وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تحية....... لمن صنعو الحكاية **بقلم : سبأ جرار

نشر بتاريخ: 28/10/2009 ( آخر تحديث: 28/10/2009 الساعة: 19:55 )
استوقفتني في مؤتمر حركة " فتح " الذي عقد مؤخر في بيت لحم ،كثير من العبارات ذات المعاني العميقة ، والدلالات العريضة ، لكن عبارة واحدة بقيت عالقة في الذاكرة ،لما كان لها من وقع جميل على الأذن وفي الوجدان وهي " سأروي لكم الحكاية "، هذه العبارة لازمتني في كثير من المحافل ولكثر من الوقت، وكنت استحضرها واروي قصة أثرها عندي ، ولم أكن اعلم أنها ستكون أساسا لمشهد يوم أمس الأول في إستاد الشهيد فيصل الحسيني ، عندما وقفت أمام مشهد عظيم من مشاهد حياة الوطن الفلسطيني العظيم ، وأمام ملحمة من ملاحم تجسيد مفهوم الانتماء والوحدة،بل أن هذا المشهد دفعني لأن أجري تعديلا على هذه العبارة المخطوطة على الوجدان، لتصبح "سأصنع لكم الحكاية ".

فقد كانت تردادا لحناجر نحو ستة عشر ألف فلسطيني قادتهم سيدة فلسطينية في العقد السابع، لملمت ما تبقى لها من زينة العمر، وبهاء ثوبها الفلسطيني متشابك التطريز لتتباهى بكل شموخ وكبرياء وتقول :تلكم الزهرات والورود المتناثرة على امتداد الملعب والماجدات اللواتي يتمايلن على لحن أنشودتيّ "فلسطينين" و " علي الكوفية " هن حفيداتي وبناتي. وأنا جذرهن الممتد في عمق الأرض والتاريخ، كما كانت الطفلة التي جاءت مهرولة تلبس مريلوها المدرسي، وهي تحتضن العلم وترنوا بعينها لساحة الملعب ، تتسع حدقات عيونها لتقول : أنا المستقبل، وأنا الامتداد....

لقد عكس ذلك الحدث ثقافة نوعية يحترم فيها الفرد، وتصان وتصاغ بها الحقوق ، وتصنع فيه الحضارة، وان هناك من يسعى ويفتح المجال لكل فلسطيني أن يمارس حقه وطموحاته بما يحترم مشاعر وقيم هذا الشعب الأبي ،كما عكس الحضور الطلابي الجامعي الذين ظلموا من قبل بعض المفاهيم النابعة من أنهم شغلوا بتفاصيل حياتهم الخاصة ومشاعرهم وصفحات الويب ، جاءوا وأحيوا في هذا الحدث العمل الطوعي الذي كان سائد في السبيعينات والثمانينات،بأن وصوا مبكرا وعملوا بصمت وتفان في رفع الأعلام وتعليق اليافطات واستقبال الجمهور والتنظيم والمحافظة على النظام، والترحيب بالجماهير ، وشاهدو من خلف الأسوار المباراة بشغف ، وعند دنو لحظة النهاية اندفعوا بهمة للمساعدة في تأمين وصول الجمهور لحافلاتهم ، فأعطوا بذلك للإنتماء لون واحد وهو عشق هذا الوطن.هذا الانتماء الذي قال عنه ذلك الفارس الذي امتطى منصة الضيوف شامخا متباهيا بالجماهير " إن الانتماء له أكثر من صاحب" ... ، لأنهم أكملوا معه المشهد، بعد أن صنع القرار بعزيمة وإصرار، وأتقن توظيف الطاقات من عزيمة الأوفياء....، لقد صنع بهم الحكاية، وصنع للوطن صورة من صور الحياة ، صورة تنطلق وتسطر بحروف من ذهب " إن هذا الوطن سيحترم كل من يعمل له، وسيقف خلف كل تجربة صادقة للتغير والتطوير"، فقد آن الأوان في أن يمارس الشعب حقه باختيار من يصنعون الحكايات القادرة على صنع المستقبل ، فنحن من صنع الحكاية ... والتحية لطلبة المدارس ومشرفيهم ومعلميهم .. التحية لطلبة الجامعات ومدرسيهم وموجهيهم ... التحية للأطر النسوية ورائدات العمل النسوي.... والتحية الاشمل والحب الأعظم لفلسطين..... .

سبأ جرار * عضو اللجنة الاولمبية الفلسطينية