وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

من سيفتخر بهم؟ الأطفال مجهولو النسب؛ الثمرة التي لم يرغب بها أحد!

نشر بتاريخ: 26/08/2009 ( آخر تحديث: 26/08/2009 الساعة: 16:23 )
غزة- معا- سمر الدريملي- "رشا.. هدى.. حسن.. محمد..عبد الفتاح..إلخ " أسماء وهمية كثيرة لشخصيات ووجوه مختلفة فمنها الأسود الغامق، ومنها القمحي، ومنها الأبيض"، ملامح مختلفة وأخرى متشابهة يحملها أولئك الأطفال.

بعضهم ملقى على الأسرة.. وبعضهم يسير في ذات الممرات ذهاباً وإياباً.. وبعضهم يلعب بالدمى..وبعضهم يلزم كرسيه المتحرك.. وآخرون يغرقون في النوم والأحلام أو علها الكوابيس..".

أطفال مجهولو النسب أو كما يطلق عليهم "الأطفال اللقطاء".. تحتضنهم "مبرة الرحمة للأطفال" ومقرها مدينة غزة.. أطفال لا يعرفون من هي ماما ومن هو بابا، وحرموا من أن يكون لهم أشقاء وشقيقات..أجداد وأعمام وأقارب.. كل ذلك نتيجة خطأ أو نزوة علها لم تتجاوز الساعة في حين تدوم آثارها الوخيمة لما بعد الممات.

12 طفلاً سنوياً


مؤسسات حقوقية فلسطينية؛ فجرت مؤخراً قضيةً "الأطفال مجهولي النسب".. محذرةً من تزايد وخطورة الظاهرة على المجتمع الفلسطيني. وأثارت تلك القضية صدمةً عند قطاعات مهمة في المجتمع الفلسطيني، فيما تعامل معها البعض على أنها مجرد نتيجة لتعقيدات الحياة والضغوط الاجتماعية والنفسية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة في القطاع.

وتتراوح أعداد مجهولي النسب الذين تستقبلهم جمعية "مبرة الرحمة" سنوياً ما بين (11-12) طفلاً، وقد استقبلت الجمعية عدد (8) أطفال حتى شهر يوليو من العام 2009، ليبلغ العدد الإجمالي في الجمعية (151) طفلاً.

ويوضح "مؤمن بركات" (مدير جمعية مبرّة الرحمة) أن "الإجراءات المتبعة لدى المبرّة في قبول الأطفال والتعامل معهم تتم عبر تسلمنا لهؤلاء الأطفال من خلال الشرطة، وتقوم الشرطة بإعطائنا مواصفات الطفل مجهول النسب كاملةً، بالإضافة إلى أية علامات مميزة له، وعند وصول الطفل للمبرة نقوم بفتح ملف خاص له وأخذ بصمة أقدامه، ونقوم بمراسلة مكتب التحقيق في الشرطة لفتح ملف "نبذ أطفال" ومن ثم مراسلة إدارة المستشفى ووزارة الصحة لإخراج شهادات ميلاد بأسماء وهمية، ويُعطى هؤلاء الأطفال اسم أب وأم غير حقيقيين، وتتكفل "المبرة" بجميع مستلزمات الحياة لهم من مأكل ومشرب وعناية صحية وتعليم".

وينوّه "بركات" إلى أنه: "يتم تعليم هؤلاء الأطفال في المدارس الحكومية ومدارس الوكالة، مع إعطاء الطفل حرية اختيار المدرسة، وحرية الذهاب منفرداً إليها منعاً لانتهاك خصوصيته، وللحفاظ على سلامته النفسية، وتُفرض السريّة على وضع الطفل في المدرسة باستثناء المدير أو المديرة".

في العراء.. منذ الولادة!!


من جهته يؤكد "وائل فرج" (مستشار الجمعية) أن: "عدداً كبيراً من الأطفال مجهولي النسب يعانون من إعاقاتٍ وأمراض نفسية وعقلية وجسدية؛ كالتخلف العقلي والشلل، وآخرون يعانون من مشاكل في السمع أو النطق أو البصر، ناهيك عن الشعور بالوحدة، والذي يؤدي بهم إلى الانطواء والعزلة"، عازياً ذلك إلى "..الظروف غير الطبيعية التي يمر بها أولئك الأطفال أثناء الحمل وبعد الولادة، حيث تتناول بعض الأمهات الحوامل أدوية بهدف الإجهاض، كما أنهن يكُنّ في حالةٍ نفسيةٍ وعصبيةٍ غير مستقرة، ناهيك عن سوء التغذية وغياب الرعاية الصحية بالأم الحامل وبالجنين".

ويضيف: "العديد من الأطفال مجهولي النسب، ومنذ الساعات الأولى لولادتهم، يُلقون في العراء أو على أبواب المساجد وأبواب مراكز الشرطة أو على باب الجمعية، دون إلباسهم الملابس المناسبة لهم كمواليد، بل إن بعضهم يُترك تحت المطر والبرد أو الحر الشديد لساعات قبل وصول الناس إليهم"، مشيراً إلى أن "سيدة أتت إلينا مؤخراً برفقة ابنتها، التي اغتصبها عمها، محاولةً إيجاد مكان للجنين في بطن ابنتها لتحتضنه الجمعية".

من أين جئنا؟!

ويتابع "فرج": "نشعر بالحيرة والعجز عن الإجابة على تساؤلات أولئك الأطفال ،وبالذات الأذكياء منهم، عندما يكبرون ويبدءون بإدراك مجريات الحياة من حولهم، خاصة عند الالتحاق بالمدرسة، وتبدأ التساؤلات عن الأم؟ وولي الأمر؟ لاسيما أن الطفل يسمع من زملائه في المدرسة الأحاديث عن الوالدين والأجداد والأعمام والأخوال وجميع الأقارب..!

واعتبر "فرج" أن: "الطفل/ة مجهول النسب ظاهرة معقدة لها أبعاد كثيرة، وتبعات قاسية ومؤلمة، ومهما حاولنا أن ننسج القصص الخيالية لتخفيف الصدمة على هؤلاء الأطفال؛ إلا أن علامات الاستفهام والاستغراب من وضعهم تبقى تملأ عيونهم وتضيّق عليهم، وبشكل مستمر، آفاق حياتهم".

سفاح القربى

وعن الأسباب والعوامل المساعدة لظاهرة الأطفال مجهولي النسب يقول الدكتور والطبيب النفسي، خالد دحلان: "الجهل وقلّة الوعي لدى الشباب له الدور الكبير في ظاهرة الأطفال مجهولي النسب، وكذلك الانفتاح الكبير بين الأسر والأقارب، وإعطاء المجال للخلوة غير الشرعية، ودخول البيوت دون إذن؛ ناهيك عما تبثّه مختلف وسائل الإعلام من سموم ومغريات تؤجج الشهوات، بالإضافة إلى غلاء المهور، وقلّة الوازع الديني، والبعد عن العادات والتقاليد المحافظة، وقلة الثقافة الجنسية، وسفاح القربى بشكل كبير، وكذلك الظروف السياسية الخانقة التي ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين في قطاع غزة".

ويتابع: "السلوك السوي هو تشكيل أسرة تحفظ النسب والشرف، أما إنجاب أطفال مجهولي النسب فهو سلوك منحرف وغير سوي، ويجب تعديله والقضاء عليه عبر التوعية والتثقيف بدايةً من الأسرة ومن ثم من قبل كافة المؤسسات التعليمية والإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني برمتها، إلى جانب تعزيز وتكريس الأخلاق الحميدة ونبذ السلوكيات السيئة".

وعن الأمراض النفسية التي يعاني منها الطفل مجهول النسب يوضح د. دحلان بأن أهمها هو، شعوره دوماً بالحرمان وانخفاض تقدير الذات، وحب الانتقام والعدوانية، والحقد، والغضب على المجتمع، والاكتئاب والشعور بالعزلة والتوتر الدائم، والصدمة، مشيراً إلى أن تزايد أعداد هؤلاء الأطفال في المجتمع الغزي سيهدد التماسك والنسيج الاجتماعي، والإرث الثقافي الفلسطيني الذي يمتد عمره لالآف السنين.

أما هداية شمعون الباحثة والإعلامية، ومنسقة برنامج الأبحاث والمعلومات في مركز شؤون المرأة فتعتبر أن قضية الأطفال مجهولي النسب هي إفراز مجتمعي طبيعي لجملة الممارسات الاجتماعية الذكورية في المجتمع الفلسطيني كمجتمع تقليدي يمتلك فيه الذكور مفاتيح القوة كونهم ذكور، ويدور في محور مفاهيم العنف المجتمعي والأسري والثقافي، حيث أن ثقافة العنف التي تقوم على وجود طرف ضعيف( يتمثل بالمرأة) وطرف قوى ( يتمثل بالرجل) سيفضي إلى نتائج غير محمودة خاصة مع ظروف البيئة غير الملائمة، وانتشار نمط الأسر الممتدة حيث أن عشرات الأفراد يعيشون في عدة غرف لا يوجد فيها حيز خاص للنساء، سواء كن طفلات أو نساء وهذا ينتشر ويزداد نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي، فالأغلب يتزوجون في بيوت الأهل ويتكدس الصغار دون مراعاة لمعايير مناسبة للسكن والحق في وجود هامش من الحرية.

كما أن هنالك العديد من السلوكيات المجتمعية التي تظهر في انحرافات الشباب وانتشار المخدرات وعدم وجود قوانين أخلاقية تحمي الطرف الضعيف وعدم وجود قوانين رادعة بالأساس لكل من يعتدي وينتهك حرمة الطفلات أو النساء، بالإضافة للجهل وقلة الوعي بآليات مواجهة مواقف الاعتداء والتي يكون نتاجها الحمل ومن ثم وجود أطفال لقطاء لا حول ولا قوة لهم، وبسبب الخوف من القتل أو الفضيحة تجدهم على أبواب مؤسسات أو مساجد أو أماكن عامة.

"براء".. والمصير المجهول..!

وخلال تجوالنا في المرافق المختلفة للجمعية قابلنا الطفل "عبد الفتاح" والبالغ من العمر (13) ربيعاً، حيث كان يحمل بين يديه الصغيرتين سلة غسيل كان ينوي نشره مع مربيته ،على ما يبدو، وحين سألناه:
- ماذا تفعل طوال النهار؟ أجاب بخجل: "أرتب سريري وغرفتي وأشاهد التلفزيون، وآكل وأشرب، وعند بدء العام الدراسي أحفظ دروسي وأذاكر باجتهاد". وحين سألناه: ألا تمل يا "عبد الفتاح" من هذا الروتين اليومي"؟ أجابنا بصمتٍ ناظراً حوله نظرات يُتمٍ وحيرة.

ويُعبر "عبد الفتاح" عن رغبته الشديدة في أن يرى أصحابه في المدرسة، الذين لن يتمكن من رؤيتهم إلا مع بدء العام الدراسي، فهو، وحسب تعبيره، "ما بأقدر أجيبهم على الجمعية".

ويتمنى "عبد الفتاح" أن تساعده الظروف ليكمل دراسته العليا ليصبح طبيباً يعالج المرضى ويأخذ بيدهم إلى طريق الشفاء".
وبالقرب منه كانت تقف المربية "ر.ب" والتي كانت تحمل بين يديها "براء".. تلك الطفلة الصغيرة الجميلة التي لم تتجاوز الستة أشهر من عمرها، وتبتسم بلطف وبراءة غير مدركةً ما ينتظرها من مصيرٍ مجهول.

وتقول "ر.ب": "أشعر بالحب والانتماء الشديد لـ "براء" أهتم وأعتني بها كما لو كانت طفلتي، فهي كغيرها من الأطفال مجهولي النسب ظُلموا بسبب نزوة أو خطأ ارتكبه إنسان أو إنسانة ما على ظهر هذه البسيطة، وهؤلاء الأطفال هم بحاجة ماسة لمن يحتضنهم ويرعاهم".

الحضانة الشرعية

وخلال تواجدنا في الجمعية حضر زوجان وبدءا بالتجوال بين الغرف وأسرة الأطفال، ينظرون في هذه؛ ويُقلّبون في ذاك..! إلا أن وقع اختيارهم على أحد الأطفال؛ فأخذوه برفقٍ وحبٍ لاحتضانه لديهم، وعيون الأطفال الآخرين تملأها الحيرةُ والتساؤلات: "لماذا لم يأتِ آباؤنا لأخذنا نحن أيضاً؟.. لماذا تأخر أبي؟..

ألم تشتاق لي أمي..؟!".

وفي هذا الصدد يقول "فرج": "الجمعية تتبنى نظام الحضانة الشرعية، وهي البديل الإسلامي للتبنّي؛ حيث يتم تقديم الطلبات للجمعية من خلال أُسر غير منجبة، ويتم دراسة تلك الطلبات عبر لجنة مشتركة مُشكّلة من وزارة الشؤون الاجتماعية ومديرية الأحوال المدنية بوزارة الداخلية والقضاء الشرعي، وتتم الموافقة أو الرفض حسب الشروط الموضوعة؛ وهي: مُضّيْ أكثر من (10) سنوات على زواج المتقدمين بطلب التبني، وألا يتجاوز عمر الزوج الـ (50) عاماً، والزوجة (35) عاماً، إضافة إلى يُسر الحالة الاقتصادية. وإن تمت الموافقة فإن الزوجين يختاران الطفل سواء أكان ذكراً أم أنثى، وتبقى الجمعية تتابعهم عبر زيارات دورية.." مشيراً إلى أن: "..المبرّة سبق لها وأن استرجعت مجموعةً من الأطفال الذين تم تبنيهم بعد تعرضهم لسوء المعاملة".

وأشار "فرج" إلى أن "الجمعية توجهت للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنّ قانون يسمح بإضافة الطفل للأسرة الحاضنة مع وجود شروط؛ إلا أن ذلك قوبل بالرفض، وأجازوا إضافته للأسرة الحاضنة شرط أن يكون إلى جانب اسمه صفة مميزة له بحيث تضاف كلمة (مولى) بعد اسمه مباشرةً، على سبيل المثال "محمد مولى محمود عبد الله".

وتعبر م. ع إحدى النساء المتبنيات لطفل مجهول النسب لعدم إنجابها لأكثر من 15 عاماً عن رضاها وسعادتها بوجود طفل لها يملأ عليها البيت، وتعتني به هي وزوجها، ويكبر يوماً بعد يوم أمام ناظريها، مشيرة إلى أنها لا تكترث لأحاديث الناس وتساؤلاتهم التي تنتهي عن ماهية هذا الطفل وأصله وفصله، ومصيره النهائي".

يُذكر أنه وحسب "عاطف عابد" (أمين سر الجمعية) فإن فكرة إنشاء جمعية "مبرة الرحمة" ظهرت نتيجةً لوجود العديد من الأطفال مجهولي النسب في مستشفيات الأطفال في قطاع غزة، وقد كان وجودهم يشكل مشكلةً كانت دوماً تبحث عن حلٍ جذري، خاصة وأن مصير هؤلاء الأطفال كان الموت والضياع. وانطلاقاً من هذا الوضع فقد أُنشئت الجمعية في يونيو عام 1993، لتصبح الجهة الوحيدة في قطاع غزة التي تؤدي هذه الخدمة.

من سيفتخر بهم؟!

"حسناء قشطة" (45 عاماً، وتعمل ربة بيت) عبّرت عن ذهولها لوجود هذه الفئة من الأطفال في قطاع غزة، وذلك بقولها: "لا أكاد أصدّق ما تراه عيناي، هل يُعقل أن مجتمعنا الغزيّ يوجد به كل هذا العدد من الأطفال اللقطاء..كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟".

وطالبت "قشطة" الجهات المسئولة بـ "دق ناقوس الخطر، والتصدي لهذه الظاهرة، وتوعية الشباب والأسر بأهمية انتهاج طريق العلم والأخلاق والبعد عن طريق الرذيلة والجهل، وعدم إهدار الوقت، كي لا نظلم أجيالنا الصغار بناة المستقبل".

أما المواطن "خليل حسان" فيرى أنه "من الضروري تنظيم حملات توعوية وإعلامية منظّمة من قِبَل كافة الجهات المحلية والدولية المختصة لنشر الثقافة والوعي بخطورة هذه الظاهرة على المدى القصير والبعيد أيضاً".

ويوافقه الرأي اللحام "أبو أنس الحداد" حيث يُعبّر عن تذمّره من الحالة الصعبة التي وصل إليها مجتمعنا الغزيّ والمتمثلة بوجود مثل هذه الشريحة من الأطفال قائلاً: "كفانا معاقي وجرحى ومرضى الاحتلال والحصار، والذين نفتخر بهم لأنهم نتاج صمودنا ورباطنا ونضالنا، أما أولئك الأطفال الذي ظُلموا ولم تعرف لهم هوية؛ فمن سيفتخر بهم؟!!".

حلول ومقترحات

وتطالب مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في قطاع غزة الحكومة وكل مركبات المجتمع باليقظة تجاه قضية الأطفال مجهولي النسب، وضرورة تعاون كل فئات المجتمع على المستويات الرسمية والأهلية والشعبية للتوعية المجتمعية لسكان القطاع لتفادي زيادة عدد الأطفال مجهولي النسب، واحترام هذه الفئة من الأطفال، مؤكدة على ضرورة تطبيق كافة حقوق الأطفال مجهولي النسب الموجودة في القوانين المحلية والدولية، ودمجهم في المجتمع والتعامل معهم كأفراد طبيعيين على اعتبار أنهم ضحايا لأخطاء آبائهم وأمهاتهم، وانطلاقاً من حقهم في ممارسة الحياة الطبيعية كباقي الأطفال الآخرين.

كما شددت الضمير على ضرورة زيادة عدد المتبنين لهذه الفئة من الأطفال وذلك للحفاظ على سلامتهم النفسية والاجتماعية عن طريق التنشئة في جو أسري، مطالبة المجتمع الفلسطيني وأهل الخير والمجتمع الدولي بالتبرع ودعم الأطفال مجهولي النسب في القطاع.

أما شمعون فتقترح على المؤسسات الأهلية والنسوية ضرورة القيام بدراسات مسح لتحديد حجم هذه الظاهرة، بالإضافة إلى إعداد دراسات وأبحاث معمقة تكشف الأسباب الحقيقية لهذه المشكلة، "لنتمكن من تحديد المسؤوليات التي يتوجب أن تقوم بها المؤسسات من حملات توعية للنشء، أو لتكن وقاية وحماية للشابات والطفلات والنساء بمختلف شرائحهن بكيفية التصرف، وكيفية متابعة وحماية أطفالهن ذكورا أو إناثا، لأنه ليس بالضرورة أن يفضي الاعتداء عن حمل بل قد يتسبب بأمراض نفسية أو سلوكية على نفسية الأطفال لاحقاً".

وأكدت أن وجود الدراسات يمكن المؤسسات من إيجاد سبل تدخل مناسبة حسب طبيعة كل منطقة في قطاع غزة، وتضع تصوراً واضحاً للتصدي للعنف سواء كان واقعاً أو من الممكن أن يحدث، وتسهل تبادل الخبرة والمعرفة والتجربة بين الفئة المستهدفة كمحاولة للتخفيف من حدة هذه المشكلة.

وتابعت شمعون "إن وجود تنشئة اجتماعية سليمة ووجود قوانين رادعة للمعتدين من شأنها أن تجبر المعتدي على التفكير ألف مرة قبل أن يقتنص فرصته المناسبة في غياب الأهل أو توفر فرصة مناسبة للقيام باعتدائه ثم يرحل دون عقاب أو حتى خوف من العقاب، وهذا الأمر بدوره يجعلنا نفتح ملف النساء اللواتي يقتلن على خلفية ما يسمى بالشرف فكم بريئة منهن قتلت وقتلت سمعتها بعد الموت، وأحداً لم يفكر بتبرئتها بينما المعتدي طليقا يكرر فعلته، إن واجبنا هو كشف هذا الفساد الاجتماعي وإبرازه في دائرة الضوء كي نتمكن من وضع التدخلات المناسبة التي تكفل الحد من تزايدها، وكي لا نكون كالنعام الذي يدفن رأسه في التراب وندّعي عدم وجود أي مشاكل أخلاقية أو اجتماعية".