وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تقرير لمركز القدس يتهم اسرائيل بارتكاب انتهاكات خطيرة بالقدس

نشر بتاريخ: 17/10/2009 ( آخر تحديث: 17/10/2009 الساعة: 19:14 )
القدس -معا- اتهم تقرير أصدرته وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية السلطات الإسرائيلية بارتكاب انتهاكات خطيرة في القدس الشرقية المحتلة خلال شهر أيلول الماضي، شملت حرية العبادة والمس بالمقدسات الإسلامية ، وانتهاكات حرية الأفراد العامة خاصة في مجال حرية الحركة والتنقل وفرض مزيد من القيود عليها، واستمرار منع النشاطات والفعاليات المدنية والجماهيرية وإغلاق المؤسسات ، ومصادرة أراضي المقدسيين وتكثيف عمليات الاستيطان اليهودي في تلك الأراضي ، والاستيلاء على عقارات المقدسيين ، واستمرار أعمال التنكيل التي يقترفها رجال أمن ومدنيين إسرائيليين بحق المقدسيين، وهدم المنازل بدواعي عدم الترخيص .

وقال التقرير أنه سجل ارتفاعا حادا في حجم وكثافة هذه الانتهاكات، على نحو يفوق الانتهاكات الإسرائيلية طيلة الشهور الثمانية من العام الجاري ، كان في المقدمة منها انتهاكات حرية العبادة وحجم القيود المفروضة على حركة التنقل خلال شهر رمضان، وتصاعد وتيرة الاستيطان ومصادرة الأراضي.
وفيما يلي إجمال لهذه الانتهاكات:

أولا: انتهاكات حرية العبادة والحريات العامة:

ووفقا لما ورد في التقرير فقد سجل شهر أيلول المنصرم تصعيدا حادا في الانتهاكات الإسرائيلية لحرية العبادة والحريات العامة، وفرضت السلطات الإسرائيلية قيودا مشددة على حركة تنقل الأفراد والجماعات خاصة في شهر رمضان ، ما حال دون حق عشرات الآلاف من المواطنين من أداء صلواتهم وشعائرهم الدينية، وحرمانهم من حق أساسي من حقوق الإنسان التي كفلتها القوانين الدولية وكفلها أيضا القانون الإسرائيلي ذاته. ولم تتوقف هذه الانتهاكات عند حدود المنع بالقوة بل تعدتها إلى الاعتداء الجسدي العنيف، والاعتقالات.

وفي هذا الإطار منعت السلطات العسكرية الإسرائيلية عبر نقاط التفتيش المقامة حول القدس ، وعلى مداخل أحيائها ، وعلى بوابات البلدة القديمة والمسجد الأقصى من هم دون سن الخمسين من الرجال ومن هن أقل من 45 عاما للنساء من دخول القدس والصلاة في الأقصى ، وقد شملت هذه الإجراءات مواطني الضفة الغربية والقدس الشرقية وحتى مواطني الخط الأخضر الذين تعتبرهم إسرائيل مواطنيها ويحملون جنسيتها. وسدت مداخل الأحياء المتاخمة للبلدة القديمة ، ومنعت تحرك المركبات العامة والخاصة في محيط تلك الأحياء أو دخولها.

في حين سجلت العديد من الاعتداءات على حواجز التفتيش العسكرية خاصة عند قلنديا ومخيم شعفاط على النساء وكبار السن لدى محاولتهم اجتياز تلك الحواجز والوصول إلى المدينة المقدسة.

وتسببت هذه الإجراءات على مدى شهر رمضان من حرمان عشرات الآلاف من حقهم في الصلاة ما مثل انتهاكا لحرية العبادة بلغ ذروته في الجمعة الأخيرة من رمضان.

وترافقت إجراءات المنع هذه مع إغلاقٍ شامل على الضفة الغربية وفُرِضَ في السادس والعشرين من أيلول لمناسبة عيد الغفران اليهودي .

وكان المواطنون أحبطوا يوم السابع والعشرين من شهر أيلول محاولة اقتحام للمتطرفين يهود للمسجد الأقصى من ناحية باب المغاربة واشتبكوا مع الشرطة الإسرائيلية التي استخدمت العيارات المطاطية والقنابل المسيلة للدموع ما أوقع عشرات الجرحى نقلوا إلى مستشفيات المدينة فيما اعتقلت الشرطة عشرات الشبان للتحقيق معهم وسبق ذلك إغلاق الشرطة لجميع بوابات البلدة القديمة والمسجد الأقصى حيث منعت المواطنين من غير سكان البلدة القديمة من الدخول إليها كما حظرت على الشبان ممن تقل أعمارهم عن خمسين عاما من دخول المسجد الأقصى وتعرضت عناصر من الشرطة وحرس الحدود لأطقم الإسعاف المحلية واعتدت على اثنين من المسعفين للضرب خلال محاولتهما تقديم الإسعاف لأحد الشبان اعتقله الجنود وأصيب بحالة إغماء في وقتٍ نجحت فيه تلك الأطقم في نقل 12 إصابة .

وباعتدائها على أطقم المسعفين انتهكت الشرطة اتفاقية جنيف الرابعة المنطبقة قانونا على الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث نصت المادة 20 من الاتفاقية على ضرورة ضمان واحترام الموظفين المختصين بالبحث عن المرضى والجرحى المدنيين وجمعهم ونقلهم ومعالجتهم. فيما أكدت المادة 63 على وجوب تمكين الجمعيات الوطنية للصليب والهلال الأحمر من مباشرة أنشطتهم الإنسانية في ظل التدابير المؤقتة والإنسانية التي تفرضها الاعتبارات القهرية لأمن دولة الاحتلال.كما أكدت البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف في مواد رقم 12 و15 و16 على وجوب احترام وحماية الوحدات الطبية بكل وقت وألا تكون هدفاً لأي هجوم والسماح بالوصول إلى أي مكان لا يستغنى عن خدماتها فيه دون أي عائق .

إلى ذلك اقتحمت الشرطة منازل في حي الجالية الإفريقية قُرب باب الناظر أحد بوابات المسجد الأقصى واعتقلت أحد الشبان بعد ضربه بعنف ما أفقده الوعي كما اعتدت الشرطة على أحد المسنين الذي أصيب بجروح متوسطة في عينه اليسرى , وحظرت الشرطة في ذلك اليوم وضمن قيودها على حركة تنقل المواطنين، واعتقلت حاتم عبد القادر مسئول ملف القدس في حركة فتح واتهمته بالتحريض بسبب النداء الذي وجهه والذي دعا فيه المواطنين إلى الدفاع عن المسجد الأقصى ومنع المستوطنين من اقتحامه .

أما في مجال انتهاك الحقوق العامة فقد منعت الشرطة الإسرائيلية يوم الثاني عشر من أيلول محافظ القدس المهندس عدنان الحسيني من إقامة إفطار جماعي في فندق الأقواس السبعة كان مخصصاً لأعضاء السلك الدبلوماسي في القدس ورجال الدين الإسلامي والمسيحي .

كما منعت الشرطة يوم السابع من أيلول جمعية أبناء لفتا من إحياء أمسية رمضانية في ساحة باب الساهرة في القدس ومنعت إقامة أمسية رمضانية أخرى في نادي بيت حنينا المقدسي حيث تقرر إغلاق مقر نادي دون إبداء الأسباب.

وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أغلق مسرح الحكواتي ونادي جبل الزيتون لمنع إقامة أمسيتين رمضانيتين كانتا مقررتين مسبقاً ، وسبق ذلك اقتحام الشرطة والمخابرات الإسرائيلية منزل عبد الله الكسواني رئيس نادي جبل الزيتون ,وزياد الشمالي المشرف الرياضي في النادي واقتادتهما إلى سجن المسكوبية وأخضعتهما لتحقيق استمر لعدة ساعات .

وفي الثاني عشر من أيلول منعت الشرطة الإسرائيلية بقرار من وزير الأمن الداخلي إقامة عرض للدبكة الشعبية في المسرح الوطني الفلسطيني بالقدس كانت تنوي إقامته فرقة رواق القدس التابعة لجمعية شباب البلدة القديمة وسلمت الشرطة قرارا بإغلاق المسرح لرئيس الجمعية رياض شهابي يمنع إقامة العرض بدعوى أنه سيقام تحت رعاية السلطة الفلسطينية .

وكانت الشرطة والمخابرات الإسرائيلية مددت إغلاق مركز نضال لتعزيز وتنمية المجتمع في البلدة القديمة لمدة عام .

وكانت إدارة المركز تلقت أمرا بإغلاقه بتاريخ 12-7-2009 لمدة شهر آخر انتهى في 11-8-2009 وقبل انتهاء مدة الإغلاق الثانية أِبلغت إدارة المركز بقرار إغلاقه حتى 11-9-2010.

وتزامنت هذه الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأفراد والجماعات مع تعليمات وجهها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إسحق أهرونوفيتش إلى شرطته لتعزيز ما أسماه السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية المحتلة وتعميق نشاطاتها في المنطقة كجزء من ضرورة تعزيز القانون باعتبار ذلك جزءً من خطوة واسعة النطاق تتضمن تعزيز السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية عبر تدعيم التواجد الشرطي في البلدات والأحياء الفلسطينية .

من ناحية أخرى أطلقت السلطات سراح إيهاب الجلاد منسق الهيئة الشعبية المقدسية لاحتفالية عاصمة الثقافة العربية والذي اعتقلته مساء السادس عشر من أيلول بتهمة المشاركة بمسيرة القدس الأسبوعية بحجة أن هذه المسيرة غير قانونية .

ثانيا: الاستيطان ومصادرة الأراضي والاستيلاء على العقارات :

كما رصدت وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس خلال شهر أيلول تصعيدا إسرائيليا في مجال مصادرة الأراضي وتكثيف الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية ومحيطها وتكثيف عمليات البناء الاستيطاني في المستوطنات اليهودية المقامة على أراضي المواطنين في المدينة المقدسة.

فقد أعلن وزير النقل الإسرائيلي عن بناء المئات من الوحدات السكنية والمباني العامة مثل المدارس والكنس والمستوصفات في نحو 12 حياً استيطانيا في القدس الشرقية والعمل على إنجاز بناء 2500 وحدة استيطانية تجري إقامتها حاليا.

كما أُحتفلَ بوضع حجر الأساس في السادس من أيلول لحي استيطاني جديد يتبع مستوطنة معاليه أدوميم في منطقة E1 بمشاركة عدد من وزراء وأعضاء الكنيست الإسرائيلي من حزب الليكود ومن الأحزاب والحركات اليمينية من بينهم الوزير عوزي لنداو ووزير العلوم دانيئيل هرشكوفيتش .

وتزامن ذلك مع ما أعلنته بلدية القدس الغربية عن أنها وبالتعاون مع الحكومة الإسرائيلية تعد مخططا لإقامة 3000 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنات جيلو وجبل أبو غنيم (هار حوماه) إضافة إلى بسغات زئيف وراموت، وقد تم التوصل إلى هذا الاتفاق بين وزير الإسكان الإسرائيلي أرئيل أتياس ورئيس بلدية القدس الغربية نير بركات، وهو يشمل بناء مئات الوحدات الاستيطانية في كريات يوفيل ومشارف عين كارم في القدس الغربية.

يأتي ذلك في وقت أعلن فيه عن أوامر عسكرية إسرائيلية جديدة سُلِمت لعشائر المليحات البدوية شمال شرق القدس تطالبها بإخلاء مئات الدونمات من الأراضي المجاورة لمستوطنة معاليه مخماس والمقامة على أراضي قرية مخماس الفلسطينية وتضم عشائر المليحات التي تقطن في المنطقة نحو 1000 مواطن بالإضافة إلى آلاف رؤوس الأغنام .

وكانت سلطات الجيش أعلنت في الفترة ذاتها أنها سلمت عشرات الأوامر المماثلة لمئات العائلات البدوية في شرق وجنوب القدس تقضي بإخلاء عرب الصرايعة من منطقة واد أبو هندي وعرب ألدواهيك في منطقتي الخال الأحمر وزعيم .

وتقع معظم هذه الأراضي في المنطقة التي سيقام عليها المشروع الاستيطاني E1والمتضمن بناء عشرة فنادق وآلاف الوحدات الاستيطانية الأمر الذي من شأنه أن يفصل شمال الضفة عن جنوبها .

أما على صعيد الاستيلاء على عقارات المواطنين فقد حاول مستوطنون يوم 10-9-2009 الاستيلاء على منزل يعود للمواطنة فاطمة الداهودي الكائن في حوش الحلو في عقبة السرايا في عقبة السرايا بالبلدة القديمة بعد اقتحامه وكسر أقفال أبوابه الخارجية وهي المحاولة الثانية التي يقوم بها مستوطنون للاستيلاء على المنزل خلال العشرة شهور ,مستغلين وجود صاحبة المنزل في الولايات المتحدة ووجود نجلها محمد الداهودي في العمل .

ويتكون المنزل من طابقين يضم الطابق الأول 3 غرف أم الطابق العلوي فيضم غرفة وساحة خارجية وتعيش عائلة الداهودي في المنزل منذ عام 1930 ,وقد بدء الصراع على المنزل منذ عام 1990 بعد ترميمه حيث رفعت قضية ضد العائلة بدعوى تغيير المعالم من قِبَل حارس أملاك الغائبين وفي ذلك العام صدر قرار من محكمة الصلح الإسرائيلية يقضي بأن الطابق السفلي هو إيجار محمي للعائلة أم الطابق الثاني فهو إيجار غير محمي وبالتالي تم رفع أجرة المنزل من 10 دنانير في السنة إلى 1000 شيكل في الشهر .

وتعد محاولة الاستيلاء على هذا المنزل الأحدث من بين محاولات استيلاء عديدة على منازل وعقارات المواطنين في البلدة القديمة والقدس وهو ما أعلنته أيضا جمعية عطرات كوهانيم حيث أشارت هذه الجمعية الناشطة في مجال الاستيلاء على عقارات المقدسيين وتهويد البلدة القديمة أنها تمكنت من شراء ستة بيوت جديدة وهي تعتزم بناء حي استيطاني خارج الأسوار ,ووفق لوثيقة خاصة أعدتها عطرات كوهانيم ويشتمل أحد المساكن التي أعلنت عطرات كوهانيم استيلائها عليه شققاً لإقامة 21 عائلة وكنيساً وروضة أطفال وحوض طهارة يهودياً .

في حين تتضمن خطط عطرات كوهانيم بناء وتوسيع أحياء يهودية خارج أسوار البلدة القديمة ومنها حارة اليمن في سلوان والشيخ جراح ومستوطنة كدمات تسيون على أراضي أبوديس حيث تخطط هناك لبناء 300 وحدة استيطانية في المرحلة الأولى .

وقد كُشِفَ في منتصف أيلول الماضي عن مخطط إسرائيلي للاستيلاء على أراضٍ في منطقة حي الفاروق في جبل المكبر يقضي بتحويلها إلى مناطق أحراش وغابات ممنوع البناء فيها وتبلغ مساحة هذه الأراضي 550دونما.

وسبق هذا المخطط الكشف عن مخطط آخر لإقامة 104 وحدات استيطانية جديدة في حي رأس العامود ضمن مخطط 13098لبناء حي استيطاني يطلق عليه اسم جيفعات ديفيد لمنع أي اتصال بين البلدة القديمة ومنطقتي العيزرية وأبو ديس والمنطقة الجنوبية الشرقية .

وفي حدود محافظة القدس كشف النقاب عن مخطط استيطاني آخر واسع النطاق يستهدف قرى تلك المنطقة خاصة بلدة بيت إكسا المحاصرة وإدراجها على قائمة القرى الفلسطينية المهجرة حيث تم مصادرة أكثر من 3000 دونم لصالح مشاريع استيطانية في مستوطنتي راموت وهار شموئيل وتقليص مساحة البناء في خريطة التنظيم الهيكلي للقرية إلى 600 دونم فقط .

ثالثا : الحفريات حول البلدة القديمة وفي محيط الأقصى :

وسجل خلال شهر أيلول أيضا استمرار الحفريات الإسرائيلية في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى حيث كشف في العاشر من شهر أيلول عن نفق جديد تحت بلدة سلوان يتجه نحو المسجد الأقصى بطول يزيد عن 120 مترا وبعرض مترٍ ونصف المتر وبارتفاع 3 أمتار ويستهدف هذا النفق الجديد الاتصال بشبكة الأنفاق تحت بلدة سلوان والمتجهة هي الأخرى نحو المسجد الأقصى .

ويبدأ النفق من أسفل مسجد عين سلوان عند زاويته الغربية ويتجه إلى الأعلى شمالاً مع ميّلان بسيط نحو الغرب وتُشكِلُ هذه الأنفاق مجتمعة خطرا مباشراً على بيوت سلوان التي تشقق الكثير منها جراء الحفريات الإسرائيلية وبسبب هذه الحفريات انهار أحد الصفوف المدرسية في مدرسة بنات القدس التابعة للأنروا على بُعد نحو 40 مترا عن المسجد الأقصى يوم 1-2-2009 كما اكتشفت تصدعات يوم 5-2-2009 في مسجد عين سلوان والمباني المجاورة كما حدث انهيار درج أثري يوم 2-3-2009 في هضبة سلوان بفعل هذه الحفريات .

وكانت سلطة الآثار الإسرائيلية أعلنت يوم 23 أيلول عن اكتشاف مبنى يعود إلى هيرودوس في الحائط الغربي للمسجد الأقصى رجحت أنه استخدِم للإدارة وتم لاحقاً تحويل جزء منه للطهارة ,في حين ردت المحكمة العليا يوم 15-92-2009 التماسا ضد أعمال الحفريات في وادي حلوة بسلوان وبرر القضاة ردهم بهذا الالتماس بأهمية هذه الحفريات لمعرفة تاريخ الشعب اليهودي وتاريخ ثقافة الإنسان والبشرية بشكل عام .

رابعا: هدم المنازل :

واصلت بلدية القدس الغربية ووزارة الداخلية الإسرائيلية إتباع سياسة مناوئة للبناء الفلسطيني في مدينة القدس فقد رفض وزير الداخلية ايلي ياشاي المصادقة على المخططات الهيكلية الخاصة بعدد من أحياء وبلدات مدينة القدس لتسهيل هدم أكثر من 131 منزلا وشقة وعمارة سكنية بهذه الأحياء علما بأن المادة 106 من قانون التنظيم والبناء تعطي وزير الداخلية صلاحية عدم المصادقة على المخططات الهيكلية حتى بعد إقرارها من اللجنتين المحلية واللوائية شريطة إبداء الأسباب القانونية أو الفنية وحسب إحصائيات بلدية القدس يوجد في القدس الشرقية أكثر من 23 ألف منزل مقامة بصورة غير قانونية وغير مرخصة من قِبلها ,في حين أن البلدية نفسها تخالف قوانينها ذاتها حين تقوم بأعمال بناء في سلوان بدون ترخيص لصالح المستوطنين اليهود بالتعاون مع جمعية ألعاد الاستيطانية وقد كشف عن ذلك في جلسة للمحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس حين وجه قاضي المحكمة نوعام سولبيرغ تعليمات إلى البلدية تنص إلى وقف أعمال البناء بدون ترخيص والتي تقوم بها ألعاد في سلوان وتتضمن استبدال شبكات المياه والمجاري والاتصال وبناء الأرصفة وتنظيم مواقف سيارات ورفض القاضي سولبيرغ المواقف المبدئية ضد المشروع لكنه أكد أن جزء من الأعمال التي تقوم بها البلدية نفذت بدون تراخيص .وأكد سولبيرغ أنه يتوجب على البلدية وقف بناء الأرصفة وتحسين واجهات المباني إلى حين إصدار رخص بناء .

وكانت بلدية القدس أصدرت منتصف أيلول قرارا بهدم بوابة حديدية في حي الفاروق في جبل المكبر جنوب البلدة القديمة تعود لعائلة أبو قلبين ,في حين أخطرت عشرات العائلات المقيمة في حي العباسية بقطع المياه عنهم بحجة أنهم يقيمون في شقق غير قانونية كان صدر بحقها أوامر هدم كما أفاد بذلك المواطن إبراهيم مريش في إفادة لها لباحثي مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية .

خامسا : أعمال التنكيل والإعتقالات التعسفية :

وفيما يتعلق بأعمال التنكيل والاعتقالات التي نفذتها الشرطة الإسرائيلية بحق المقدسيين قال التقرير إن أعمال التنكيل والاعتقالات التعسفية بلغت ذروتها يوم 21 -9-2009 بقيام جنود إسرائيليين عند حاجز عسكري أقيم قرب قرية حوسان جنوب بيت لحم بقتل الشاب المقدسي ربيع وليد الطويل 23 عاما من سكان قرية صور باهر جنوب القدس.

ووقع الحادث حين كان الشهيد الطويل يقود سيارة تحمل لوحة تسجيل إسرائيلية متوجها إلى داخل الخط الأخضر لنقل عمال حين اعترضه جنود حاجز عسكري على مقربة من المفرق المؤدي إلى مستوطنة بيتار عيليت وأطلقت وابلا من العيارات النارية باتجاهه مما أدى إلى استشهاده على الفور في حين روي عن شهود عيان قولهم أن الشاب الطويل قتل بدم بارد ونفوا رواية الجيش بامتناع الشهيد عن الانصياع لأوامر الجيش بالتوقف ,وهو ما نفاه أيضا أحمد الطويل شقيق وليد الذي دحض رواية الشرطة والجيش بهذا الخصوص .

وكان سائق سيارة أجرة مقدسي من مخيم شعفاط يدعى سامي أبو نجمة في الثلاثين من عمره قد تعرض لاعتداء عنصري عنيف من قبل متطرفين يهود في القدس الغربية هاجموه داخل سيارته وكادوا أن يفتكوا به لولا تمكنه من الهرب من السيارة وهو مصاب .

ووفقاً لشاهد عيان إسرائيلي فقد شارك في عملية التنكيل العشرات من المتطرفين اليهود وسط حي جيئولا في القدس الغربية وانهالوا عليه بالضرب بمجرفة ومعول وحطموا سيارته وسرقوا نقوده فيما لم تحرك الشرطة الإسرائيلية ساكنا بعد تلقيها بلاغات من هذا الشاهد وإسرائيليين آخرين لإنقاذ السائق المقدسي .

كما تعرض الشاب أحمد قراعين من بلدة سلوان تعرض يوم 11 أيلول 2009 لاعتداء من قبل مستوطنٍ أطلق النار عليه وأصابه بجروح متوسطة استدعت نقله إلى المستشفى كما أصيب في هذا الاعتداء فتى في الخامسة عشرة من عمره يدعى أمير الفروخ بينما كان عائدا من المسجد الأقصى حيث اعتدى المستوطن بدايةً على نجل المواطن المذكور وحين حاول الأخير التدخل بادر المستوطن إلى إطلاق النار عليه وعلى الفتى الفروخ وفي اليوم التالي قررت محكمة الصلح الإسرائيلية الإفراج عن المستوطن بكفالته الشخصية والاكتفاء بوضعه قيد الإقامة المنزلية لمدة تسعة أيام ,وهو قرار عكس تساهلا من قبل المحكمة إزاء الاعتداء الذي أرتكبه المستوطن والذي كاد أن يودي بحياة المواطن قراعين .

إلى ذلك قررت الشرطة الإسرائيلية إبعاد اثنين من طلاب اللاهوت قبله في البطريركية الأرمنية إلى أرمينيا إثر شجار وقع مع متدينين يهود حين اعترضوا الطالبين الأرمنيين وبصقوا عليهما .

أما على صعيد الاعتقالات فقد سُجل في التاسع والعشرين من أيلول اعتقال 70 مواطنا من البلدة القديمة وضواحيها عقب مواجهات كانت اندلعت هناك احتجاجا على محاولات مستوطنين اقتحام المسجد الأقصى ومن بين المعتقلين هؤلاء العشرات من الشبان داخل الخط الأخضر الذين اشتبكوا مع الشرطة خلال تلك الاحتجاجات في حين حققت الشرطة مع الشيخ عكرمة صبري في مركز شرطة المسكوبية بدعوى أنه حرض على تلك الأحداث .

وأخلت الشرطة في ذلك اليوم سراح شاب من بيت حنينا يدعى ليث حاتم ربيع 18 عاما بعد توقيفه لمدة ستة أيام وكان الشاب المذكور شارك في مسيرة تضامنية مع أهالي حي الشيخ جراح وتم الاعتداء عليه من قبل الشرطة وتعرض لتحقيق قاسي خلال احتجازه في مركز شرطة المسكوبية حيث وضع في زنزانة طوال فترة التوقيف مليئة بالأوساخ والرائحة الكريهة وحرم من زيارة عائلته والاتصال بها هاتفيا .

وبالقرب من قرية بيت سوريك شمال غرب القدس أشتبك مزارعون بالأيدي مع جنود إسرائيليين خلال تظاهرة ضد الجدار في منطقة شمال غرب القدس واعتدى الجنود بالضرب على المزارعين الذي حاولوا الاقتراب من أراضيهم لجني محاصيلهم .

وكانت نساء فلسطينيات من القدس اشتكين من تعرضهن لمحاولات إذلال لدى زيارة أقاربهن في سجن عوفر كما تعرضن للتنكيل من قبل إدارة السجن التي حاولت إرغامهن على التعري تماما خلال زيارة أقربائهن داخل السجن وهو ما رفضنه ,علما أن هذا النوع من التفتيش غير قانوني إلا في حالات نادرة وخاصة وعندما يكون هنالك شك بأن الشخص يهرب على جسده مخدرات أو أدوات قتالية كما أن التفتيش على أجساد الزائرين يمس بحقهم في الخصوصية كما يمس كرامتهم ,أما الشك الذي من شانه أن يشرعن التفتيش الجسدي حسب قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية يجب أن يكون موضوعيا ومبنيا على حقائق ووقائع وليس مجرد إحساس .كما تنص قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على وجوب حظر هذا النوع من التفتيش بشكل منهجي واللجوء إليه فقط في الحالات المستعصية .

فيما طالت أعمال التنكيل في الخامس من أيلول 2009 مصورين صحفيين تم اعتقالهم والتحقيق معهم , ومنعهم من مزاولة عملهم داخل المسجد الأقصى كما حدث مع المصورين الصحفيين عمر عواد وسنان أبو ميزر الذين يعملان لصالح وكالة رويترز وبالميديا ووجهت للمصورين الألفاظ البذيئة والإهانات بدعوى من أن التصوير من داخل المسجد الأقصى ودون تصريح مسبق من الشرطة الإسرائيلية يمس بالقانون العام .

وعكست أعمال التنكيل هذه تفشياً لظاهرة العنصرية في المجتمع الإسرائيلي والتي عادة ما يرتكبها رجال أمن ومدنيين إسرائيليين بما في ذلك بعض الحاخامات ورجال الدين الذين تصدر عنهم فتاوى تحمل طابعا عنصريا كما هو الحال بالنسبة للفتوى التي أطلقها حاخامون يهود يوم 4-9-2009 خلال مؤتمر عقدوه في مستوطنة بسغات زئيف قرروا فيه إتباع كل السبل لمنع سكان الأحياء اليهودية من بيع مساكن للفلسطينيين وقرر هؤلاء فرض عقوبات على كل يهودي يبيع أو يؤجر منزلا لفلسطيني ,كما أعلنوا عن إجراءات أخرى من بينها شن حملة ملاحقة لعرب متزوجين يخرجون مع بنات يهوديات وإبلاغ عائلتهم ونسائهم بذلك .

في حين اتخذت العنصرية شكلا آخر في تفشيها حتى لدى الدوائر الرسمية الإسرائيلية وفي مجالات اقتصادية وهو ما يتضح من دعوى نظرتها محكمة العمل الإسرائيلية يوم 7 أيلول 2009 واتضح منها وجود تمييز ضد فلسطينيين عاطلين عن العمل من القدس ,يشاركون في مشروع فيسكونسين بالمقارنة مع يهود يشاركون بنفس المشروع حيث تبين أن المشاركين العرب يحصلون على إعادة رسوم سفريات بمبلغ يتراوح بين 80-200 شيكل بينما يحصل المشاركون اليهود على إعادة مصاريف بمبلغ 1000 شيكل .

التوصيات:

وخلص تقرير مركز القدس الى مجموعة من التوصيات من أبرزها:

أن القانون المنطبق في الأراضي التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس، يتمثل في ميثاق الأمم المتحدة - قرار الجمعية العامة 2625 (د-25) "عدم مشروعية أي حصول على الأرض ينشأ عن التهديد بالقوة أو عن استعمالها" وحق الشعوب في تقرير المصير والقانون الإنساني الدولي واللائحة المرفقة باتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وانطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأرض الفلسطينية المحتلة وقانون حقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية حقوق الطفل والعلاقة بين القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان وانطباق صكوك حقوق الإنسان خارج الإقليم الوطني وانطباق تلك الصكوك في الأرض الفلسطينية المحتلة، وعليه يوصي التقرير بما يلي:

أولا – حكومة الاحتلال الإسرائيلية:

وضع حد لانتهاكاتها للقوانين الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال في السكن وفي الحياة والتجمع.

التوقف عن مصادرة الأراضي والاستيلاء على الممتلكات الفلسطينية وأعمال التدمير بخاصة للمنازل المقدسية.

وضع حد لانتهاكها للحريات الدينية والتعديات على دور العبادة وتمكين المؤمنين من الوصول الحر إليها. والتوقف الفوري عن أعمال الحفر الجارية بجوار وأسفل المسجد الأقصى. والتوقف الفوري عن العمل بما يسمى ببرنامج السياحة الذي تتيح السلطات الإسرائيلية للمتطرفين اليهود الدخول إلى الحرم القدسي الشريف لتأدية شعائرهم وطقوسهم.

احترام حرية التعبير ووضع حد لانتهاكاتها لحرية الصحافة والتوقف عن ملاحقة الصحافيين الفلسطينيين بسبب طبيعة عملهم.
وضع حد للسياسات الممنهجة في التطهير العرقي والتمييز العنصري بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني وإزالة كل ما يعوق تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره السياسي والاقتصادي.

التوقف عن استهداف المؤسسات المقدسية، ووقف العمل بسياسة منع الاحتفالات الاجتماعية والمداهمات لتلك المؤسسات والتراجع عن قرار إغلاقها لمركز نضال للتنمية المجتمعية.

فتح تحقيق في ظروف استشهاد الشاب المقدسي ربيع وليد الطويل عند حاجز حوسان، ومحاكمة القتلى، والتوقف عن استهداف الأطقم الطبية والتخلي عن ممارسة الإذلال وامتهان كرامة أهالي الأسرى. ووضع حد لتعديات المستوطنين على المواطنين.

التوقف عن مطاردة القيادات الدينية والسياسية بالتحقيقات والاعتقال والاحتجاز.

الإفراج الفوري وبدون شروط عن جميع الشبان الذين اعتقلوا خلال الأحداث الأخيرة واحترام اتفاقات جنيف الرابعة في التعامل مع الأسرى.
التوقف عن سياسة فرض الحواجز والأطواق الأمنية التي تقود حرية حركة المواطن الفلسطيني وبخاصة أثناء الأعياد اليهودية.

ثانيا – السلطة الفلسطينية:

مواصلة مساعيها الحميدة لتمكين الشعب العربي الفلسطيني من تقرير مصيره وتحرره من الاحتلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس المحتلة.

مواصلة الحملات الدبلوماسية الدولية للضغط على الاحتلال للتوقف عن ممارساته وسياساته المخالفة للقوانين الدولية في مدينة القدس بشكل عام والأماكن الدينية بشكل خاص.

اشتراط العودة للمفاوضات بتوقف حكومة الاحتلال عن ممارساتها المخالفة للأعراف والقوانين الاحتلالية وبخاصة في مجال الاستيطان وانتهاكات حقوق الإنسان والحريات الدينية والمدنية.

مواصلة جهودها الحميدة في متابعة تقرير غولدستون في المحافل الدولية وصولا إلى جلب مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام القضاء الدولي.

ثالثا – المجتمع الدولي:

على الأطراف السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف الرابعة الوفاء بتعهداتها "بأن تحترم هذه الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحوال."

على جميع الدول التي تربطها علاقات مع إسرائيل، استثمار هذه العلاقة للضغط على حكومة الاحتلال لإنهاء ممارساتها المتعارضة مع القانون الدولي الإنساني، وذلك بشتى سبل وصولا إلى إنهاء الاحتلال كليا عن المدينة المقدسة وعموم الأراضي الفلسطينية عام 1967.

اشتراط دول المجتمع الدولي التوقيع على اتفاقيات التعاون والشراكة مع إسرائيل باحترام الأخيرة للقوانين والأعراف الدولية وحقوق الإنسان الفلسطيني وبخاصة حقه في تقرير مصيره على أرضه.

على جميع المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان مواصلة نشاطها الدءوب مع حكوماتها لفضح الانتهاكات التي ترتكب بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني والعمل على مساءلة وملاحقة القائمين عليها.