|
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يقوضان من إحقاق العدالة في حرب غزة
نشر بتاريخ: 30/09/2009 ( آخر تحديث: 30/09/2009 الساعة: 22:30 )
جنيف-معا- قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن عدم تصديق الولايات المتحدة وحكومات الاتحاد الأوروبي على تقرير بعثة تقصي الحقائق في غزة، يُرسل برسالة مفادها أن انتهاكات قوانين الحرب الجسيمة تُعامل بلا حزم حين يرتكبها طرف حليف.
وفي 29 سبتمبر/أيلول 2009 كان القاضي ريتشارد غولدستون قد عرض تقرير البعثة، بشأن النزاع في غزة في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين، على مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. ودعا غولدستون الدول أعضاء المجلس إلى التصديق على توصيات التقرير، ومنها المخصصة لضمان المساءلة على الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب أثناء نزاع غزة، وهذا بالضغط بالاستعانة بمكانة ونفوذ مجلس الأمن. وفي معارضة منها لهذه التوصيات الأساسية، وصفت الولايات المتحدة التقرير بأنه "غير متوازن" و"معيب للغاية"، لكنها لم تعرض حقائق فعلية تدعم هذه التأكيدات. وفي واقع الأمر فإن التقرير يعكس تقييماً واقعياً ودقيقاً للانتهاكات التي ارتكبها طرفا النزاع، وهي قريبة للغاية من نتائج هيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات المستقلة. وأقرت كلمة تلاها السفير السويدي بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي بأهمية التقرير، لكن لم تذكر الكلمة التصديق على نتائجه وتوصياته. ودول الاتحاد الأوروبي المشاركة بالعضوية في المجلس، ومنها المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، ما زالت صامتة إزاء التقرير. وقالت جولييت دي ريفيرو، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في جنيف: "جهود الولايات المتحدة الرامية للتقليل من أهمية تقرير غولدستون هي محاولة مخزية من إدارة تزعم أنها تدعم سيادة القانون والمساءلة على جرائم الحرب". وتابعت: "كما أنه من المؤسف أن حكومات الاتحاد الأوروبي الأبرز لم تنتهز هذه الفرصة الثمينة لمطالبة طرفي النزاع بالعدالة للضحايا. ونتائج التقرير التفصيلية وتوصياته الدقيقة تستحق الدعم، وليس التقليل من أهميتها والصمت إزاءها". تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة الواقع في 575 صفحة، والصادر في 15 سبتمبر/أيلول، انتهى إلى أن كلاً من الطرفين، إسرائيل وحركة حماس، مسؤولين عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك ارتكاب جرائم حرب واحتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية. وأوصى التقرير بأن على الحكومة الإسرائيلية وسلطات حماس إجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة في إطار فترة ستة أشهر. وإذا انتهى مجلس الأمن إلى أن الطرفين لم يلتزما بذلك، حسبما يدعو التقرير، فيجب إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقال مايكل بوسنر لـ هيومن رايتس ووتش، وهو مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، في 29 سبتمبر/أيلول، أن "التوصيات غير المتوازنة تشوب الكثير من توصيات التقرير بالعمل على المستوى الدولي" وقال إنه بما أن إسرائيل دولة ديمقراطية ملتزمة تمام الالتزام بسيادة القانون، فإن "فيها المؤسسات والقدرات اللازمة لإجراء تحقيقات قوية في هذه المزاعم"، ولكنه أيضاً ألمح إلى أن إسرائيل أعلنت على الملأ أنها حققت بالفعل في 100 شكاية على صلة بنزاع غزة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن بوسنر تجاهل تاريخ إسرائيل الطويل في الإخفاق في التزام التحقيق بنزاهة ومقاضاة عناصر قواتها الأمنية الذين يتبين ضلوعهم في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وطبقاً لجماعات حقوقية إسرائيلية، من 2000 إلى سبتمبر/أيلول 2008، فإن إسرائيل أدانت خمسة جنود فقط جراء أعمال القتل بالخطأ لفلسطينيين أثناء فترة قُتل فيها أكثر من 2200 مدني فلسطيني على يد الجيش الإسرائيلي. وتحقيقات إسرائيل الجارية، ويتولاها جميعاً الجيش، تُظهر أقل الدلائل على أنها فعالة أو نزيهة. فبعد تسعة أشهر من انتهاء النزاع، معروف أن إسرائيل قابلت شاهدين فلسطينيين اثنين فقط على ذمة الجرائم المزعوم وقوعها في غزة، وأدانت جندياً واحداً لا أكثر، وحكمت عليه بالحبس سبعة أشهر جراء سرقته بطاقة ائتمانية. وقالت جولييت دي ريفيرو: "اعتقاد الولايات المتحدة المُعلن باستعداد إسرائيل للتحقيق بجدية في أخطائها يعكس رفض مؤسف لمواجهة الواقع". وأضافت: "إن الولايات المتحدة تفوت على نفسها فرصة هامة بتركها إسرائيل تُفلت بما ارتكبت، وتركها لحماس بدورها تُفلت بما ارتكبته". وقالت الولايات المتحدة بأن تبني تقرير غولدستون وتوصياته من شأنه أن يقف عقبة في طريق جهودها من أجل إحياء محادثات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. لكن غولدستون ذكّر المجلس بأن تجاهل الهجمات على المدنيين من شأنه أن يقوض من مساعي وجهود السلام. وقال إن على المجتمع الدولي أن يواجه حقائق التقرير، ومن ثم أن "يستند إلى أسس فعلية قائمة في سياق سعيه لتحقيق السلم والأمن". |