وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الصالحي يدعو لتشكيل مجلس انتقالي تأسيسي للدولة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 25/10/2009 ( آخر تحديث: 25/10/2009 الساعة: 22:08 )
رام الله- معا- وجه حزب الشعب الفلسطيني مذكرة هامة للمجلس المركزي الفلسطيني المنعقد في رام الله دعا خلالها لتشكيل مجلس انتقالي تأسيسي للدولة الفلسطينية واعتبره مخرجا سياسي وقانونيا من الأزمة الراهنة

وجاء في مذكرة الحزب التي قدمها أمينه العام النائب بسام الصالحي أن المجلس ينعقد في ظل ظروف صعبة ودقيقة تعيشها الساحة الفلسطينية على أكثر من صعيد ، بل ويمكن القول أن الظرف الآن هو الأكثر خطورة على منجزات شعبنا منذ انطلاقة الثورة الوطنية المعاصرة وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وحيازتها على اعتراف شعبنا والعالم بحق التمثيل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وأشار الحزب في مذكرته الى انه بالإضافة للفشل الواضح في العملية السياسية والتفاوضية بسبب مواقف إسرائيل وتواطؤ الإدارات الأمريكية وحيث امتدت هذه العملية لأكثر من ستة عشر عاما دون تحقيق هدفها بإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام، ،فان الضغوط الأمريكية ما زالت متواصلة من اجل دفعنا للقبول باستئناف هذه المفاوضات دون مرجعية ملزمة ودون الوقف الكامل للاستيطان ودون أي استعداد حقيقي لإلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومؤسساتها في أي مجال من المحالات ، وأخرها في الموقف من تقرير القاضي جولد ستون.

وقال أيضا أن هذا كله يترافق، مع تزايد حدة الانقسام الفلسطيني الداخلي وتجاوزه للحدود الايديولجية والسياسية ، والسعي لتحويله بصورة خطيرة الى انقسام جغرافي يزداد ويتعمق يوما بعد يوم ويهدد وحدة الكيان والنظام السياسي ومجمل ادواته الادارية واجهزته الرسمية و قوانينه وتشريعاته، بالاضافة الى تهديد هدف اقامة الدولة الفلسطينية ذاتها.

واعتبر الحزب ان حركة حماس بتهربها من التوقيع على اتفاق المصالحة الذي رعته مصر والذي اظهرت قوى منظمة التحرير استعداها للتوقيع عليه رغم ما لديها من ملاحظات ، وحيث قامت حركة فتح بتوقيعه ، انما دفعت الامور باتجاه موجة جديدة من التصعيد في حدة الانقسام والمس بالحقوق الدستورية والقانونية للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها وللمواطن الفلسطيني نفسه ، وبتعميق مخاطر تكريس الانقسام وتهديد هدف اقامة الدولة المستقلة فوق ما يواجهه هذا الهدف من تهديد متواصل من قبل اسرائيل.

وامام ها المأزق دعا الحزب مجددا لاجراء مراجعة فلسطينية شاملة تهدف الى اعتماد استراتيجية جديدة تقود الى انجاز قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.، ومعالجة حالة الانقسام الداخلي او حتى تقليص الخسائر المترتبة عليه، مشيرا الى ان الاستراتيجية التي يدعو لاعتمادها تنطلق من استمرار السعي لانجاز قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ورفض التعايش مع تحول السلطة الفلسطينية، نتيجة الرفض الاسرائيلي المنهجي لاقامة الدولة الفلسطينية من سلطة انتقالية مؤقتة الى سلطة دائمة في ظل الاحتلال، والى رفض التسليم بان الالية الوحيدة لانجاز الدولة الفلسطينية تتوقف فقط على نتيجة المفاوضات التي تتحكم اسرائيل بمسارها ومضمونها .

واوضح الحزب أن هذه الاستراتيجية المطلوبة هي استراتيجية موازية لا ترهن قيام الدولة الفلسطينية بعملية المفاوضات الراهنة والتي وصلت الى طريق مسدود ، بل تقوم على فتح اشتباك سياسي واسع على جوهر عملية السلام وفرض اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، بما في ذلك العمل المباشر مع الدول التي تدعم حق شعبنا في اقامة دولته لاعتماد قرار من الجمعية العامة للامم المتحدة بتأكيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وحدودها على كامل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، ومطالبة الامم المتحدة بإنفاذ مواد ميثاقها لانهاء الاحتلال بكافة اشكاله عن اراضيها، والى جانب ذلك تأكيد حق شعبنا المشروع في مقاومة الاحتلال كما كفلته الشرعية الدولية، وبما يخدم تنفيذ الاستراتيجة ذاتها ، وفي مقدمة ذلك توحيد وتنظيم وتوسيع المقاومة الشعبية للاحتلال.

وشدد الحزب على انه يمكن توظيف الخطة التي طرحها د.سلام وحكومته في إطار استراتيجية سياسية أشمل تقرها م.ت.ف وتنفذها كافة أطرها ومؤسساتها ومؤسسات السلطة الفلسطينية ذاتها .

ونوه الى إن ذلك يتطلب ايضا اعادة تفعيل التوجه لكافة المؤسسات الدولية بما فيها مجلس الامن والجمعية العامة، والسعي لمتابعة تطبيق القرارات الدولية بما فيها فتوى محكمة لاهاي وقرار مجلس حقوق الانسان فيما يخص تقرير غولدستون وعشرات القرارات الدولية الاخرى ، الى جانب تفعيل حركة التضامن الدولية وتعزيز الجهد الرسمي والشعبي التضامني مع الشعب الفلسطيني لمقاطعة اسرائيل وملاحقة مسؤوليها وفقا للاشكال القانونية الممكنة.

واعتبر ان هذه الاستراتيجية بما تتضمنه من إمكانية الإعلان من طرف واحد عن حدود الدولة الفلسطينية والتحضير لتأمين الاعتراف الرسمي العربي والدولي بها وقطع الطريق على تهرب إسرائيل الدائم من الاعتراف بهذه الحدود والسعي لتغييرها بصورة منهجية انما تشتمل ايضا على التمهيد التدريجي لانهاء التزامات السلطة تجاه اسرائيل في مختلف المجالات،وربط اية التزامات جديدة بالاعتراف المتبادل بين دولتين.

وانطلاقا من هذه الرؤية دعا الحزب للتعامل مع واقع الانقسام وما يترتب عليه من تعقيدات ومخاطر. وهو تعامل له شقين ، دستوري ، وسياسي ، وبالرغم من أهمية الحفاظ على الجانب الدستوري والقانوني، إلا أنه من المحظور وضعه في تناقض مع الخصوصية السياسية والوطنية للقضية الفلسطينية، خاصة في ظل حقيقة استمرار الاحتلال للاراضي الفلسطينية وعدم تحقيق الاستقلال الوطني ، وكذلك تجنبا لتبديد الاجماع الدولي على قيام الدولة الفلسطينية واستحضار حلول بديلة بما فيها الدولة ذات الحدود المؤقتة كنتيجة لاجهاض اسرائيل المادي لمقومات قيام الدولة الفلسطينية من جهة، ولاستمرار حالة الانقسام الفلسطيني من الجهة الأخرى.

وقال الحزب انه يتفق بالكامل مع إصدار الرئيس للمرسوم الدستوري بإجراء الانتخابات في موعدها وهو الأمر الدستوري والقانوني، الإلزامي للرئيس بحكم القانون الأساسي، ولكنه رأى أن الإقدام على إجراء الانتخابات ذاتها ودون ضمان شمولها لكل من الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، وأعتبره ينطوي على محاذير عدة تهدد الوحدة السياسية والقانونية لأراضي الدولة الفلسطينية، الأمر الذي يختلف بكل تأكيد عن غيره من الدول والحالات التي جرت فيها انتخابات غير شاملة، فتلك الدول لم تعاني من مشكلة عدم الاعتراف بكيانيتها السياسية أو بمكانتها القائمة كدول ذات سيادة، وفقا للقانون الدولي، وهو ما لا تتمتع به فلسطين الخاضعة للاحتلال الاستيطاني المتواصل، ولاستمرار المسعى الإسرائيلي لإجهاض الاعتراف الدولي بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وحقه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .

ونظرا لذلك أكد الحزب على أهمية استمرار الجهود لانجاز المصالحة و اجراء الانتخابات في ظلها ، كما ان من المهم في اطار السعي للمزج بين الاستحقاقات الدستورية والسياسية، وارتباطا بواقع الصراع بمجمله بما في ذلك انسداد الافق أمام عملية المفاوضات، البحث عن افضل الخيارات لمعالجة النعقيدات القائمة، وترك هذا الامر مفتوحا لمتابعة الرئيس والمجلس المركزي والقيادة الفلسطينية ،وتخويلها التعامل مع مقتضياته ختى 24-1-2010 .

وفي اطار دعوته لاعتماد استراتيجية إقامة الدولة الفلسطينية فإن الحزب دعا المجلس للنظر في تشكيل مجلس انتقالي تأسيسي للدولة الفلسطينية كخيار من ضمن هذه الخيارات التي تتجاوز التسليم باستمرار السلطة الفلسطينية كسلطة (حكم ذاتي) دائمة في ظل الاحتلال، وكخيار يحقق الدمج الضروري والممأسس بين مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية وهو الامر الاشكالي منذ نشوء السلطة، ، وبحيث يتيح هذا المجلس الذي يقترح تشكيله من (اعضاء المجلس المركزي، واعضاء المجلس التشريعي المنتهية ولايته او المنتخب )، لرئيس دولة فلسطين بصفته ومكانته، وللمجلس التأسيسي العمل على المضي في تحقيق التوجه لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمساهمة في متطلبات ذلك بالتعاون مع مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ومع مؤسسات السلطة القائمة وفي مقدمتها الحكومة ،بما في ذلك ( التغطية) على اية حالة فراغ او شبه فراغ قد تنجم عن عدم القدرة على اجراء الانتخابات في 25-1-2010 .

وأوضح الحزب إن المجلس الانتقالي التأسيسي هذا يمكنه ان يتحرك أيضا وفق آليات معينة للتعويض عن حالة الشلل في الدور التشريعي والرقابي للمجلس التشريعي ، في إطار من التعاون والجهد المشترك مع الرئاسة والحكومة. وهو بأي حال من الأحوال لن يمس اي من صلاحيات المجلس الوطني او المركزي في منظمة التحرير ،وسيشكل خطوة الى الامام في اطار التمهيد لعملية الانتقال من السلطة الى الدولة ، وبهذا المعنى والى حين انجاز هذا التحول او اتخاذ قرار من طرف واحد بهذا الشأن فيما يخص مؤسسات السلطة ذاتها ،فان هذا المجلس لا يلغي بالضرورة المجلس التشريعي كمؤسسسة، ولن يحول دون اجراء الانتخابات التشريعية الجديدة الشاملة لكنه في نفس الوقت يغطي الثغرات القائمة في عمل المجلس القائم الى حين استعادة قدرته على اداء كامل دوره حسب القانون الاساسي. ويخفف من الاثار الضارة الكبيرة للحال الذي يمكن ان يكون عليه المجلس التشريعي والرئاسة اذا لم نتمكن من اجراء الانتخابات في 24 كانون ثاني/ يناير 2010.

وأعتبر الحزب في مذكرته إن إعتماد هذه الاستراتيجية يعيد لمنظمة التحرير الفلسطينية الامساك بزمام المبادرة ويعزز مكانتها التمثيلية والشرعية لشعبنا ويفتح الطريق لتفعيل دورها وتطوير واستهاض مؤسساتها ، باتجاه تحقيق هدفها المركزي في التحرر والاستقلال والعودة ، والدفاع عن الوحدة السياسية والقانونية لأراضي الدولة الفلسطينية المنشودة في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، ويحافظ على وحدة النظام السياسي، وهو يمثل في الوقت ذاته رسالة مطلوبة في مواجهة خطر الانقسام ودعاة استمراره.

كما انه يمكن أن يضع الحركة الوطنية الفلسطينية بمختلف تياراتها أمام إختبار جديد يتمثل في القدرة على اعادة توحيد الجهود في المعركة المصيرية الدائرة على المستقبل الوطني للشعب الفلسطيني، و يحول استحقاق معالجة الوضع الداخلي بما في ذلك اجراء الانتخابات الى معركة سياسية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. واستمرار ابراز قضيتنا كقضية تحرر وطني وديمقراطي أولا وأخيرا.

وختم الحزب مذكرته بمطالبة المجلس بتشكيل لجنة لدراسة هذا المقترح، وتطويره، وتعزيز جوهره، وعرضه بصورة متكاملة أمام الجلسة القادمة لمجلسكم الموقر.