وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اسماعيل هنية و القنابل الحكومية! /بقلم :مهيب النواتي

نشر بتاريخ: 20/03/2006 ( آخر تحديث: 20/03/2006 الساعة: 16:01 )

فجر رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف والقيادي البارز والاكثر شعبية في صفوف حركة المقاومة الاسلامية حماس قنبلة عصر امس السبت عندما قال في مؤتمر صحفي " ستفاجأوا من برنامجنا الحكومي وسوف يقف الشعب الفلسطيني والمراقبين على حقيقة الرؤية السياسية المتقدمة والواعية لمتطلبات المرحلة.. البرنامج السياسي تضمن قضايا متعددة سوف تشكل لدى المتابع نقلة نوعية تجاه العمل الفلسطيني المشترك ".

ليست هذه القنبلة الاولى التي فجرها هنية خلال الايام القليلة الماضية حيث كان قد قال قبل يومين خلال مقابلة بثتها محطة "سي بي اس" التلفزيونية الاميركية "نحن لسنا شعبا متعطشا للدماء, نريد وقف الاقتتال (..) ان جاء احد ابنائي ليقول لي انه يريد ان يصبح شهيدا, لا يمكنني ان اباركه". وهو الامر الذي يفهم منه عدم موافقته على العمليات الاستشهادية التي تنفذ ضد الاسرائيليين.

هنية الذي فجر قنبلة البرنامج السياسي لحماس اراد ان يوصل للعالم رسالة هامة مفادها ان حركة حماس حركة براغماتية تجيد لعب الادوار السياسية بحنكة عالية, فهي لن تتخلى عن المقاومة او تقدم اعترافا مجانيا لاسرائيل لكنها في نفس الوقت لن تغلق الباب اما اي خطوة تهدف الى تحقيق تسوية سلمية تضمن للفلسطينيين ادنى حقوقهم.

لذا فاننا نعتقد ان برنامج حماس الحكومي سيوفق بين هذين الامرين من خلال عودة حماس الى الشارع الفلسطيني لاستفتائه عند وجود اي رؤية لعملية سلمية حقيقية, حتى وان ادت الى الاعتراف باسرائيل من قبل الحكومة الجديدة, فحماس عندها لن تترك لاي مزاود مجالا للمزاودة, حيث ان الشعب الفلسطيني هو الذي سيكون صاحب القرار بالاعتراف باسرائيل واقرار تسوية معها من عدمها.

لم تقف قنابل اسماعيل هنية عند هاتين القنبلتين بل عاد هنية يوم امس ليطلق صاروخا اخر وجهه باتجاه كافة الدول التي هددت بقطع المعونات عن الشعب الفلسطيني من خلال قوله الذي كرره مرتين " ليس لدينا شك في نجاحنا في تحمل مسئولية الحكومة وادارة الشان الفلسطيني.. وان الشعب الفلسطيني الذي منحنا ثقته لن يجوع ولن يعرى باذن الله ".

اسماعيل هنية القائد السياسي البارز في حركة حماس الذي يحظى بشعبية جماهيرية خارج حركته ايضا من الواضح انه استعد جيدا وحركته للمرحلة القادمة, من خلال طرح مبدا المشاركة السياسية حتى وان لم تتحقق مع تباشير هذه الحكومة الجديدة, الا ان عدم اقفال هنية لهذا الباب واصراره على ان باب المشاركة في الحكومة سيظل مفتوحا امام الفصائل الفلسطينية التي ترغب في المشاركة يؤكد على ان الرجل يعي تماما ما هو مقدم عليه.

القنبلة الاخيرة التي فجرها هنية يوم امس كانت مفاجاة حقيقة حين قدم نموذجا مؤدبا للغاية للتعامل مع الرئاسة الفلسطينية, حيث اصر هنية على عدم الحديث عن وزارته او وزرائه الا بعد ان يقدم هذه الحكومة للرئيس الفلسطيني, ورغم ان هنية الذي قال انه تهاتف مع الرئيس محمود عباس امس واطلعه على اخر التطورات المتعلقة بالحكومة وتشكيلها كان بامكانه الدخول من هذا الباب للاعلان عن حكومته خاصة وان كافة وسائل الاعلام كانت تعتبر ان المؤتمر الصحفي قد اعد لهذا الامر بالذات, الا ان اصراره على عدم الحديث عن الحكومة الا بعد اطلاع الرئيس عليها بشكل رسمي انما يؤكد بلباقة وادب واحترام ما طرحه هنية سابقا من ان لغة الحوار والاحترام هي التي ستسود بين مؤسستي الرئاسة والحكومة حتى وان تباينت وجهات النظر في بعض الامور مستقبلا.