![]() |
إسرائيل تخرق الاتفاق وتستأنف الحرب
نشر بتاريخ: 20/03/2025 ( آخر تحديث: 20/03/2025 الساعة: 09:26 )
![]()
في ساعات السحور، فجر الثلاثاء الماضي، شن الجيش الإسرائيلي على مناطق مختلفة في قطاع غزة 80 غارة جوّية خلال 10 دقائق، وواصل الطيران الإسرائيلي، بعد الضربة المباغتة الأولى، قصفه الوحشي على القطاع، ما أدّى إلى استشهاد المئات من المواطنين وإلى جرح أعداد كبيرة من الأهالي. ودعا جيش الاحتلال سكّان مناطق شرق غزّة لمغادرتها غربا مهددا بأن من يبقى فيها «يعرض حياته للخطر». وأعلنت إسرائيل من خلال استئناف القصف واسع النطاق، ومن خلال سلسلة من البيانات النارية، عن انتهاء وقف إطلاق النار الذي استمر حوالي الشهرين، وعن عودة إلى القتال المكثّف من خلال القصف الجوي والبحري والبرّي، مع التهديد بالاجتياح الشامل وبتوسيع العملية لاحقا «إذا اقتضت الضرورة».
أكّد المتحدثون الإسرائيليون الرسميون في تصريحاتهم بعد الغارات الجوية على غزّة بأنّه لن تكون هناك هدنة مؤقتة، إلّا في إطار صفقة تبادل، وعادوا إلى التشديد على الموقف الإسرائيلي الرسمي بأن «نهاية الحرب هي نهاية حماس». وأعلن نتنياهو أن المفاوضات ستجري من الآن فصاعدا تحت النار، واعدا ومتوعّدا أنّها «فقط البداية»، وأنّ الضغط العسكري سيزداد حتى تتراجع حماس عن موقفها. وجاء اختيار القصف الجوي في هذه المرحلة، لأنّه سيكون من السهل إيقافه والعودة إلى المفاوضات، إذا لاحت فرصة للتوصل إلى اتفاق، وهذا ليس بالمستبعد والوسطاء يعملون عليه بقوّة، وإلا فستواصل إسرائيل حربها الإجرامية بدعم أمريكي كامل. الصفقة أنهت الغارات الإسرائيلية المباغتة والوحشية ثلاثة من عمليات وقف إطلاق النار، بلا تعاقد رسمي متفق عليه من الطرفين، وبلا تحرير محتجزين إسرائيليين. إسرائيل هي التي خرقت الاتفاق وهي المسؤولة عن جرائم الحرب، ولكن مسؤولية الوسطاء العرب ومعهم الدول العربية مجتمعة، هي الدفع باتجاه لجم الانفلات الإسرائيلي، الذي يؤدي إلى نزيف دم فلسطيني. لقد نشأت حاجة ملحّة للتوصل إلى مسار يوقف العدوان الإسرائيلي ويعيد الهدنة، ولو كهدنة مؤقّتة حاليا. الموقف الإسرائيلي -الأمريكي هو أن المرحلتين الثانية والثالثة من الصفقة ليستا ملزمتين بالنسبة لهما. وطرحت الولايات المتحدة، ومن خلفها إسرائيل، صيغة جديدة هي «مبادرة ويتكوف»، التي تنص على إطلاق سراح 10 محتجزين أحياء مع 11 من الجثث، مقابل إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، ووقف إطلاق النار لمدّة شهرين. ووفق مقترح ويتكوف تجري في ظل وقف إطلاق النار المؤقت مفاوضات حول المرحلة النهائية، التي لم يجر تحديد معالمها في المبادرة. حسابات سياسية داخلية يمكن القول إن استئناف «القتال المكثّف» في غزة، عزّز قوّة ائتلاف نتنياهو، وأطال عمر حكومته، وأبعد عنها شبح الانتخابات المبكّرة. وذهب معظم المحللين الإسرائيليين إلى القول، إن الدافع الرئيس لنتنياهو لاستئناف القتال في غزة في هذه المرحلة تحديدا، هو إقناع إيتمار بن غفير رئيس حزب «العظمة اليهودية، بالعودة للحكومة، بعد أن اشترط عودته بالعودة إلى الحرب أولا، وبإقرار إقالة المستشارة القضائية للحكومة ثانيا وبإقالة رئيس الشاباك من منصبه ثالثا. وبعد أن تحققت شروطه الثلاثة، عاد بن غفير إلى الحكومة، التي أصبحت الآن تتمتع بأغلبية برلمانية كبيرة، تمكنها من تمرير الميزانية بسهولة، ومن سن قوانين «الانقلاب على القضاء»، الهادفة إلى سيطرة اليمين على الدولة العميقة. لقد حدّد نتنياهو موعد إعلام رئيس جهاز الشاباك رونين بار بإقالته قبل شن الهجوم العسكري الجديد على غزّة، آملا صرف الأنظار عن الإقالة ومنع تطوّر احتجاجات واسعة عليها. لكن ما حدث هو امتزاج السخط على تجديد القصف الواسع، الذي يعرّض حياة المحتجزين للخطر، بالغضب على إقالة رئيس الشاباك، بسبب إجراء تحقيقات «أمنية» مع موظفين في مكتب نتنياهو. وظهر هذا التداخل جليا في مظاهرة تل أبيب، التي شارك فيها عشرات الآلاف، وقد يتطوّر الاحتجاج لاحقا، خاصة أن كل استطلاعات الرأي تظهر بشكل حاسم، أن الغالبية الساحقة من الإسرائيليين يؤيدون التوصل إلى صفقة تعتمد على إطلاق سراح جميع المحتجزين وإنهاء الحرب، وتظهر كذلك معارضة الغالبية لإقالة رئيس الشاباك، لأنّها تأتي على خلفية مصالح سياسية وليس لاعتبارات «مهنية». نتنياهو يقوم بإزاحة كل من يعارضه الرأي ولا ينصاع لإرادته، خاصة في الأجهزة الأمنية، فبعد أن أقال وزير الأمن يوآف غالانت، فرض الاستقالة على رئيس الأركان هرتسي هليفي وعلى عدد من الجنرالات وكبار الضبّاط، وأتم قبلها سيطرته على جهاز الشرطة، وأخيرا أصدر قراره بإقالة رئيس الشاباك، وبدأ عملية إقالة المستشارة القضائية للحكومة. ويعمل نتنياهو مع وزير القضاء الإسرائيلي، يريف لفين على إدخال تغييرات واسعة في الجهاز القضائي، تضمن سيطرة حكومة اليمين عليه. ويثير كل هذا غضبا كبيرا في أوساط المعارضة، التي كانت منذ بدء الحرب «منضبطة» ولا تطرح على نتنياهو تحديات جدّية. |