وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز رام الله يصدر تقريراً حول حالة التسامح في أراضي السلطة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 10/08/2009 ( آخر تحديث: 10/08/2009 الساعة: 17:41 )
رام الله- معا- أصدر مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، تقريره نصف السنوي الثالث حول حالة التسامح في أراضي السلطة الفلسطينية، والذي يغطي النصف الأول من العام الجاري.

ويضم التقرير أربعة عناوين رئيسة بالإضافة إلى المقدمة النظرية والنتائج والتوصيات، ويتناول في عناوينه الرئيسة حالة التسامح الديني، والسياسي، والاجتماعي، والقانوني.

ففي التسامح الديني قال التقرير بأنه لا يزال الخطاب الديني السائد في المجتمع الفلسطيني يتم تداوله بأشكال مختلفة، بعضها ما زال يرتكز على قراءات أحادية ومتجزأة، تغذي الكراهية والحقد، وتقدم تصورات غير واقعية وظالمة ولا إنسانية في قراءاتها لبعض الوقائع، وهو بشكل عام ينظر إلى المجتمع نظرة سلبية، بحكم أن هذا المجتمع في كثير من جوانبه يختلف مع هذا الخطاب، وهو مجتمع ضال يجب هدايته ورده إلى جانب الصواب.

وتناول التقرير موضوع توظيف الدين، حيث يقول بأن حركات الإسلام السياسي الفلسطينية استمرت في استخدامها للخطاب الديني التعبوي، كأداة للوصول إلى أهدافها السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها، واستطاعت أيضا أن تجر مكونات النظام السياسي الفلسطيني بما فيه من حركات "علمانية" ويسارية إلى ان تتبنى ولو بشكل جزئي، هذا الخطاب ومفرداته، ونجحت أيضا في تثبيت العديد من هذا المفردات "الدينية" في القاموس السياسي الفلسطيني، لدى حركات لا تتبنى "الإسلام" في أيديولوجياتها الحزبية.

وفي العلاقة ما بين الديانات، اكد التقرير بأنه لم يتم تسجيل أية اعتداء على أفراد أو مؤسسات أو أملاك عامة أو خاصة على خلفية دينية خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير.

وفي موضوع التسامح السياسي اكد التقرير بأن لغة التخاطب التي تم رصدها، لا يمكن أن تعبر عن أي نوع من التسامح السياسي. ففي الحالة التي تعيشها القضية الفلسطينية في الوقت الراهن، يمكن فهم التسامح السياسي على أنه الوصول إلى تفاهمات سياسية معينة تنهي حالة الانقسام، وأن يعترف كل طرف بحق الطرف الآخر بالمشاركة السياسية ضمن نظام سياسي واحد. لكن ومن خلال التصريحات التي تم رصدها خلال الفترة التي غطاها التقرير، يمكن الاستنتاج بأن كل طرف "حكومة" من هذه الأطراف "الحكومتين" يعتبر نفسه هو الشرعي ولا يعترف بالآخر، وينفي صفة الشرعية عنه. فكل طرف يتحدث عن المصلحة الوطنية العليا والوحدة الوطنية، في إطار إخراج الآخرين من الشرعية والحق في المشاركة السياسية.

وفي التسامح الاجتماعي، قال التقرير بأنه وعلى الرغم من التحسن النسبي في الأوضاع الأمنية الداخلية، من حيث الاختفاء الواضح لمظاهر الانفلات الأمني، وأخذ القانون باليد، إلا أن هناك العديد من المظاهر التي لا تزال تؤثر على حالة التسامح الاجتماعي بشكل سلبي؛ مثل الجرائم التي ارتكبت على خلفية ما يسمى بـ "جرائم الشرف"، و"الثأر"، والنزاعات الشخصية والشجارات العائلية، والتي تعكس في مجملها تردي حالة التسامح على الصعيد الاجتماعي.

وفي موضوع التسامح القانوني تناول التقرير موضوع عقوبة الإعدام، والتي لا تزل مطبقة في مناطق السلطة الفلسطينية، معرجاً على موضوع عدم تنفيذ قرارات المحاكم ويعتبره غصبا للسلطة، وتعدي على سيادة القانون وهيبة القضاء، ويورد التقرير حالة اعتداء على أحد القضاة في محافظة بيت لحم.

ومن ضمن النتائج التي توصل إليها التقرير، أنه لا تزال هناك فئات في المجتمع الفلسطيني، وبخاصة في أوساط الساسة ورجال الدين، تحاول توظيف الخطاب الديني لخدمة مصالح شخصية أو حزبية أو فئوية ضيقة؛ ولا تزال خطب الجمعة في كثير من المساجد تحرض على أتباع الديانات السماوية الأخرى، رغم وجود إقرار شكلاني من قبل القادة الدينيين بأن هناك تسامحا دينياً بين أصحاب الديانات الأخرى. ولا يزال بعض خطباء المساجد يستخدمون خطابا أصوليا، لا يحمل أي قدر من التسامح مع الاتجاهات الأيديولوجية غير الدينية، بل يعتبرونها أشد خطورة من غيرها على الدين.

ولا تزال لغة الخطاب السياسي المستخدمة بين مكونات النظام السياسي في فلسطين، وبخاصة بين حركتي فتح وحماس، قائمة على أساس نفي الآخر والتحريض عليه، وهذا يقود إلى مزيد من اللاتسامح السياسي، ومزيدا من محاولات إقصاء المعارضة، وتهميش دورها، والتعدي على حقها في العمل والتنظيم، في الضفة الغربية وفي قطاع غزة على حد سواء. كذلك لا تزال أجهزة الأمن سواء في الضفة أو في القطاع تمارس التعدي على حقوق المواطنين في التجمع السلمي. وما زالت الحكومتان تنتهكان الحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في تشكيل النقابات، وتمارسان الاعتداء الجسدي والاعتقال على خلفية الانتماء السياسي.

ولم يطرأ أي تطور على مظاهر التسامح مع المرأة، بل استمرت ظاهرة عدم التسامح مع المرأة والتمييز ضدها، بما في ذلك تعريضها لأعمال العنف والقتل على خلفية "الشرف". وعلى الرغم من الاستقرار الأمني النسبي في الأوضاع الداخلية، في الضفة والقطاع، استمرت الاعتداءات على الممتلكات الخاصة والعامة، وحالات الاعتداء والوفاة نتيجة الشجارات العائلية، أو أعمال "الثأر".

هذا ولا تزال القوانين السارية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة تبيح عقوبة الإعدام، ولا تزال المحاكم تصدر أحكاما تتضمن هذه العقوبة، إلا أن الايجابي هو عدم مصادقة الرئيس على هذه الأحكام. ولا تزال الأجهزة الأمنية، في الضفة الغربية، تسمح لنفسها بالتعدي على قرارات المحاكم الفلسطينية، بعدم تطبيق هذه القرارات.

يذكر أن مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان كان قد أصدر تقريرا شاملا حول حالة التسامح في العالم العربي، وهو التقرير الأول من نوعه في هذا الموضوع، بالإضافة إلى إصداره لتقارير نصف سنوية، حول حالة التسامح في أراضي السلطة الفلسطينية.