|
وعاد شباب فلسطين من استراحة الحرب في المانيا بسلام وطني جديد
نشر بتاريخ: 19/08/2009 ( آخر تحديث: 19/08/2009 الساعة: 18:41 )
طولكرم- تقرير معا- في منطقة هوف جيسمر الريفية الجميلة القريبة من مدينة كاسل الألمانية، نزلت (16) فتاة فلسطينية في اكاديمية تحيط بها مساحات واسعة من الاراضي الخضراء المشجّرة، مقابل (16) فتاة إسرائيلية لكسر الحواجز بين الطرفين، في رحلة اطلق عليها اسم "إستراحة من الحرب"، "وكأن المدافع والطائرات الفلسطينية تقصف تل أبيب صباحا ومساء".
هذه المبادرة التي تحمل في طياتها معروفاً وردّ اعتبار لاسرائيل على ما ارتكبه هتلر بحقهم، فقد ذكّرت احدى المشرفات الألمانيات قائلة "إننا دفعنا مبالغ طائلة عليكم لتأتوا هنا الى المانيا وتخرجوا منها أصدقاء، فهم (أي اليهود) خسروا كثيراً في الهولوكوست ولا تزيدوا من همومهم". وذكرت ممولة الاستراحة من الحرب وتدعى هيلجا ديتر، أن الساسة يتفاوضون منذ ثلاثين عاماً، ولكن للأسف دون جدوى، وأن هذه اللقاءات التي تتم سنوياً منذ عام 2002 بالتعاون مع جهات شعبية إسرائيلية وفلسطينية، تعمل على خلق أرضية للحوار. واستطردت قائلة: "نرجو أن يعود هؤلاء الشباب كدعاة للسلام إلى بلادهم، وأن يقوموا بإشراك الجميع في تجربتهم، ألا وهي أن العدو هو أيضا إنسان- على اعتبار اننا اعداء لاسرائيل-". يشار هنا، أن هذه المبادرة التي تحمل اسم "استراحة من الحرب" والتي تنظمها هيئة الحقوق الأساسية والديمقراطية، Komitee für Grundrechte und Demokratie، قائمة منذ عام 1994. وكانت المبادرة التي تهدف إلى دعم الحوار بين أطراف النزاعات والحروب قد بدأت بالجمع بين شباب من صربيا وكرواتيا والبوسنة، وأثبتت نجاحاً كبيراً، ما دعا القائمين عليها إلى التفكير في استضافة شباب من الشرق الأوسط. تقول احدى الفتيات الفلسطينيات المشاركات في هذه الرحلة : "خرجنا مجموعتان الى المانيا الاولى خاصة بالفتيات، والأخرى للفتيات والشباب، افترقنا في المطار والتقينا فيه ولم نكن نعلم ما يدور في اللقاءات المختلطة، حيث ان كل فلسطيني يقابله إسرائيلي". وتضيف "بدأت اللقاءت بتعريف كل شخص على حده، الى ان تطور الى جلسات أحادية، حيث يقابل كل فتاة فلسطينية مثلها إسرائيلية، وهذا ما لقي إستنكاراً وغضباً واسعاً بين الفلسطينيات، ثم تطورت الأوضاع الى ان وصلت لحد سرد بعضاً من حياة الفتيات، ثم تعريف بسيط عن أسرة كل واحدة ". وتقول الفتاة الفلسطينية "ما لمسناه من الفتيات الإسرائيليات أنهن لا يعرفن شيئاً، وبدأن بالحديث بطريقة مكسورة الجناح والدموع تذرف من عيون البعض منهن، بسبب ان الفلسطينيات كن ينظرن اليهن بإحتقار"، وفي هذا الإطار، عندما سألنا إحدى الفتيات عن الفلسطينيين قالت: وجدتهم بني آدمين مثلنا، ولا ينقصهم شيء، مع العلم انها لا تعرف مدينة رام الله رغم انها خدمت في صفوف جيش الاحتلال خلال حرب غزة. وإستطردت الفتاة الفلسطينية "وبعد تلك اللقاءات، تطورت الأمور الى جلسات تعريفية أخرى للحديث عن ما صادفه الجانبان خلال الصراع بشكل شخصي، فتحدثت الفلسطينيات عن المعاناة المباشرة التي تعرضن لها هن وعائلاتهن طيلة فترة الصراع، وعندما إنتقل الحديث الى الجانب الاسرائيلي لم يذكروا سوى جمل قصيرة ومنها (سمعنا من اصدقائنا انه في عملية تفجيرية، او سمعنا عن جندي أصيب عندما اطلق فلسطيني النار على دورية، اي بعيداً عن الانتفاضة) فقلت لهم اشعرتموني أنكم تتحدثون عن حرب البوسة والهرسك، سمعتم ولم تشاهدوا شيئاً ". وتضيف الفتاة الفلسطينية: "بعد ذلك طلب منا ان نتحدث عن إمراة فلسطينية أثرت بنا من ناحية فنية، فاختار البعض فدوى طوقان، واخرى أمية جحا وغيرهن، وفي النهاية تحدثت فتاة فلسطينية عن سيدة تعتبرها فنانة، فقالت: فنانتي دلال المغربي، ولم تكن تعلم ان القاعة ستضج عليها بالهتافات والاحاديث الجانبية حول ما علاقة دلال المغربي بالفن، فقالت الفتاة الفلسطينية ان قيادة فتاة في العشرين من عمرها لثلاثة عشر رجلاً في عرض البحر هو فن عظيم، فكيف لا ودلال طرّزت ثوب فلسطين بدمها ". وتقول الفتاة الفلسطينية: "ما سمعناه من رد على هذا الحديث، هو ان اسرائيلية تطاولت على الشهيدات الفلسطينيات، وقالت انهن يذهبن للإنتحار بعد اجبارهن من قبل ذويهن لإرتكابهن الفاحشة، على أساس ان تفجير أنفسهن يعيد شرف العائلة، فما كان من الفلسطينيات الا الحديث أكثر وأكثر عن شهيداتنا امثال دارين ابو عيشة، وآيات الأخرس وغيرهن دون مبالاة، وسط غضب الفتيات الاسرائيلية، حتى ان فتاة يهودية طلبت خروج احدى الفلسطينيات من القاعة لاستكمال البرنامج". وعقب كل ما ذكر، قام منظموا الرحلة بعرض فيلم "أبناء آرنا" الذي لقي غضباً فلسطينياً بانه ليس المكان والزمان المناسبين للعرض، لانه يصور السيدة الإسرائيلية بأنها مثل في الحنان والسلم والامان ". واختلف مسار البرنامج، واصبح هناك مساحة للحديث عن الثقافة والتاريخ والحضارة لكل جانب، فما كان من فلسطينياتنا إلا أنهن أبدعن في إبراز جماليات الثقافة والحضارة الفلسطينية، عدا عن عرض تاريخنا المشرّف، وما كان من الإسرائيليات سوى رقصات فوضاوية غير مفهومة، وعرض نوع من الشوكلاتة من صنع يدوي، وانواع كثيرة من المكسرات على اساس انها تمثل الحضارة الاسرائيلية. وجلس الجانبان في قاعات للحديث أكثر وأكثر، فوجدت (تقول الفتاة الفلسطينية) أننا لم نتحدث عن شيء سياسي بالمعنى الحرفي، فقلت لهم انني اود طرح مواضيع للنقاش حتى تعلموا بها، مع العلم ان معظمكم يعلم أكثر مما سأقول، فتحدثت عن سرقة اسرائيل للمياه الفلسطينية، وردوا بأن اسرائيل مستحيل ان تكون كذلك، ثم تحدثتُ عن الاستيطان بما فيه مدينة القدس، ثم اللاجئين، وقلت لهم الا تعلمون ان أصغر أسير في العالم هو يوسف الزق الموجود في سجونكم، فردت إحداهن أن الفلسطينيين إختطفوا جلعاد شاليط، فقلت لها لدينا (11 الف) جلعاد شاليط في سجونكم، افرجوا عنهم ليفرج عن شاليط. وتقول الفتاة الفلسطينية: "طلبت من القائمين على الرحلة ان يردوا للإسرائيليين جزء بسيط مما حرمهم منه هتلر، لكن ليس على حساب أبناء شعبي، فقلت لهم ان المساحات الخضراء بين مدينتي كاسل وبرلين طيلة 6 ساعات في الباص، تكفي لأن تقيم المانيا مستوطنات للإسرائيلين، وان يسكنوا بها، إضافة الى جميع الاسرائيليين الموجودين في العالم..". وتوضح الفتاة الفلسطينية: "شعرنا بعزة نفس تجذبنا الى أرضنا، عندما رفضنا وضع أيدينا في أيدي الإسرائيليات، ولم نقبل أن نودعهم، حيث طلبنا منهم اللقاء في المسيرات التضامنية ضد الجدار، كي نكسر الحواجز، لا نريد كسرها في احراض كاسل وشوارع برلين الراقية، هذا ما عهدته من رفيقاتي في مجموعة الفتيات، حيث أنهن رجعن الى ارض الوطن كما ذهبن، بمبدأ (لن نضع أيدينا في أيدي أعادينا وأيدي من دمروا غزة وقتلوا الشجر والحجر)". وتختم الفتاة الفلسطينية: "عدنا لنلتقي بالمجموعة الثانية "المختلطة" في مطار فرانكفورت، لنعود الى عمان، ثم الى ارض الوطن، فما شاهدناه يصعب علينا الحديث عنه، ومن الممكن ان تكون طبيعة المكان والموجودين فيه تفرض على شبابنا وفتياتنا ان يتحرروا أكثر، لكن ما تفاجأت منه أكثر هو أن شبابنا المناضلين صرخوا بصوت عالي (نريد ان نردد السلام الوطني الجديد، فبدأو بغناء كلمات غير مفهومة، ومن الأحرى ان نقول انها لا تليق بهم بفلسطين اولاً، وبهم ثانياً) ". وتوضح الفتاة الفلسطينية هنا، انها وعند دخولها للفندق، شاهدت علم فلسطين، وداخل اللون الابيض للعلم يوجد علم إسرائيل ونجمة داوود. |