وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حكاية الراحل عرفات مع فرقة موسيقى الرئاسة

نشر بتاريخ: 12/11/2009 ( آخر تحديث: 12/11/2009 الساعة: 18:54 )
طولكرم - خاص معا - مع إحياء الذكرى السنوية الخامسة لرحيل القائد ياسر عرفات "أبو عمار"، نتواصل في البحث عن اناس عايشوه والتقوا معه، أحبوه وعشقوا كوفيته وكلماته، اكلوا وشربوا وضحكوا وتحدثوا معه.

بالقرب من مستشفى ثابت ثابت الحكومي بمدينة طولكرم، يسكن العميد المتقاعد محمد عادل عواد، مؤسس فرقة موسيقى الثورة الفلسطينية، والتي أصبح إسمها لاحقاً "فرقة موسيقى الرئاسة"، الذي عزف كثيراً لياسر عرفات، والتقى معه وأحبه.

منذ العام 1970 كُلّف عوّاد بأمر من عرفات بتأسيس فرقة الموسيقى الخاصة بالثورة الفلسطينية، وأصدر كتاباً خطياً من اجل شراء المعدات والآلات التي يطلبها قائد الفرقة محمد عواد، حيث قال عرفات لعواد :" كتبت لكم كتابا لشراء آلات موسيقية، والكتاب موجود لدى أبو الوليد، بتأخذوه وبتشتروا الآلات اللي بتلزمكم، وبتشكلوا فرقة على النحو اللي بتشوفوه مناسب، والله الموفق، وان شاء الله بترفعوا الرأس".

ويقول عواد، بعد إصدار تعليماته لي لتشكيل الفرقة، قال ابو عمار :" أنا عاوزكم قبل كل الناس..نريد ان نبني مؤسسات الدولة...وانتم اولى مؤسساتها..ولا توجد دولة لا تمتلك فرقة موسيقية..نحن نستقبل ضيوف ورؤساء وملوك"، حيث كانت الراحل يعلم جيداً انه عند زيارته لاي دولة تصطف له وتعزف الى جوار حرس الشرف، فكان يرغب هذه الامور، حيث أمر بتشكيل الفرقة الفلسطينية".

ويضيف مؤسس الفرقة عواد : " فصلَ قيام الرئيس عرفات بأمرنا تشكيل الفرقة شهرين فقط عن حلول عيد الثورة الفلسطينية في العام 70، فعملنا بجد ونشاط كبير، وانتهينا بالمدة المطلوبة، بل وشاركنا في انطلاقة الثورة الفلسطينية، وكان الرئيس الراحل مسرور جداً، حيث كان هو اول شحص تعزف له الفرقة في لبنان ونشدنا الى جانب حرس الشرف ".

واستذكر عواد الكلمة الشهيرة للرئيس الراحل، وذلك في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، عندما قال :" جئتكم بغصن الزيتون وبندقية الثائر، فلا تسقطوا غصن الزيتون الأخضر من يدي"، وبعد فترة من هذا الخطاب، حضر الأمين العام للأمم المتحدة الى بيروت، فكان في استقباله الرئيس عرفات، الى جانب الفرقة وحرس الشرف، وبعد الإستقبال كنا قد جهزنا مفاجأة للرئيس والأمين العام، حيث انشدنا له :" البندقية بيد وغصن الزيتون بيد" عندها دهش عرفات وفرح كثيراً لما قمنا به، وقام بترجمة ما ننشد للأمين العام".

وعن تنقل الفرقة في اماكن اخرى غير بيروت، قال عواد : " زرنا ايطاليا بدعوة من الحزب الشيوعي، وشاركنا في المناسبات القومية بالدول العربية، وذكرى الفاتح في ليبيا، وفي الامارات العربية، والكويت، حيث شاركنا بالعروض العسكرية، وكل هذه الامور كانت محبذة للرئيس الراحل عرفات ".

واوضح قائد الفرقة الموسيقية التابعة للرئاسة الفلسطينية، ان الفرقة كانت تضم (16) فتاة عزفن على القرب والسكوتش والبايب، واقتصر عملهن في ارض الوطن وتحديداً في غزة بعد عودة القوات في العام 95.

وقال عواد، وبعد حرب لبنان توقف عمل الفرقة، وتم تغيير اعضائها اكثر من مرة، حيث كانت هنالك فرقة في لبنان، واخرى في سوريا، بالإضافة الى فرقة الشبيبة، وعند العودة للوطن تم تشكيل الفرقة من جديد.

كان الرئيس الراحل مهتم جداً بأن تقوم الفرقة بعزف النشيد الوطني للدول التي يزور رؤساؤها فلسطين بشكل جيد، حيث كنا نتدرب على النشيد، بالإضافة الى اننا كنا ننشد الأناشيد الثورية الفلسطينية.

ياسر عرفات كان شديد الملاحظة، يقول عواد انه عندما لا تعجبه ملابسنا او اي شئ من أدائنا، يأمر بالتغيير فوراً، حيث انه وفي ذات المرات قمت بتغيير ملابس الفرقة التي كانت ترتدي (الباريه) والبستهم الحطة والعقال، فذلك لم يعجب الرئيس الراحل، وامرني بالعودة الى (الباريه)، وفي مرة اخرى كنا في احتفال يقام بجامعة بيروت العربية، احد عناصر الفرقة نسي ان يضع الشعار على (الباريه) فأمرته ان يعود الى مؤخرة الفرقة حتى لا يلاحظة احد، وعند قدوم ابو عمار، حيث جلس امام الفرقة، اشار اليّ وامرني بالحضور، وقال لي هنالك عنصر لا يضع الشعار، فكانت ملاحظته عالية في ذلك الحين.

عرفات كان جداً متواضع، حيث في ذات الاوقات حضر لحفل تخريج في احدى المعسكرات، والذي كان من المقرر الساعة 11 ظهراً، والرئيس حضر الساعة 10، وقام بالتجول داخل المعسكر لوحدة بدون مرافقين، وخلال ذلك دخل الى المنامة التي كانت الفرقة تستخدمها، فقام بسحب "فرشة" ووضعها على الارض، ونام عليها وغطّى وجهه ونام، مشيراً ان ذلك استمر لما يقارب 10 دقائق، عندها بدأت الفرقة تعزف للإستعداد وكنت انا قائد الفرقة اقف على بوابة المنامة وانظر للرئيس، فإستيقظ من الصوت، فأشرت للفرقة ان توقفوا، إلا ان الرئيس اشار اليّ وقال " لا لا لا " إستمروا، ونهض من مكانه.

كان عرفات يفضّل الحديث مع عناصر الفرقة، حيث توجه اليهم وتحدث معهم، وسأل احدهم " كم من الزمن أصبح لك بالفرقة ..؟ فأجاب أصبح لي 20 عاماً، عندها قال الرئيس ... دنتا مخضرم".

وعبّر عواد عن ألمه الشديد وحزنه لوفاة الرئيس الراحل ابو عمار، قائلاً : " لا نستطيع ان ننساه، ابو عمار في القلب حتى الممات، هذا القائد الفذ الكل يكن له المحبة ".