وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ابو العيش- طبيب عمل في تل هشومير فقد عائلته في غزة وهاجر الى كندا

نشر بتاريخ: 22/07/2009 ( آخر تحديث: 23/07/2009 الساعة: 08:35 )
بيت لحم- معا- تحولت التراجيديا الشخصية التي عاشها الدكتور الفلسطيني عز الدين ابو العيش خلال الحرب الاسرائيلية على غزة، حيث اودت قذيفتان اطلقتهما دبابة اسرائيلية بحياة بناته الثلاث بيسان ( 20 عاما)، ومايار ( 15 عاما)، وآية ( 14 عاما)، اضافة الى تدمير منزله الى رمز صارخ على دموية ووحشية الحرب على غزة، وشكلت تحولاً في آراء الاسرائيليين تجاه حربهم على بشر وحجر وشجر قطاع غزة المحاصر.

وجدت تراجيديا ابو العيش طريقها الى مسامع العالم عبر مكالمة هاتفيه مؤثرة اجراها من بين خرائب منزله المدمر ومن امام جثث بناته الثلاث وصيحات اطفاله الاربع الذين غفلت عنهم قذائف الاحتلال، وعلى مسمع من زوجته المكلومة التي أسكتتها الصدمة مع مراسل القناة التلفزيونية الاسرائيلية العاشرة شلومو الدر الذي نشر المكالمة المأساوية مباشرة على الهواء وسمح للاب المرعوب اسماع صوته ومن خلفه صوت الاف البشر الذين حاصرتهم الدبابات والطائرات والصواريخ والفسفور الابيض داخل منازل لا تقيهم بردا او حرا، وبالتأكيد لا تحميهم من حمم الجحيم المتساقطة رصاصا مصبوبا على رؤسهم للعالم.

ابو العيش لم تنته حربه باعلان اسرائيل وقفا مؤقتا او مشروطا لحربها المجنونة، فهو يعيش على الخط الفاصل ما بين ترميم منزله المدمر واعادة تأهيل ابنته المصابة والتي "تفضل" الاحتلال بالسماح لها بتلقي العلاج في احدى مستشفيات اسرائيل.

لم يعترض على قضاء الله وقدره، ولم يعتب على قادة اسرائيل الرسميين الذين لم يكلف احد منهم خاطره للاتصال به والاعتذار عما الحقوه بعائلته رغم اتضاح حقيقة "الخطأ" في التشخيص الذي ارتكبه طاقم الدبابة القاتلة.

وقال قبيل مغادرته البلاد الى كندا في محاولة منه للابتعاد عن ساحة مأساته وقساوة الذكريات التي تحملها "لست بعاتب على احد منهم لا باراك ولا نتنياهو ولا شمعون بيرس، وعزائي ان الشارع كان معي واتصل بي الكثير من اليهود والمسلمين والدروز معزين رغم ان غالبيتهم لا يعرفونني شخصيا بل سمعوا مكالمتي الهاتفية وهذا يشكل الجانب الجيد من المأساة".

واضاف ابو العيش قبيل صعوده يوم امس الثلاثاء على متن الطائرة التي ستحمله وعائلته بعيدا الى ارض البرد والجليد والفرص "كندا": "تلقيت قبل وقوع المأساة عرضين للعمل احدهما في جامعة حيفا والاخر في تورونتو الكندية، وكان ميول العائلة يسير نحو قبول عرض جامعة حيفا، ولكن بعد وقوع المأساة "التراجيدا" اصبح العرض الكندي واقعيا ومنطقيا اكثر من اي شيء اخر، انني لا اترك بلدي التي امتلك فيها من الحق اكثر من اي شخص اخر وسأكون اول العائدين الى غزة حين تتحسن الاوضاع".

ان غزة لم تتعافى بعد انتهاء العمليات الحربية، وهي اليوم مثل المريض الذي خضع لعملية جراحية، واجهت في ذروتها تعقيدات كثيرة، واصبح وضع المريض يميل الى مزيد من التدهور، كل شيء من حولي مدمر، وكثير من الناس يشعرون باليأس لعدم رؤيتهم نهاية قريبة انهم يفقدون الامل، بهذه الكلمات اختتم ابو العيش حديثة المقتضب لصحيفة "معاريف" قبيل صعوده سلم الطائرة التي أصر على عدم تسميتها بطائرة الهجرة، وانما طائرة الابتعاد المؤقت عن ميدان المأساة.