قريبا تتوقف الحرب من دون حل عسكري ولا سياسي و يبقى صراع الأجيال
نشر بتاريخ: 10/04/2025 ( آخر تحديث: 10/04/2025 الساعة: 11:22 )
اذا تحدث طرف عن الحرب والقتال ، يغضب دعاة الصلح ويحمّلون من يدعو للقتال مسؤولية الخراب والتدمير والويلات التي تصيب الناس وبيوتهم وارزاقهم ، وهذا يشمل طرفي الصراع العرب واليهود .. واذا تحدث طرف عن الصلح والسلام ووقف القتل ، سوف يجنّ جنون المتشددين ويهددون بشكل هستيري غير مسبوق تدمير كل شيء واسقاط كل شيء واتهام من يدعو للتسوية بالخنوع والتفريط وسوف تكون الخيانة هي اقل تهمة توجه له ، وقد شاهدنا كيف رسم اليمين الصهيوني المتطرف في شوارع تل ابيب صور قيادات إسرائيلية ببدلة هتلر او بكوفية ياسر عرفات لمجرد ان طالبوا بوقف الحرب !!.
ان هذا جيل كتب عليه القتال دون توقف ، جيل انصهر ببوتقة الصراع حتى اخر رصاصة ، وهذه قيادات عربية وإسرائيلية لا تنتج معرفة إنسانية ، ولا تقدر على انتاج معرفة حتى لو ثرثرت بذلك . فهذه قيادات تدير الصراع لأجل بقائها في السلطة ولا تسعى لحل الصراع ..
ولقد اثبتت أربعون سنة ماضية ( بعد عرفات ورابين ) ان جميع من تولى القيادة في إسرائيل وفي بلاد العرب عمل على تثبيت نفسه بالحكم على حساب السلام العادل ، وأن اول من خان الاتفاقيات وغدر الشركاء كان شمعون بيريس الذي قبل بمنصب رئيس فخري لإسرائيل مقابل صمته وسكوته وقد فعل ، وكان هو شخصيا احد أسباب السابع من أكتوبر ولكن لا احد يريد ان يذكر ذلك .
الفلسطيني والعربي – رغم انه الضحية – لكنه شارك في اللعبة بكل متعة ، لعبة الدولة والثورة فتخلى الناس عن قيم الثورة من اجل الدولة . ولكنهم لم يحتفظوا بالثورة ولا حصلوا على الدولة .. ويعيش الناس الان داخل فقاعات من الوهم لا هي دولة ولا هي ثورة .
الحرب الطاحنة ( المقتلة ) سوف تنتهي قريبا دون حلول عسكرية او سياسية . وجميع القيادات الدولية والعربية والإسرائيلية تعرف ذلك . انهم يخيطون العملية الجراحية على المريض بينما النزيف الداخلي يستمر . والعجيب ان القادة في العالم باتوا منزعجين من كثرة صراخ وبكاء الضحايا كما ينزعج القاتل من اتساخ سجادته بدماء المقتول !.
قد تبدو الأمور الان قاسية ودموية على الفلسطينيين ، فهم بلا منازل وقد مسح الاحتلال مدنهم وقام بتسويتها بالأرض . ولكن الخسائر التي ترافق إسرائيل ومعها أمريكا أكبر من ان تتصورها مخيلتهم .
نحن نتحدث عن جيلين او ثلاثة أجيال قادمة من الايتام والمعذبين الذين سوف ينتشرون في بقاع العالم كله وهم يحملون فواتير الصراع ويبحثون عن اليوم الذي تنقلب فيه الموازين .
انا يوميا مضطر ان أسمع مئات المحللين يتحدثون ولكنني لا افهم منهم شيئا ، أرى الاف الصور للمسؤولين والجنرالات والمبعوثين والوزراء والسفراء لكنها لا تستطيع النطق بكلمة واحدة مفيدة .
لقد تم تحييد النخب الثقافية والفكرية والسياسية والفنية والعلمية في معظم البلاد، وتحديدا في المجتمع العربي واليهودي والامريكي .. وتركت الأمور على عاهنها يتولاها كل سقيم .
نتابع المؤتمرات الصحفية لترامب كل يوم ثلاث مرات بعد الاكل، ونسأل انفسنا: هل قرأ هذا الشخص تاريخ نابليون؟ هل قرأ سيرة هتلر وتشرشل وديغول وثعلب الصحراء ؟ هل يعرف ماذا حل بكل من حاول ان يسيطر على العالم بالقوة؟.