وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مجزرة سوق طره.. قصفٌ جوي يحوّل سوقًا سودانيًا إلى مقبرة جماعية

نشر بتاريخ: 27/03/2025 ( آخر تحديث: 27/03/2025 الساعة: 08:33 )
مجزرة سوق طره.. قصفٌ جوي يحوّل سوقًا سودانيًا إلى مقبرة جماعية

في مشهدٍ مأساوي يعكس حجم الكارثة الإنسانية في السودان، تحوّل سوق طره الأسبوعي في ولاية شمال دارفور إلى مقبرة جماعية، بعدما استهدفته طائرات حربية بغارات مدمرة، راح ضحيتها عشرات المدنيين بين قتيلٍ وجريح. الهجوم، الذي وقع يوم 24 مارس 2025، ليس الأول من نوعه، بل يأتي ضمن سلسلة متواصلة من الضربات الجوية التي تُحوّل الأحياء السكنية والأسواق إلى ساحات حربٍ دامية.

جرائم طيران الجيش
في ظهيرة مشمسة، كان سوق طره يعجّ بالمتسوقين والتجار عندما دوّى هدير الطائرات العسكرية في السماء. لم تمضِ سوى لحظات حتى سقطت القنابل، في وسط السوق وأطرافه بأربع ضربات وفق تقرير ل نيويورك تايمز
مخلّفةً دمارا هائلا وجثثا متفحمة، وفقا لشهادات الناجين وصورٍ وثّقتها منظمات حقوقية؛ ومشاهد مصورة تم تداولها بشكل واسع

تقرير صحيفة نيويورك تايمز، أعدّه الصحفي مالاشي براون، أشار إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، بينهم أطفال ونساء، وسط مشاهد مروّعة من الدمار والجثث المتفحمة. ونزوح أكثر من 15 ألف أسرة خلال 48 ساعة فقط، خوفا من تكرار القصف. بالإضافة إلى دمار كامل للسوق، ما تسبب في فقدان السكان لمصدر رزقهم الأساسي.

ورغم الدلائل التي تشير إلى مسؤولية الجيش السوداني عن الهجوم، نفى الأخير استهداف المدنيين، مُدّعيا التزامه بالبروتوكولات العسكرية، بينما يؤكد شهود عيان أن القصف جاء من الطيران الحربي، وهو سلاح لا تمتلكه قوات الدعم السريع، الخصم الرئيسي للجيش في الصراع الدائر.

نمط وحشي متكرر:
مجزرة طره ليست سوى فصلٍ جديدٍ في مسلسل القصف العشوائي الذي يحصد أرواح الأبرياء في السودان. ففي مارس 2025، شهدت مدينة تورة في دارفور هجوما مشابها أودى بحياة أكثر من 200 مدني، وفقا لمنظمة أفاز، بينما تعرّضت أحياء في الخرطوم على مدى العامين الماضيين لغارات مكثفة دفعت الأمم المتحدة إلى التحذير من استخدام "التجويع والقصف كأسلحة حرب".

إلى جانب الغارات الجوية، يعاني المدنيون من سياسة "الحصار والتجويع"، حيث يمنع الجيش وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة، مما يُفاقم أزمة المجاعة، خاصة في إقليم دارفور الذي يشهد أعلى معدلات النزوح.

جرائم حرب وإدانة دولية:
المجزرة أثارت ردود فعل غاضبة، إذ وصف حزب الأمة القومي القصف بأنه "جريمة حرب مكتملة الأركان"، مطالبا بمحاسبة القادة العسكريين. فيما اتهمت منظمات حقوقية الجيش السوداني بممارسة "الإبادة البطيئة"، عبر القصف الممنهج والتجويع.

من جهتها، حذّرت الأمم المتحدة من أن الصراع في السودان أدى إلى نزوح أكثر من 13 مليون شخص، وتصنيف أجزاء واسعة من البلاد كمناطق منكوبة إنسانيا

السودان نحو الهاوية:
في الوقت الذي يتباهى فيه الجيش بإحراز "مكاسب ميدانية" كسيطرته على القصر الرئاسي في الخرطوم، تتفاقم الأزمة الإنسانية، ويتعمّق الانقسام الداخلي، وسط تصاعد النزعات الانفصالية في دارفور وغيرها.

وبينما يواصل المجتمع الدولي تردّده في فرض عقوبات فعلية على القيادات العسكرية، مما يُطيل أمد الحرب ويفتح الباب أمام المزيد من المجازر واستمرار الواقع الدموي، يبقى المدنيون الضحية الأكبر لحربٍ تتجاوز الحسابات العسكرية، إلى معركة بقاء تُدفع فاتورتها من أرواح الأبرياء.