطنين من خلال عمليات التدمير الواسعة وتحمل أعباء المقاومة بفرض معاناة مضاعفة على المواطنين للنفور من المقاومة وأشكالها ومنع المواطنين من تأييدها أو دعمها.
فيما الأهداف بعيدة المدى "الاستراتيجية" للعملية العسكرية هي: (1) البدء عمليا بإنهاء اتفاق اوسلوا وعودة الحكم العسكري الفعلي لمناطق شمال الضفة كتجربة؛ ما يعني انهاء الكيان الفلسطيني ذو الطموح السياسي والإبقاء على المؤسسات الخدماتية جزئيا مع عودة الحكم أو الإدارة العسكرية إلى مناطق مختلفة في الضفة الغربية "أي التواصل المباشر مع المكونات الاجتماعية وإدارة المؤسسات المدنية التي تقدم الخدمات كما كانت قبل العام 1995" هذا الأمر يتضح بشكل أكبر مع مقترح ايتمار بن غفير المقدمة للكنيست والمتعلق بإلغاء الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، و(2) في موازاة ذلك استمرار العمل على ضم الضفة الغربية عبر إجراءات تعميق الاستيطان وشرعنته عبر قوانين في الكنسيت وعبر السيطرة على الأرض وزيادة عدد المستوطنين وحماية اعتداءاتهم على الفلسطينيين، و(3) تهجير العدد الأكبر من الفلسطينيين وفقا لخطة الحسم التي طرحها بتسلئيل سموتريس وبما يتفق مع الأهداف سالفة الذكر. و(4) إلغاء الشواهد المحلية والدولية على النكبة سواء من خلال منع عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أو تدمير المخيمات كبنية جغرافية وديمغرافية.
(2) استمرار الهدنة أم العودة للحرب
إعلان حركة حماس عن قبولها اليوم إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي ذي الجنسية الامريكية وأربعة جثث لقتلى يحملون الجنسية الامريكية تشي بإمكانية حدوث خلافات بين الإدارة الامريكية "آنية على الأغلب" لكنها ستكون تحولا في التعاطي مع الهدنة من قبل المجتمع الإسرائيلي وقدرة نتنياهو على مقاومة إخراج هذه الصفقة.
في المقابل فإن الظروف مهيأة لحدوث انفراجه بالذهاب إلى فترة انتقالية بين المرحلتين الأولى والثانية المنصوص عليهما في اتفاق الهدنة؛ أي بأن تكون تمديدا للمرحلة الأولى من حيث تطبيق البروتوكول الإنساني، وبدءاً في المرحلة الثانية من حيث تغيير معادلة تبادل الاسرى، ووجود ضمانات للبدء في المفاوضات على تفاصيل المرحلة الثانية المنصوص عليها وعلى المبادئ الرئيسية المتعلقة بالانسحاب الكامل من قطاع غزة ووقف مستدام للعمليات العسكرية.
في ظني أن هذه الفترة الانتقالية تتيح فرصة لنتنياهو لتمرير شهر آذار/ مارس وضمان بقاء ائتلافه الحكومي بمنع انسحاب سموتريش من الحكومة والتركيز على تمرير قانون الموازنة والتفاوض مع الأحزاب الدينية في الائتلاف الحكومي حول قانون التجنيد. في المقابل فإن العوامل الكابحة لمنع العودة للحرب ما زالت حاضرة بقوة، وهي تتمثل في: زيادة الاحتجاجات في المجتمع الإسرائيلي، وارتفاع التأييد لصفقة تحرر بها الأسرى الإسرائيليين، وتوجهات الرئيس الأمريكي لوقف الحرب، والتخوف من مقتل المزيد من الاسرى الإسرائيليين في حال العودة للحرب، وعدم وجود تأييد دولي للعودة للحرب كما حصلت عليه إسرائيل بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. ناهيك عن فشل الحكومة الإسرائيلية في تحقيق الأهداف السياسية المعلنة من قبلها على مدار خمسة عشر شهرا من الحرب "القضاء على حركة حماس وحكمها، واستعادة الاسرى الإسرائيليين بالقوة، وأنْ يكون قطاع غزة غير مهدد لإسرائيل" بالرغم من الكارثة التي حلت بقطاع غزة الناجمة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة بحق الفلسطينيين من قبل الحكومة الإسرائيلية وقواتها.