وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أبو عمار بعيون الصحفيين:كان يحب الاطفال ويعطف على المرضى والمساكين

نشر بتاريخ: 11/11/2009 ( آخر تحديث: 11/11/2009 الساعة: 15:30 )
غزة - تقرير معا - قليلة هي الكلمات التي يمكن من خلالها الحديث عن احد أهم رموز القضية الفلسطينية الذي كان دائما رقما صعبا، عرف عنه حبه لفلسطين ولشعبها، عرف عنه تمسكه بحق العودة وقضية القدس، صاحب مقولة "عالقدس رايحين شهداء بالملايين"، عرف قائدا وحيدا للشعب الفلسطيني انه الرئيس الراحل ياسر عرفات.

فمن هو عرفات الإنسان ؟؟؟ "معا" التقت بعض الصحفيين الذين كانوا مع الراحل أبو عمار خلال مسيرته في ارض الوطن وعندما سألناهم عن عرفات الإنسان فأول ما تبادر إلى ذهنهم بأنه "عرفات الأب".

الصحفي والكاتب رشيد هلال كان احد الصحفيين المنتدبين من هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية لتغطية أنشطة الرئاسة في زمن الراحل ابو عمار أكد من خلال معايشته للرئيس خلال الفترة من 1994 وحتى استشهاده في العام 2004 ان أبو عمار كان يكن حبا وحنانا خاصا للأطفال.

وقال هلال في اتصال لـ"معا": "كنت أتلمس حنانه وحبه للأطفال من خلال الوفود التي كانت تأتي إليه وخاصة النساء التي تصطحب أطفالها معها كان أبو عمار يجلسهم في حضنه أثناء الاجتماعات الرسمية ويطلب من حراسه أن يأتوا بقطع الشوكولاته لهم مشيرا إلى ان استقباله لوفود الأطفال كانت من اسعد لحظات حياته.

رغم الهموم السياسية التي كانت تحيط بالراحل أبو عمار وقضية الشعب الفلسطيني والقدس التي اخذ على عاتقه ان يتحمل مسؤوليتها منذ اللحظات الأولى للثورة الفلسطينية إلا ان كل تلك الهموم لم تمنعه من التفكير بالجوانب الإنسانية للشعب الفلسطيني وخصوصا العلاج وتحديدا للازواج الذين يعانون من مشاكل في الانجاب.

كان يركز في جوانبه الإنسانية على مسألة العقم انطلاقا من إيمانه بضرورة أن تنجب المرأة الفلسطينية على أساس ان المعركة مع الاحتلال هي معركة نمو سكاني وبالتالي كان يقوم بتغطية كافة المصاريف العلاجية مهما بلغت تكلفتها.

أبو عمار صاحب مقولة "يا جبل ما يهزك ريح" كان في قلبه الصلب لحظات من الفرح ولحظات من الحزن وبحسب هلال فان اللحظة التي شعر بها الراحل بالحزن هي عندما كان يشعر بأن هناك خذلان من العرب واللحظة التي كان يبتسم فيها كانت اللقاء الذي يجمعه بجماهير الشعب الفلسطيني.

وقال:" لم يسانده الزعماء العرب ولم تستطع مناصرته في الوقت الذي يجب أن تناصره وبالتالي تلك اللحظات التي شعر بها بان العرب تخلو عنه كانت اللحظات الحقيقة لحزنه لأنه لم يستطع أن يصل بشعبه لبر الأمان وتحقيقه برنامجه بالشكل الذي تخيله".

أما عن لحظات فرحه، أشار هلال إلى ان الراحل كان يضحك بشكل حقيقي عندما يشعر أنه أنجز خطوة وطنية حقيقية وأنجز تلاحما وطنيا، كان يحب ان يكون بين جماهير الشعب الفلسطيني كان يشعر أنه الحضن الدافئ له، مؤكدا ان البسمة الحقيقية التي كانت ترتسم على وجه أبو عمار كانت لحظة لقائه بالشعب وما دون ذلك تكون ابتسامات دبلوماسية.

عن لحظات الحصار التي عاشها أبو عمار في المقاطعة في العام 2004 ، أوضح هلال انه كان يرفض ان يتميز في طعامه كونه رئيس كان يشعر المقاتلين بحالة من الاطمئنان نتيجة وجوده بينهم رغم كل الخطر المحدق عليهم ومن بين المواقف التي استذكرها هلال انه في احد المرات وعندما كانوا محاصرين حاول أحد المساعدين اعطاءه تفاحة فكانت ردة فعله ان رماها لأنه شعر أن أحدا سيميزه عن بقية المحاصرين، كان يشكل القدوة للمقاتل المحاصر وليس فيه تكلفة أو ادعاء.

وأوضح هلال انه رغم الحراس الذين كانوا متواجدين لحماية الرئيس أبو عمار إلا انك تشعر بأنه هو من يحمي الجميع وكان يشعر دائما بأنه مسؤول عن الجميع وحماية الجميع مشيرا إلى انه كان يحب دائما ان يمازح العاملين لديه في المكتب ويضفي عليهم بعض الضحكات.

عن علاقته بالصحفيين، أوضح هلال أنها كانت متفاوتة ما بين العلاقة المترددة والعلاقة الودية وأحيانا ليس كما تريدها الصحافة مشيرا إلى أنها لم تكن "تشبع" منه كما انه كانت يتمتع بحضور قوي وطاغ أمام وسائل الإعلام.

عرف عن أبو عمار إيمانه بالقضية الفلسطينية حتى أصبحت شغله الشاغل وهمه الأكبر فكانت قضية الوطن بالنسبة له اكبر من الجميع، كما قضية الأسرى التي كان يتابعها عن كثب وتوفير الاحتياجات لهم ولذويهم كما قضية القدس التي كان شديد الحرص على دعم صمود سكانها.

المصور يوسف أبو شريعة، بدأ العمل مع الرئيس أبو عمار مع بداية تشكيل تلفزيون فلسطين إلى ان استشهد أوضح لـ"معا" ان الرئيس الراحل رغم انشغاله الدائم بالأحداث السياسية إلا انه كان شخصية مميزة جدا مشيرا إلى انه كان حريصا كل الحرص على تفقد موظفيه في أكلهم وشربهم وكل ما يتعلق براحتهم موضحا انه كان ينادي موظفيه بصيغة "يا ابني".

ويستذكر أبو شريعة انه في كل مرة يتنقل فيها الراحل أبو عمار ما بين بيته والمنتدى الذي يقع غرب مدينة غزة كان يصادف بعض النساء في الطريق فيأمر فورا احد المرافقين بأن يقف على احتياجاتهن مشيرا إلى ان همه كانت القضية والشعب الفلسطيني.

من بين المواقف التي أثرت في الرئيس الراحل يستذكر أبو شريعة، انه في المرة الأخيرة التي زار فيها الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون غزة استوقفتهم طفلة والدها أسير فألقت على مسامعهم أبيات من الشعر وناشدت ان يطلق سراح والدها فما كان من أبو عمار إلا ان احتضنها بقوة.

وقال أبو شريعة ان الرئيس الراحل كان يستمد قوته من الشارع الفلسطيني مشيرا إلى انه وخلال توجهه إلى قمة كامب ديفيد الثانية في أمريكا في العام 2000 خرج الشارع برسالة دعم وتشجيع له.

رغم غيابه الجسدي ما زال الراحل أبو عمار حاضرا بقوة في بيوت عموم أبناء الشعب الفلسطيني الذين باتوا يفتقدونه في مواقفه الصلبة التي لم تقبل يوما التنازل عن الثوابت الفلسطينية.

شكل الراحل عنوان أساسي للوطنية الفلسطينية ورمزاً من الرموز الأساسية للكينونة الفلسطينية التي لا يمكن لأحد أن يتجاهلها بل ستكرر في التاريخ الفلسطيني وستدون في أهم محطات تاريخه.