|
تقريرلـ "بدائل" حول أبعاد ودلالات قرار الرئيس بعدم الترشح
نشر بتاريخ: 23/11/2009 ( آخر تحديث: 23/11/2009 الساعة: 17:35 )
رام الله – دعا المركز الفلسطيني للإعلام والأبحاث والدراسات "بدائل"، إلى اتخاذ عدة خطوات لتجاوز مسألة الفراغ السياسي والدستوري والقانوني، الذي يمكن أن ينشأ مع حلول الخامس والعشرين من كانون الثاني المقبل، في ظل عدم إمكانية إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.
واقترح المركز، في تقرير صادر عنه حول "أبعاد ودلالات قرار الرئيس محمود عباس بعدم الترشح لولاية ثانية أو الاستقالة"، إبقاء الوضع على ما هو عليه، على أساس أن هناك في القانون تفريقا بين المدة القانونية والولاية القانونية، حيث لا يجوز للرئيس أو للمجلس التشريعي أن ينسحبا دون وجود رئيس آخر ومجلس تشريعي آخر ليحل محلهما. وأضاف: لقد نص القانون الأساسي في أحد مواده على أن المجلس التشريعي، يبقى إلى أن يسلم مهامه لمجلس تشريعي منتخب آخر، وهذه المبادرة بالقياس يمكن أن تنطبق على الرئيس أيضا، حتى لو لم ينص القانون الأساسي على ذلك، فضلا عن أن القانون الأساسي ينص على أن استقالة الرئيس لا تصبح سارية المفعول دون مصادقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي عليها، لكن "التشريعي" مشلول وليس في حالة انعقاد. كما اقترح أن يقوم المجلس المركزي بنقل مهمات وصلاحيات الرئاسة والمجلس التشريعي إليه، إلى أن تكون هناك انتخابات رئاسية وتشريعية، سواء بحل أو بدون حل المجلس التشريعي، "مع أن حله يعتبر مخالفة صريحة ومباشرة للقانون الأساسي، وسيكرس الانقسام"، كما أنه لا يجوز لمجلس غير منتخب أن يحيل إليه مهمات مجلس منتخب. وأضاف التقرير أن المنظمة أنشأتها منظمة التحرير، وهي مرجعيتها العليا والتي منحتها الشرعية، لكن السلطة كيان قائم بحد ذاته له قوانين تنظم عمله. فالمنظمة لا تستطيع أن تتعامل مع السلطة بشكل انتقالي، فهي تستطيع حلها أو الإبقاء عليها، ولا تستطيع نقل صلاحياتها الى المنظمة وإبقائها في الوقت ذاته. فإما حلها وإحالة كل المهمات للمنظمة، وإما الحفاظ عليها واحترام القوانين التي تنظم عملها. وقال: في هذه الحالة يمكن نظريا أن يمدد المجلس المركزي للرئيس أو يكلفه بمتابعة مهمات الرئيس، ويحل محل المجلس التشريعي دون حله، إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، أو إجراء المصالحة الوطنية التي تشمل إصلاح وتطوير، وإعادة تشكيل منظمة التحرير، لتضم كافة ألوان الطيف السياسي، مع أن الأفضل والأسلم قانونيا وسياسيا أن يكلف المجلس المركزي الرئيس بمتابعة أعماله مع ملاحظة أن المجلس المركزي مشلول جراء الانقسام حتى في الفترة القانونية لعمله. وتابع: إن الذي يسمح للمنظمة بأن تسد الفراغ، أنها أصل الشرعية الفلسطينية، فالمجلس المركزي هو الذي أنشأ السلطة الوطنية، وعين أول رئيس لها، ومدد الفترة الانتقالية التي انتهت العام 1999. واستدرك: إن هذا الواقع يجعل شرعية اتخاذ المنظمة لنقل صلاحيات ومهمات الرئاسة، والمجلس التشريعي، شرعية ضعيفة وناقصة، ومطعون بها من أقسام لا يستهان بها من القوى والقطاعات الفلسطينية، وبالتالي ستبقى القيادة دون إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، أيا كان على رأسها، ضعيفة ومطعون في تمثيلها لكل الفلسطينيين، فالانقسام سيف مسلط على رقبة القضية الفلسطينية، وعلى رقبة أية قيادة فلسطينية، ما يجعل بلورة استراتيجية وطنية جديدة، قادرة على توحيد الشعب الفلسطيني بمختلف قواه، على أساس برنامج القواسم المشتركة، هي المهمة المركزية التي يتوقف على نجاحها من عدمه مصير القضية والشعب والبرنامج الوطني. واستعرض التقرير عددا من الأسباب المحلية والخارجية التي دفعت الرئيس عباس إلى إعلان قراره بعدم الترشح لولاية ثانية، مشيرا إلى أن الرئيس هدف من وراء هذه الخطوة التي خلطت الأوراق السياسية، إلى تقديم صرخة احتجاج قوية تهدف بالأساس الى إنقاذ عملية السلام وليس التمرد عليها، والسعي لتغيير قواعد عملية السلام، ولو عن طريق التلويح من بعيد جدا، بالمس بالاستقرار الذي تحقق بعد تطبيق الالتزامات الفلسطينية في خارطة الطريق من جانب واحد، وذلك من خلال المطالبة بوضع مرجعية للمفاوضات وتجميد الاستيطان تجميدا تاما، علاوة على تحريك الموقف الأمريكي والعربي والدولي بإظهار مخاطر استمرار الجمود الذي يخيم على المفاوضات منذ أكثر من عام. وأورد أنه "بعد مرور عدة أسابيع على إعلان ابو مازن عن نيته، التي كشف عنها الشهر الماضي، يمكن القول أن النتائج المتوقعة لها، تدور في إطار تفاعل عربي ودولي وإسرائيلي يتمحور على محاولة إيجاد "تخريجات" لاستئناف المفاوضات، عن طريق التركيز على نهاية المفاوضات بدلا من بدايتها، وعبر وضع أسس ومرجعية تحكمها، تصاغ بصورة يمكن أن يوافق عليها الجانبان، أو تقدم على شكل ضمانات أمريكية او دولية للفلسطينيين، أو مبادرات إسرائيلية تدور حول الدولة ذات الحدود المؤقتة أو "مبادرات حسن ثقة". وأضاف: إن كل التفاعلات التي حدثت على إثر اعلان ابو مازن خطوته، تدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل ليستا بوارد الاستجابة للطلبات الفلسطينية، وهذا يجعل تنحي ابو مازن مرجحا. واستعرض التقريرالسيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة، ويتمثل أحدها في عودة الرئيس عن قراره، جراء الضغوط الداخلية والخارجية، دون أن يحقق إنجازا جوهريا، مع استئناف المفاوضات وفقا للشروط الإسرائيلية، ما يمثل انتحارا سياسيا، لأنه سيضعف الرئيس كثيرا، ويفقده مصداقيته أمام شعبه. وتعرض التقرير إلى أن سيناريو آخر، يتمثل في بقاء الوضع على ما هو عليه لعدة أشهر وربما عام، بمعنى أن يستمر الرئيس بعزمه على عدم الترشح، أو يقدم فعلا على الاستقالة، ولكن يرضى بأن يكون رئيسا لتصريف الأعمال، إلى حين انتخاب أو تعيين رئيس جديد بانتظار حصول تطورات إن كان على صعيد المفاوضات، أو إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وإن كان هذا وضعا متعبا، إلا أنه يستمد قوته من صعوبة اختيار رئيس جديد. وبالنسبة إلى السيناريو الثالث، فبين أنه يكمن في أن يتراجع الرئيس عن قراره، بعد أن يحصل على إنجاز سياسي جوهري يسمح باستئناف المفاوضات، مضيفا "رغم أن هذا مستبعد، ولكن في حال حدوثه فإنه سيقوي الرئيس، خاصة على الصعيد الداخلي، وسيجعله قادرا على المضي قدما لإجراء انتخابات سواء وافقت حركة حماس أو لم توافق عليها، وعلى ترميم منظمة التحرير". وحول السيناريو الرابع، فأشار التقرير إلى أنه يتمثل في أن تتدهور الأمور الى حد اندلاع انتفاضة ثالثة، يمكن أن تؤدي الى حل أو انهيار السلطة، وتحويل ملف القضية الفلسطينية الى الأمم المتحدة، ما سيفتح الطريق نحو وضع استراتيجية فلسطينية جديدة وبديلة، عن استراتيجية المفاوضات كخيار وحيد، وسينشأ عنه فراغ جديد سيملأه الصراع والمواجهة، وحذر التقرير من مغبة التقليل من احتمالات هذا السيناريو. فالسلطة أحد افرازات عملية السلام والمفاوضات واتفاق اوسلو، لذا من المحتمل أن تنهار إذا انهارت المفاوضات والاتفاقيات، مع أن من المبكر نعي ودفن المفاوضات. وتطرق التقرير إلى الورقة المصرية والمصالحة الوطنية، لافتا إلى أنه لا يمكن إسقاط احتمال أن توقع حماس على الورقة المصرية من الحسبان، رغم صعوبة ذلك، مضيفا "إن توقيع الورقة المصرية، يحسن الوضع الداخلي، ويرفع من احتمال اللجوء لإجراء الانتخابات في نهاية شهر حزيران القادم، ولكن هذا الأمر غير مؤكد ولا مضمون"، لأن إسرائيل ستفكر عدة مرات قبل أن توافق على إجراء انتخابات من شأنها تقوية الموقف الفلسطيني وإنهاء الانقسام. وأضاف: الورقة المصرية لا تقدم حلا، بل تمثل محاولة للتعايش مع الأمر الواقع، بدليل أنها تجاهلت مسألتي البرنامج السياسي وتشكيل حكومة وحدة أو وفاق وطني، ودون الاتفاق على هاتين المسألتين من الصعب تصور إمكانية القبول باللجوء للانتخابات لحل مسألة الانقسام، أو إمكانية تحقيق مصالحة حقيقية. وأشار إلى أن "توقيع الورقة المصرية، على صعوبته البالغة، هو الأمر المتاح، رغم أنها لن تقود الى مصالحة حقيقية سريعة، بل يمكن أن تكون مدخلا لاستمرار الحوار والجهود المبذولة لتحقيق المصالحة، التي يجب أن تقوم الآن، على أساس وضع استراتيجية جديدة قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية، وبديلة عن استراتيجية المفاوضات الثنائية، كأسلوب وحيد لحل الصراع، وعن سياسة الرهان على الإدارة الأمريكية". |