|
"بيت لحم المدينة الصغيرة".. يفتح باب النقاش حول المقاومة السلمية
نشر بتاريخ: 16/12/2009 ( آخر تحديث: 16/12/2009 الساعة: 18:43 )
بيت لحم- معا- فجر العرض الاخير لفيلم "بيت لحم المدينة الصغيرة" الذي انتجته شركة "اثينوغرافيك ميديا" الامريكية والذي يركز على النضال اللاعنفي عبر متابعة ثلاث شخصيات احداها اسرائيلية والاخريين فلسطينيتين ( مسلم ومسيحي) نقاشا واسعا بعد عرضه امام مئات الشخصيات الوطنية والدينية والاعلامية في قاعة فندق الانتركونتننتال بمدينة بيت لحم مساء الثلاثاء.
واختلفت الاراء حول الفيلم لكن اجماعا شهدته قاعة العرض حول اهمية توجيه هذا الفيلم الى المجتمع الغربي خصوصا الامريكي بهدف اطلاعه على الصورة الحقيقية للصراع في منطقة الشرق الاوسط، حيث قام العديد من الحضور المميز الذي شاهد الفيلم بالتعليق عليه عندما انتهى عرضه. ففي حين رأت شخصيات مثل جونوثان كتاب في الفيلم انجازا يساعد الفلسطينيين على رواية قصتهم بهدف التأثير على الرأي العام العالمي والامريكي خصوصا رأى الدكتور يعقوب شاهين أن الفليم غيّب كثيرا من المعاناة الفلسطينية كما غيب سعي الفلسطينيين وقيادتهم من اجل السلام وغيب ايضا الممارسات الاسرائيلية التي قتلت وتقتل السلام وقتلت الشهيد الراحل ياسر عرفات "ابو عمار" كما قتلت شريكه الراحل رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحاق رابين. واكد كتّاب الذي يرأس مجلس ادارة هولي لاند ترست التي تعمل على تعزيز مفاهيم اللاعنف والديمقراطية وحقوق الانسان، ان الفيلم موجه بالاساس لمجموعة غربية وامريكية وبالتالي فان الوصول اليها يحتاج الى جهة من الطرف الاخر وهنا المقصود الاسرائيلي والتركيز على الابعاد الانسانية للمساهمة في ادراك المجتمع الغربي والامريكي بشكل خاص. اما القيادي الفلسطيني في حركة فتح والوزير السابق صلاح التعمري فقد رأى في الفيلم انجازا رغم وجود بعض الثغرات فيه، مشددا ان الفيلم مهم ان يعرض في البلدان الغربية والولايات المتحدة الامريكية لكنه قد لا يصلح هنا في منطقتنا بسبب سعي الفصائل وظروفها لمقاومة الاحتلال بوسائل اخرى حيث يحتاج تعليم الافراد على ممارسة مفاهيم اللاعنف وقتا اكبر من تعليمهم على البندقية. كما اشار التعمري الى ان الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني ناضل بالوسائل السلمية في مراحل مختلفة في عام 1936 استخدم الفلسطينيون العصيان وفي لبنان ناضل الفلسطينيون في انصار، وهذه قضايا مهمة لم يأخذها الفلم بالحسبان، لكنه اكد ان الفلم يشكل محاولة فلسطينية تستحق الاحترام لانه يحاول التوجه للراي العام الغربي. اما بل اكسللر مدير الشركة المنتجة للفيلم الذي رحب بالضيوف باسمه وباسم كافة العاملين بالفلم على مر السنوات الثلاث الاخيرة فقد اكد عندما تحدث باسم منتج الفلم جيم هانن، ان الفلم يعكس انسانية شخصياته لان تعزيز فكرة اللاعنف تشكل املا في تحقيق السلام الذي تحتاجه هذه المنطقة. وعبر اكسلر عن امله في ان يكون الفيلم اداة للتفاهم بين شعوب هذه المنطقة عبر سعيه لتعزيز مفاهيم الانسانية التي حاول الفلم التركيز عليها من شخصياته الثلاث، مشيرا ايضا الى ان الفيلم سيتم عرضه في مختلف الجامعات والمؤسسات الامريكية بهدف جعلها تدرك حقيقة الواقع الفلسطيني والاسرائيلي. وشكر مدير ايثنوغرافيك الامريكية كافة الحضور من رسميين ورجال دين واعلاميين على حضورهم ومناقشتهم للفلم، مؤكدا ان ذلك يعني تحقيق الفلم لنتائج مرضية لانه شكل نوعا من انواع النقاش حول موضوعه. وفي تفاصيل الفيلم الذي يوثق حياة كل من الشابين الفلسطينيين الناشطين في مجال المقاومة اللاعنفية سامي عوض واحمد العزة وجونوثان شابيرا الطيار الاسرائيلي الذي رفض الخدمة في سلاح الجو الاسرائيلي اظهر الفلم تفاصيل واسعة من الصراع الفلسطيني منذ اللحظة الاولى للصراع وحتى يومنا هذا. ففي تفاصيل الحياة الفلسطينية منذ النكبة وحتى يومنا هذا تناوب الفلسطينيان العزة وعوض سرد كثير من الوقائع التي يعايشها الشعب الفلسطيني ابتداء من تهجير عائليتهما من القرى الفلسطينية عام 1948 وما عانته هاتين العائلتين نتيجة التهجير والترحيل ومن ثم تعرض افرادها للقتل على ايدي القوات الاسرائيلية كما حصل مع جد سامي عوض وكيفية تاثير ذلك على حياته وحياة عائلته. كما تحدث عوض في الفيلم عن تاريخ الحضارة العربية المسيحية في الارض المقدسة ودورها في المقاومة بعد الاحتلال الاسرائيلي فيما تحدث العزة عن واقع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء وما تعرضوا له على مر السنوات منذ الايام الاولى للنكبة وحتى يومنا هذا حيث تعايش قتلا وتدميرا اسرائيليا متواصلا. واوضح عوض خلال حديثه بالفلم ان الفصائل الفلسطينية ناضلت ضد الاحتلال الاسرائيلي بكافة الوسائل وعلى راسها المقاومة اللاعنفية خصوصا في الانتفاضة الاولى التي احرجت اسرائيل وحققت نتائج كثيرة ايجابية بالنسبة للفلسطينيين خصوصا مما دفع اسرائيل لابعاد عم الدكتور مبارك عوض الذي اتخذ من المقاومة اللاعنفية سبيلا للاحتلال حيث اكد ذلك له خطورة هذا الشكل من النضال على اسرائيل مما دفعه بغير قصد للسعي من اجل خلق بيئة واجواء تساهم في تعزيز مفاهيم المقاومة السلمية. كما اشار العزة في الفيلم الى ما تعرض له الشعب الفلسطيني من احباط من عملية السلام لانه خسر اكثر مما ربح منها خصوصا بعد اغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحاق رابين حيث عمدت قوى اليمين الى قتل رابين الذي اراد التقدم بعملية السلام ادراكا منه لاهميتها بالنسبة للدولة العبرية حيث شهدت عملية السلام وفق العزة تدهورا كبيرا بعد عملية الاغتيال خصوصا في مجالات مصادرة الاراضي وبناء المستوطنات والحصار مما اوصل المنطقة الى الانتفاضة الثانية. وبحسب تفاصيل الفيلم ايضا التي تطرقت للحياة الانسانية لعوض والعزة فقد ركزت التفاصيل على معاناة الشابين الانسانية خلال الاجتياحات والتوغلات حيث تعرضا لصور كثيرة من المعاناة تمثلت بقصف المنازل والقتل والحصار لبيت لحم وما رافقها من معاناة لهما شخصيا مثل قصف منزل العزة ومعاناة سامي الشخصية خلال الاجتياح عندما انجبت زوجته ابنته الاولى وما رافق ذلم من معاناة حيث كانت بيت لحم تخضع للاجتياح والحصار ومنع التجول وكيف اثر ذلك عليها. وتطرق الفيلم الى محاولة استفادة شخصياته الثلاث من مفاهيم مارتن لوثر كينع والمهماتا غاندي وهي مفاهيم المساواة والعدالة والسعي من اجل الحرية رغم كافة الصعاب بالطرق والوسائل السلمية ومحاولة تطبيق ذلك على الصراع العربي الاسرائيلي. أما الاسرائيلي في فليم بيت لحم المدينة الصغيرة فاشار الى تاريخ وجود عائلته في هذه البلاد بعد الحرب العالمية الثانية وقدومها من هناك وكيفية سعيها الى اقامة دولة اسرائيل، ومن ثم مراحل تطورها عبر السنوات وصولا الى عمل ابيه كطيار في سلاح الجو الاسرائيلي ومن ثم انتظامه هو في صفوف الجيش الاسرائيلي وسعيه وشغفه لمحاربة الفلسطينيين في البداية خصوصا إبان الانتفاضة الاولى، ومن ثم سعيه للالتحاق بوحدات المظليين بهدف محاربة الفلسطينيين والعرب وتغييرها بعد التقائه بفلسطينيين في واحة السلام. كما اشار الى مراحل التحاقة بسلاح الطيران خصوصا في الانتفاضة الحالية وتغيير وجهة نظره خصوصا بعد استشهاد عشرات الاطفال عند قصف منزل القيادي الحمساوي صلاح شحادة في غزة واثر ذلك على نفسيته وهو الامر الذي ولد فيه رغبة برفض الخدمة في الجيش الاسرائيلي وسعيه بعد ذلك لرفض الحدمة والانصياع للاوامر العسكرية ليصبح بعدها اكثر طيار اسرائيلي رافضا للخدمة مما اعطاه شهرة في المجتمع الاسرائيلي ليحوله الى متضامن ورافض للعنف الاسرائيلي الذي يمارس ضد الفلسطينيين من قبل اسرائيل. كما حاولت شخصيات الفيلم التركيز على المعاني الانسانية السامية في اللاعنف وهي التضحية والمساواة والعدالة والحرية بهدف الوصول الى قواسم مشتركة من اجل كسر معاني الخوف قبل كسر الحصار والجدار لانه عندما يتم كسر الخوف في داخل الانسان فان باقي الامور ستكون سهلة عليه مما سيسهل عليه مقاومة الظلم الذي تعايشه المنطقة. وتختتم الشخصيات الثلاث للفيلم حديثها عن الواقع المأساوي الذي وصلت اليه المنطقة بالاشارة الى ان الفرقاء في المنطقة سيصلون الى حقيقة مفادها ان انهاء الوضع الحالي يستلزم جرأة ومواقف قوية تتمثل بمحاربة الظلم والقهر الذي يتعرض له الفلسطينيون، حيث يؤكد عوض على ان الاسرائيليين سيقومون بازالة الجدار لانهم سيدركون ان الجدار لن يوفر لهم الامن بقدر اعطاء جيرانهم الفلسطينيين حقوقهم وليس فصلهم في كنتونات معزولة. فيما يؤكد الاسرائيلي شابيرا ان على الاسرائيليين ان يتعلموا من الدروس التي مروا بها على مر السنوات ابتداء من ما تعرضوا له في المحرقة النازية وانتهاء بواقعهم الحالي حيث تحتم عليهم الاستفادة من هذه الدروس ان يسكتوا على الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون. فيما يرى العزة ان تمسك الفلسطينين بحقوقهم وعلى رأسها العودة وايمانهم بها يشكل اساسا لهم للوصول الى هذه الحقوق عبر عدم الخوف من محاورة الاخر والتاكيد على هذه الحقوق. يشار إلى أن العرض حظي بحضور الكثير من الشخصيات والمهتمين من بينهم محافظ بيت لحم الوزير عبد الفتاح حمايل والوزير السابق صلاح التعمري ورئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة. |