وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ملعب اليرموك … الحكاية والبداية

نشر بتاريخ: 06/08/2009 ( آخر تحديث: 06/08/2009 الساعة: 20:12 )
غزة - معا - تقرير : جهاد أبو قينص - ملعب اليرموك اسم وعنوان بارز في تاريخ الحركة الرياضية وصاحب أمجاد ما زالت لها صداها في كل الأوساط وعلى مختلف المستويات الوطنية والرياضية .حيث كان معقلاً من معاقل الحركة الرياضية الفلسطينية ومركزاً من مراكز الإشعاع الرياضي والذي قاده مجموعة كبيرة من رواد وعمالقة الرياضة الفلسطينية منذ النكبة.

ولليرموك قصة كفاح طويلة تعود إلى بداية الخمسينات حيث حملت كوكبة من قادة ورواد الرياضة الفلسطينية الأوائل الذين عايشوا وقادوا النشاط الرياضي ما قبل النكبة وكانت لهم بصمات واضحة في هذا المجال فصاحب فكرة إنشاء ملعب اليرموك هو القائد الرياضي المرحوم عبد الكريم أبو دف الذي شغل منصب مفتش للتربية الرياضية خلال فترة الأربعينات في فلسطين المغتصبة ورفاق دربه المرحوم عبد الكريم عبد المعطي – سليمان الشرفا ـ صبحي فرح ـ راشد الحلو ـ محمد سكيك . حيث حملت هذه الكوكبة الفكرة وبلورتها لتصبح حقيقة على الأرض بصدق الوفاء وحقيقة الانتماء للوطن والرياضة الفلسطينية .

ويتولى سليمان الشرفا الإشراف الزراعي على تشتيل وزراعة ملعب اليرموك ، ولما كانت الحاجة لأيدي عاملة وأخصائيين بهذا المجال تحركت هذه المجموعة من الرياضيين القدامى وقاموا بالاتصال بمكتب الحاكم أحمد خفاجة وطلبوا السماح لمجموعة من السجناء ومن خلال التعاون مع مكتب الحاكم بري وتشتيل الملعب .

ولا شك أن التجربة التي أصر هؤلاء الرجال على خوضها لتعشيب ملعب اليرموك كانت صعبة ومحفوفة بكثير من العقبات لأسباب كثيرة ولضعف الإمكانيات المادية والفنية والبشرية في ذلك الوقت .

ولكن بإرادة التحدي وبعزيمة الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه تحقق ما خطط له الرجال وأصبح في فترة زمنية قياسية ملعب اليرموك التاريخي من أبرز المشاريع الرياضية في الوطن بحلته الخضراء .وبعد نجاح التجربة الرائدة أصر الحاكم الإداري على أن تجرى مراسم افتتاح رسمية للملعب في عرس وطني رياضي .

فافتتح ملعب اليرموك تحت رعاية الحاكم العام ، بلقاء رياضي في كرة القدم جمع رعاية الشباب " نادي غزة الرياضي " ورعاية شباب خان يونس وانتهى اللقاء التاريخي بفوز رعاية شباب غزة بهدف وحيد سجله راشد الحلو مدرب منتخب فلسطين ونادي غزة الرياضي والنادي القومي سابقاً .

واحتفل الرياضيون على أرض اليرموك خلال فترة الخمسينات والستينات بالعديد من المناسبات لا صيما أعياد النصر والجلاء وتكريم البعثات الرياضية والمدرسية التي شاركت في الدورات العربية ودورات الصداقة وحققت مكاسب وإنجازات للرياضة الفلسطينية .

واحتضن ملعب اليرموك العديد من فرق الأندية المصرية الشقيقة كالطيران ـ المدفعية ـ المشاة ـ منتخبات المحافظات المصرية ومشاهير الكرة المصرية في ذلك الوقت .كما أقيم على أرضه بطولة الدوري والدرع تحت إشراف الاتحاد الرياضي الفلسطيني لكرة القدم عام 1964 واستمر هذا النشاط حتى النكسة .

وبعد نكسة حزيران عام 1967 ووقوف النشاط الرياضي بسبب الحرب تحركت مجموعة من قدامى الرياضيين في مقدمتهم إبراهيم المغربي ـ محمد غياضة لتشرع بفتح قنوات الاتصال والتنسيق مع الأندية الرياضية في ضفتنا الصامدة .وينجح هذا التوجه الرياضي في تعزيز روح التواصل وإعادة بناء الشخصية الرياضية من خلال تفعيل النشاط وتدشين جسور التواصل مع الأشقاء .

ونتيجة للجهود والتنسيق يستضيف أبناء غزة هاشم في بداية السبعينات منتخب العاصمة على أرض اليرموك مع شباب غزة ليكون هذا اللقاء هو نقطة العودة لممارسة النشاط الرياضي .

وتندفع بعد ذلك الفرق الرياضية أبرزها شباب الخليل ـ سلوان المقدسي ـ هلال القدس ـ جمعية الشبان المسيحية بالقدس ـ شباب وثقافي طولكرم ـ فريق بيت جالا ـ بيت ساحور ـ وفريق عسكر النابلسي والاتحاد وحطين وبلاطة وآخرون لتشكل هذه الظاهرة واقعاً جديداً للرياضة الفلسطينية وتثمر عن بروز مجموعة النخب من اللاعبين القدامى جيل العصر الذهبي للكرة الفلسطينية بعد النكسة ، كل ذلك كان على ملعب اليرموك صاحب السمعة والرصيد الرياضي الكبير .

ويحتضن اليرموك مقر رابطة الأندية الرياضية أول إطار وجسم رياضي يقود الأنشطة الرياضية بعد النكسة إضافة لذلك ينفرد اليرموك بخاصيته ومركزه وصدارته بكل البطولات والمسابقات والمهرجانات لأندية الرياضية والمدارس بكل مراحلها .

وظل اليرموك معقلاً وخندقاً من خنادق الصمود والتحدي لأبناء الحركة الرياضية الفلسطينية في ظل الانتفاضة الأولى وعلى أرض ملعبه سجل الرياضيون القدامى ذكريات جميلة ما زالوا يستذكرونها في كل المناسبات .

ومع قدوم السلطة الوطنية عاد اليرموك ليضم بين ذراعيه مقر أول مؤسسة من مؤسسات السلطة الوطنية وزارة الشباب والرياضة ، ومقرات الاتحادات الإقليمية والمقر المركزي للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم .

ومن على أرض اليرموك انطلقت ألسنة اللهيب الذي بدد كل النظريات من خلال فعاليات القوى الوطنية والإسلامية كما واحتضن اليرموك المبعدون من قيادات الحركة الوطنية والإسلامية الذين عادوا إلى صدر الوطن .

وأعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات في أكثر من مهرجان مركزي شهده ملعب اليرموك على أن القدس عاصمة الدولة المستقلة ولا تفريط بالحقوق الوطنية الثابتة وكان ذلك في المهرجان الأول عام 1995 والذي أقامته وزارة الشباب والرياضة على ملعب اليرموك احتفاءً بالعودة .

والجميع كان يحلم أن يحول هذا الملعب التاريخي إلى معلم رياضي تنبعث منه رايات الأمل للأجيال الرياضية القادمة وأن يصبح منشأة رياضية متكاملة تقدم خدماتها للقطاع الرياضي برمته .

سنوات عديدة ظل هذا الملعب مهجوراً وتحرك الرياضيون والأندية والإعلاميين الرياضيين من أجل عودة هذا الصرح وإعماره وترميم مدرجاته وتعشيب ملعبه وإصلاح مضماره .

وتحركت بلدية غزة وقامت بإعداد الدراسات والمخططات بهدف إعادة المحافظة على هذا الملعب التاريخي وقدمت مشروع تعشيب الملعب وترميم مدرجاته وصيانتها وإصلاح مضماره إلى أكثر من جهة مانحة على أمل إنقاذ ملعب اليرموك باعتباره يمثل أشهر الملاعب الرياضية الفلسطينية .

ونجحت بلدية غزة في جهودها الحثيثة من إنجاز المرحلة الأولى التي اشتملت على بناء مدرجات في الناحية الشرقية والبدء في المرحلة الثانية إنشاء مضمار للملعب وتعشيبه .

ما زلنا نعول على المسئول في المتابعة والعمل بكل الطاقات والإمكانيات لاستكمال المشروع بكل مراحله لتحقيق هذا الحلم الغالي لكل الرياضيين في غزة هاشم .ملاحظة حقوق الطبع محفوظة للاعلامى الكبير أسامة فلفل عن موقع العنقاء الرياضى.