|
كلمة الرئيس في ذكرى رحيل درويش: غاب الجسد وبقيت الروح
نشر بتاريخ: 08/08/2009 ( آخر تحديث: 08/08/2009 الساعة: 22:29 )
بيت لحم -معا- القى صالح رأفت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير امين عام الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني - فدا اليوم كلمة الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ): رئيس اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف؛ رئيس دولة فلسطين؛ رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية في ( الذكرى السنوية الأولى لرحيل شاعر فلسطين الكبير محمود درويش ) التي ستصادف غدا الاحد.
وفيما يلي نص الخطاب: السيدات والسادة الحضور كل باسمه ولقبه مع خالص الاحترام والحب والمودة للجميع عائلة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش وأصدقاءه ومريديه أهلنا وشعبنا في كل مكان، وفي المقدمة، أنتم، أيها الأحبة، في الجليل والمثلث والنقب ويافا وحيفا واللد والرملة، وفي كل مدينة وقرية وتجمع في هذا الجزء الأعز من الأرض المقدسة " أرض الرسالات السماوية إلى البشر " كما وصفها، بحق، فقيد فلسطين الكبير؛ بل وفقيد العرب والإنسانية جمعاء، حين خط عام ثمانية وثمانين، بريشة المبدع " وثيقة إعلان الاستقلال " دون أن تضيع منه بوصلة السياسي..عندما أدرك، وفي مرحلة مبكرة من عمره، أن القضية الفلسطينية، وإن كانت قضية إنسانية؛ إلا أنها قضية سياسية لشعب لن يقبل بأقل من تقرير مصيره في دولة مستقلة وكاملة السيادة. أيتها العزيزات... أيها الأعزاء إسمحو لي، بداية، أن أنقل لكم تحيات ومحبة وتقدير الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) الذي انتدبني لأمثله فأكون بينكم اليوم وألقي كلمته بالمناسبة: مناسبة مرور عام على الغياب الكبير لدرويش.. وهنا، وحين يتعلق الأمر بقامة عالية كمحمود درويش، لن تحمل كلمة غياب إلا مدلولها الفيزيائي؛ فمحمود حاضر في كل فلسطيني وعربي؛ حاضر في كل إنسان حر وشريف على امتداد هذه المعمورة، وقبل كل ذلك حاضر في صمتكم..صمتنا الحزين، حين ندرك أنه ليس بيننا في الواقع، والأهم.. هو حاضر في القصيدة حيث حريته التي كان يتحدى بها سجون المحتل وكل المقولات التي استدعاها لتبرير فظاعاته: أولا تتلمس القصيدة، والحالة هذه " صمت شاعرها لتكتب نفسها في صورة أخرى " أجيب. نعم صحيح، مؤكدا بذلك على ما قاله الشاعر اللبناني شوقي بزيع عندما كتب يرثي درويش. إذا، أيتها السيدات.. أيها السادة، هي كلمة منظمة التحرير الفلسطينية، الوطن المعنوي والجامع للفلسطينيين وعنوان فكرتهم، هكذا كان ينظر درويش إليها، مهم أن نتذكر ذلك دائما، وهذه الأيام بالتحديد؛ ففيها يحاول من كانوا ولا زالوا يسعون لاغتيال القصيدة الانقضاض عليها، وهم بذلك إنما يحاولون جعلنا لقمة سائغة لأعداء ادعوا زورا وبهتانا أنهم رمز مقاومتهم؛ ونحن من دفع بالدم، ولا نزال، فاتورة هذه الحرب؛ لكنهم، وحين فعلوا ما فعلوا وانقلبوا على الشرعية الفلسطينية في غزة، وذات يوم مشؤوم، كانوا، في الحقيقة، يقدموننا لقمة سائغة لسارق الأرض: أس البلاء وأساسه، وعليه فإن اسطوانتهم مشروخة ولن تنطلي على أحد. إذا، أيتها العزيزات.. أيها الأعزاء، هي كلمة السلطة الوطنية الفلسطينية.. تلك التي رأى فيها درويش إحدى اجتراحات عبقرية توأم روحه الرئيس الشهيد ياسر عرفات؛ حين رد فيها على " الدياسابورا " الجديدة التي أراد شارون أن يدخلنا فيها بعد الخروج من لبنان؛ لكن أبا عمار فاجأه وعاد إلى فلسطين. ويصلح هنا، إسمحو لي، أن أقارب، وليس في ذلك مفارقة، بين ما قاله درويش نفسه في أربعين الرئيس الشهيد ياسر عرفات " في كل واحد منا فكرة شخصية منه وعناق قصيدة " وبين صورة درويش في مخيلتنا، وفي الحقيقة. " في خبز شعرك ما يعوض جوعنا وبماء شعرك يصدق التعميدا بالشعر تجمعنا وتجمع رأينا ورؤاك تهدينا وأنت تقودا لا فض فوك جريس دبيات من كفر كنا توأم روح البروة وأنت تحكي علاقتنا مع درويش. أيتها السيدات.. أيها السادة في الذكرى السنوية الأولى لرحيل محمود درويش.. في حضرة هذا الغياب الكبير لمحمود درويش، ومعه نستذكر رفاقه في الريشة، الكلمة، القصيدة، والفكر: ناجي العلي، غسان كنفاني، معين بسيسو، ادوارد سعيد، وقائمة الإبداع والتميز الفلسطينية تطول، وكثر من لم نذكر أسماؤهم، فالمعذرة.. بهذه المناسبة نؤكد عهدنا للشهيد وكل الشهداء أن نبقى الأوفياء لما ناضلوا وضحوا من أجله؛ فلا سلام مع الاستيطان، ولا استئناف مفاوضات بدون الوقف الكامل للاستيطان بكل أشكاله، السلام الاقتصادي بدعة مرفوضة تماما كما فكرة الدولة المؤقتة، وما تقبله القيادة الفلسطينية، وليعلم ذلك الإسرائيليون ويفهومه جيدا، لن نقبل بأقل من دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، وبإنهاء الاحتلال الاستيطاني والعسكري الإسرائيلي عن جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام سبعة وستين، وعودة اللاجئين وفقا للقرار 194.. أما قوانينهم حول يهودية الدولة وبشأن النكبة وإصلاح ما يسمى " قانون أراضي الدولة"؛ فلن تتصدى لحقائق التاريخ والواقع الساطعة؛ فنحن أبناء شعب واحد، أبناء هذه الأرض وأصحابها وسكانها الأصليون. نم يا درويش قرير العين مطمئن البال، هناك في رام الله، على مرمى حجر من القدس: المدينة التي سكنت قلبك وقصيدتك.. قصيدتنا.. وستبقى القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة التي لن نرضى عنها بديل. والسلام عليكم |