![]() |
من يحكم إسرائيل؟ أزمة الهوية والأنقسام في ظل طبيعة الدور الأمريكي القائم والعودة الى الإبادة
نشر بتاريخ: 18/03/2025 ( آخر تحديث: 18/03/2025 الساعة: 09:04 )
![]()
في اجواء العودة اليوم الى مقتلة الإبادة المستمرة بشروط بن غفير ومباركة نتنياهو الذي يسعى بالبقاء بالحكم امام التحديات التي تواجهه ، تشهد إسرائيل اليوم واحدة من أكثر الفترات أضطراباً في تاريخها السياسي، وهي تعبير عن عمق الأزمة البنيوية التي تعصف بالمؤسسة الإسرائيلية ، والتي تصاعدت حرب الإبادة بنتيجة عنها الى حد كبير . حيث تتداخل الأزمة الداخلية مع تحولات كبرى في العلاقة مع الولايات المتحدة الشريك الإستراتيجي الأهم ، في وقت تتسارع فيه أرهاصات التحول بالنظام الدولي والمتغيرات بالأقليم . فمع تصاعد الخلافات بين جناحي المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة ، القومي والديني الصهيوني المتطرف من جهة ، والجناح الصهيوني الليبرالي والأمني المهني من جهة أخرى ، تتسارع التطورات نحو نقطة قد تكون حاسمة لمستقبل دولة الأحتلال الإستعماري واستقرارها الداخلي . هذا اضافة الى عوامل الإدانات والعزلة الدولية على المستوى الخارجي وانعكاساتها على الداخل الإسرائيلي الى جانب قضية الأسرى وتحركات الشارع الإسرائيلي . فمنذ بداية الأنقلاب القضائي الذي سعت إليه حكومة بنيامين نتنياهو قبل عامين ، برزت أزمة عميقة داخل إسرائيل بين المعسكرين ، الأول يمثله التيار الصهيوني الديني المتطرف ، الساعي للسيطرة على مفاصل الدولة وتعزيز الطابع اليميني الديني المتطرف للحكم ، والثاني يقوده التيار الصهيوني الليبرالي الذي يخشى من انهيار "أسس الديمقراطية وفصل السلطات " داخل الدولة التي نفسه رسخها في اطار الوجه الإستعماري لها طيلة فترة سيطرته منذ تأسيس هذا الكيان أو الدولة لصالح حكم أكثر استبدادية . هذه المواجهة ليست مجرد صراع على النفوذ ، بل هي إعادة تشكيل جوهر الدولة الإسرائيلية وطبيعة هويتها الإستعمارية . حيث يسعى اليمين القومي الديني لإحداث تحول جذري في طبيعة الحكم والسيطرة المطلقة على مفاصله ومؤسساته ، بينما تحاول المؤسسة الأمنية الحفاظ على توازن داخلي يحفظ ما تبقى من الأستقرار وفق علاقاتها بالتيار الليبرالي الصهيوني حتى اليوم ، والتي يحاول نتنياهو واليمين الديني أطباق السيطرة عليها من خلال الأقالات والتعينات الجديدة في هذه المؤسسة الأمنية . الخلافات الأخيرة بين أقطاب حزب الليكود اليميني الحاكم نفسه ، والخلاف بين نتنياهو ورئيس جهاز الموساد والشاباك وقبل ذلك مع وزراء في حكومته ورئيس الأركان والمستشار القضائي ، تعكس هذا الصراع العميق داخل أروقة هذه الدولة . ففي حين يواصل نتنياهو تعزيز سيطرة القوى الدينية القومية ، يُبدي الجهاز الأمني مخاوفه من تداعيات هذه السياسات على الأستقرار الداخلي وعلى العلاقة التي تحقق مصالحهم مع الفلسطينيين والعرب من جهة ومع الإدارة الامريكية من جهة اخرى ، خاصة في ظل التصعيد في الضفة الغربية والقدس من جانب حكومة الأحتلال وما تشهده تطورات المفاوضات الجارية حول غزة من خلال الولايات المتحدة التي لا يريدها نتنياهو . -- الولايات المتحدة ، أزمة داخلية وتراجع في التأثير . لكن السؤال الذي يبرز هنا هو ، هل تستمر واشنطن في دعم إسرائيل دون قيد أو شرط وبغض النظر عما يدور بالشأن الداخلي الإسرائيلي ، رغم تصاعد التوترات الداخلية فيها ؟ أم أن الانقسامات الأمريكية بالرأي ستؤثر في النهاية على مستوى الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل وقدرة الإدارة الأمريكية على التدخل بالشأن الداخلي باسرائيل ، خاصة إذا تزايدت الأصوات التي ترى أن تل أبيب أصبحت عبئاً استراتيجيا بدلاً من كونها حليفا لا غنى عنه؟ وذلك بمقابل قاعدة الدعم العقائدي والديني الواسع من جانب آخر الذي تحظى به اسرائيل هنالك من القاعدة الانتخابية لترامب واتساع تاثير المسيحية الصهيونية . وهو ما يؤشر الى نتيجة توافق ترامب مع نتياهو لعودة جرائم الإبادة وتعميق الأزمة القائمة داخليا . -- تداعيات الأزمة على العلاقة مع الفلسطينيين. في المقابل ، فأن ضعف الدور الأمريكي في ضبط الإيقاع داخل إسرائيل يجعل من الصعب فرض أي حلول سياسية الآن . حيث فقدت واشنطن قدرتها على التأثير المباشر كما كان الحال في الماضي . هذا يضعنا نحن الفلسطينيين أمام واقع جديد ، حيث تتحول إسرائيل إلى كيان أكثر عنصرية وتطرفا ، بينما تواصل الولايات المتحدة دعمها بفعالية رغم أوضاعها القائمة ورغم اشكالات في شكل العلاقة دون جوهرها . -- نحو أي مستقبل؟ امام ذلك ، فنحن الفلسطينيون نقف أمام مرحلة جديدة تتطلب إعادة تقييم استراتيجياتنا في ظل واقع إسرائيل التي تتجه نحو مزيد من الفاشية المتوحشة ، وواشنطن التي تبدو أقل قدرة على فرض التوازنات كما في الماضي وفقا للعوامل والمحددات التي أشرت لها بالمقال هذا . في النهاية ، فإن التطورات داخل إسرائيل وأمريكا ليست مجرد أحداث منفصلة ، بل هي تحولات مترابطة ستحدد تطور احداث ومستقبل المنطقة بأسرها كما ومسار تَشكُل النظام الدولي الجديد ، الذي يتوجب البناء على محركات مجرياته ودفع العرب للأحتذاء بمواقف قادة أمريكيا اللاتينية او أيرلندا ودول البريكس وحتى معظم دول الجنوب العالمي في تحدي السياسات الأمريكية بهدف دفعها للتراجع من خلال موقف ورؤية وطنية فلسطينية واضحة موحدة وجريئة يتبناه العرب امام هذا المشروع الصهيوني الذي يرفض بالأصل فكرة التسوية ووقف الحرب ، بل استمرار مخطط التجويع والتهجير وتقويض وجودنا على ارضنا بدعم أمريكي. |