|
الحاخام فرومان يوجه عبر وكالة "معا" رسالة لحركة فتح
نشر بتاريخ: 02/09/2009 ( آخر تحديث: 02/09/2009 الساعة: 18:18 )
بيت لحم- معا وجه الحاخام الاسرائيلي المعروف مناحيم فرومان عبر وكالة "معا" رسالة إلى حركة فتح، هذا نصها:
رسالة ودية موجهة إلى المشاركين في مؤتمر فتح في بيت لحم في هذه الأيام تتجه العيون ليس فقط في الدول العربية وفي الدول الإسلامية بل في جميع دول العالم إلى نتائج مؤتمر فتح، خاصة وأن إدارة الرئيس أوباما في أمريكا أيضا تتابع المؤتمر، وهنا أردت أن أؤكد لكم بأن عيون الإسرائيليين تتطلع إلى بيت لحم أيضا. فالسؤال الذي يسأله الجميع هو: من الذي سينتصر في هذا المؤتمر؟ هذا السؤال ليس سؤالا خاصا، وهو: أي شخص أو أي فئة ستفوز في هذا المؤتمر، أظن بأن هذا السؤال هو سؤال عام: هل هم أتباع الخط المستمر في إيمانه بطريق السلام هو من سينتصر أم أولئك الذين يئسوا من الطرق المؤدية للسلام هم من سينتصرون؟ أسهل الطرق هي عدم الإيمان، فالحياة مليئة بالظلم والكثير من الذعر والصعوبات، لأنه من الطبيعي بأن نيأس في أن نقنع الآخر بحياة طيبة، كذلك هي حياة الشعب الفلسطيني مقابل الشعب الإسرائيلي مليئة بالظلم والقسوة والذعر، لذلك من الطبيعي أن نيأس وأن لا نؤمن بإمكانية الشعب الفلسطيني في أن يعيش بسلام وطمأنينة، ولكن الاسم الأجمل لله سبحانه وتعالى هو: "السلام"، يشترك في هذا الاسم الآمة الإسلامية والشعب اليهودي، فحسب شريعتنا محرم قول كلمة "سلام" في مكان غير طاهر لأن هذا هو اسم الله سبحانه وتعالى. ينتج عن ذلك بان من لا يؤمن بما لديه لا يؤمن بالله سبحانه وتعالى، ومن لا يؤمن بالسلام فهو كافر. الإيمان بالله لا يعني أن نغلق أعيننا أو أن نكون غير مبالين للعناء أو للظلم المجحف، فالله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بأن نكون غير مبالين بالظلم ولا يحب غير المبالي بالعناء. فالعكس هو الصحيح، لأن المؤمن حساس للعناء وللظلم وهو يصرخ في وجوه الظالمين: الله أكبر! الله سبحانه وتعالى سيعطي النصر للعدل وسيوقف العناء، الله سبحانه وتعالى هو منبع الحكمة، والمؤمن يتوجه بدعائه إلى الله من أجل أن يعطي للناس الحكمة لكي يوقفوا العناء ولكي يصنعوا السلام على الأرض، الله سبحانه وتعالى يأمرنا بأن نجاهد من أجله، من أجل السلام، فمنذ فترة طويلة امتلأت الأرض المقدسة بالحروب والظلم والعناء، لسنوات طويلة يدير الشيطان في الأرض المقدسة سلسلة ملعونة من السحر الأسود، من عنف وعنف مقابل، نضرع إلى الله أن يعطينا الحكمة من أجل أن نوقف عمل الشيطان الملعون، لقد حان الوقت في أن نرتقي إلى مقام عال من أجل أن نرجم الشيطان اللعين الموقظ للحرب والظلم والعناء، الله أكبر!. في بلدتي، كما في كثير من الأماكن في الأرض المقدسة نسمع خمس مرات في اليوم النداء: الله أكبر! وحسب ما تعرفه مجموعتي الدينية بأنني كنت على علاقات جمة بالكثيرين من أبناء شعبكم (مثلا الشيخ أحمد ياسين وأبو عمار) يسألونني دائما: ماذا يعني هذا الصوت العالي الآتي عبر المكبرات خمس مرات يوميا؟ وبدوري أترجم لهم معنى هذه الدعوة الإيمانية للصلاة فأقول: الله- اسمه الأجمل هو السلام، فالله أكبر معناه، السلام هو أكبر، السلام سينتصر على كل المحبطات. ذكريات طفولتي المبكرة من الأيام الأولى لقيام دولة إسرائيل، كطفل صغير أذكر كيف كان المرحوم والدي وأبناء جيله فرحين بأن أصبح لليهود دولة في النهاية، لماذا كانوا فرحين بهذا الشكل؟ مع العلم بأنهم عانوا بسبب العوائق الكبيرة التي مرت بهم، فالقوى السياسية الكبرى لم تعطوهم عبر التاريخ حريتهم، لقد انتظر اليهود لأكثر من ألفي سنة هذه الدولة، وفي النهاية زالت الحواجز وأراد الله، أن تكون لليهود دولة مستقلة. على كل طفل يهودي أن يعرف القصة المشهورة التي تختصر لليهود ماهية دينهم: "جاء رجل إلى رجل الدين وسأله: هل يمكنك أن تختصر لي في جملة واحدة (وأنا واقف على رجل واحدة) ماهية الديانة اليهودية؟ أجاب رجل الدين: أحبب لجارك ما تحبه لنفسك"، وأنا كرجل يحب أن يسير على منهج وماهية الديانة اليهودية، أريد لجيراني ما أريده لنفسي، فكما أعطى الله لليهود دولة مستقلة كذلك فليعط للفلسطينيين دولة مستقلة وحرة تعيش بسلام وازدهار، رغم كل الصعاب! الله أكبر! فلا يقولن أحد: إذا أعطى الله دولة واحترام وحرية وسلام وازدهار لليهود، فكيف يمكننا أن نسمح بقيام دولة وحرية واحترام وازدهار وسلام للفلسطينيين؟ لا يسأل مثل هذا السؤال إلا كافر، فكما يقول المؤمنون المسلمون عن نبع زمزم الذي في مكة المكرمة، الذي يعطي ماء قراحا لكل شخص يأتي لإقامة شعائر الحج، كذلك يقول المؤمنون اليهود على ألائك الذين يسجدون لله سبحانه وتعالى بأن الله أعطى مكانا للجميع، فيد الله ليست قصيرة لتمنع الخير عن كل المؤمنين، بل على العكس: فكما يحدث بين الزوج وزوجته: إذا حدث مكروها لأحدهم فكأنما حدث لكليهما، وان حدث خيرا لأحدهم فكأنما حدث الخير لكليهما، كذلك هم الإسرائيليون والفلسطينيون: فقد رأينا إذا حدث مكروها للفلسطينيين أصاب ذلك المكروه اليهود أيضا، وبعون الله سنرى الخير للفلسطينيين وللإسرائيليين على السواء، نحن نضرع إلى الله أن يعطي للشعبين الحكمة من أجل أن لا يوقفوا الخير المعطى للبشرية كافة. ها هو السؤال الذي يسأله ألائك الذين أعينهم معلقة بمؤتمر فتح: هل سينتصر السلام في هذا المؤتمر؟ هل ستنتصر تعاليم الله؟ هذا هو السؤال الذي يسأله الناس في جميع أنحاء العالم خاصة في حكومة الرئيس أوباما: هل سنرى في المؤتمر غلبة الحكمة التي تجلب السلام أم سنرى غلبة الغضب الذي يجلب الانتقام والانتقام المضاد؟ في لغة السياسة: السؤال الكبير الذي يقف أمام الشعب الفلسطيني هو: هل يمكن استغلال فترة الرئيس أوباما لكي يكسب هذا الشعب عدة نقاط إضافية في منافسة الملاكمة المستمرة منذ سنوات طويلة والتي يمكن أن تستمر لسنوات عديدة أخرى بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بحيث يتلقى الطرفان الكثير من اللكمات القاسية المتبادلة، ومن الممكن أيضا استغلال الأمر الذي مكن من حدوث معجزة أدت إلى انتخاب براك حسين أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، من أجل تحقيق مكسب حقيقي للفلسطينيين: وإقامة دولة مستقلة وحرة ومزدهرة تعيش بسلام. ممنوع الاعتماد في حياتنا على الإعلام والسياسيين فقط، عليكم أن لا تقنطوا من مواقف دولة إسرائيل في المحادثات السياسية المستمرة منذ سنوات. هذه هي الرسالة الأساس التي جئت أكتبها عنكم هنا: أنا أعيش مع شعبي ويمكنني أن أقول لكم: غالبية الشعب الإسرائيلي يريد أن يعيش بسلام وازدهار مع جيرانه الفلسطينيين، هذا الأمر مهم جدا لمستقبل شعبينا أكثر أهمية من مواقف السياسيين في محادثاتهم السياسية التي لم تأت بنتيجة حتى الآن، هذه هي مأثرته العظيمة لصديقي أبو عمار، لم ييأس بسبب السياسيين، لقد أحرز الكثير من الإنجازات حينما اجتاز/التف على السياسيين الإسرائيليين، لذلك فقد دعاني مرارا كممثل للعالم الديني اليهودي وكذلك الكثير من الإسرائيليين من أجل حوارات متواصلة حول كيفية التقدم في عملية السلام، لقد بحث عن أفكار جديدة لم يطرحها السياسيون، أذكر كيف انفعل مرة عندما اقترحت عليه بأن تخرج الصلاحيات الأمنية المناطة بالجيش الإسرائيلي للحفاظ على حياة الإسرائيليين الساكنين في المستوطنات وتنقل الصلاحيات للجيش الفلسطيني، أمسك أبو عمار بيدي وصاح بفرح: "هذه مبادرة جديدة! هذه مبادرة جديدة!". في الحكومة الأمريكية الجديدة يبحثون أيضا عن أفكار جديدة، فقط منذ فترة وجيزة دعينا السيد غسان مناصرة وأنا إلى واشنطن للقاء ممثلي الحكومة الأمريكية من المسئولين بالدرجة الأولى، ذهبنا إلى واشنطن شخص فلسطيني يعيش في إسرائيل وراب يعيش في الضفة الغربية في ألأراضي التابعة لدولة فلسطين، وعرضنا عليهم أن لا يماطلوا الفلسطينيين، بل بناء ما يسمونه people to people peace. وهذا ما فهمه جيدا أبو عمار: بان حركة السلام بين الشعوب ستدفع بقوة السياسيين باتجاه السلام، ويوجد الكثير من المشاكل الخطيرة جدا والتي لا يريد السياسيون معالجتها: مثلا كيف نحول المدينة الحبيبة القدس من نقطة خلاف ليس لها حل إلى عاصمة سلام لكلا الشعبين، من يمكن أن يسلم القدس من أجل السلام غير حكماء اليهود الذين هم أعلى مرتبة في القيادة الدينية العليا، هذه الأمور قلناها وكتبناها السيد غسان مناصرة وأنا للمسئولين للأمريكيين، وكذلك نحن نعمل بعون الله في هذه الأيام من أجل أن نوصل هذه الأمور وأمورا أخرى إلى الرئيس أوباما نفسه، وبالنسبة لفكرة كيفية أن نعمل لكي لا تبقى عملية السلام في يد السياسيين فقط، تخلق تفكيرا ايجابيا في واشنطن. بما أني إسرائيلي يمكنني القول بأن هذا السؤال هو السؤال الأكبر الذي يسأله محبو السلام في إسرائيل: هل مؤتمركم سيقربنا من السلام؟ هل سنقترب من وضع يمكن للسلام فيه أن يسيطر على الأرض المقدسة، وهل المدينة المقدسة ستتحول لتكون عاصمة السلام للإسرائيليين والفلسطينيين؟ هل سنقترب من تحقيق كلام الله سبحانه وتعالى بواسطة أنبيائه كما يمكن تلخيص أقوالهم بقوله تعالى في سورة الإسراء " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله". أنا أتوجه إلى الله ضارعا بأن يكون كلامي هذا خارجا من قلوب غالبية الشعب الإسرائيلي الذي يريد أن يعيش بسلام مع الشعب الفلسطيني، وليتحد دعائي مع دعائكم لكي نرى قريبا من خلال قيادتنا السليمة الله سبحانه وتعالى- والذي اسمه السلام في الأرض المقدسة وفي جميع العالم. الحاخام/ مناحم فرومان |