وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خبراء وباحثون يطالبون بحماية الأطفال والحد من ظاهرة تسربهم من المدارس

نشر بتاريخ: 29/12/2009 ( آخر تحديث: 29/12/2009 الساعة: 10:48 )
غزة- معا- نظم قسم العلوم التربوية بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية يوما دراسيا بعنوان "عمالة الأطفال في قطاع غزة إلى أين؟!"، وذلك بحضور ومشاركة كلا من الدكتور خضر الجمالي نائب العميد للشئون الأكاديمية، النائب البرلماني الدكتور يحيى موسى العبادسة رئيس لجنة الرقابة وحقوق الإنسان والحريات العامة في المجلس التشريعي الفلسطيني، المهندس صقر أبو هين وكيل مساعد وزارة العمل، الدكتورة نجوى صالح رئيس قسم العلوم التربوية، الدكتور كلخ المدرس في قسم العلوم التربوية ورئيس اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي، بالإضافة إلى أعضاء الهيئة التدرسية في القسم وعدد من مدرسي الكلية والعاملين فيها وحشد من المهتمين والمختصين والعشرات من الطلبة.

بدوره افتتح الدكتور محمد كلخ رئيس اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي اللقاء مرحبا بالحضور ومثمنا جهود كل من شارك في إنجاح هذا اللقاء العلمي الكبير، موضحا أن أطفالنا هم أمل المستقبل وبناة الغد المشرق، لذا يستحقون منا بذل الغالي والنفيس في سبيل حمايتهم من أي ضرر والحفاظ عليهم وتربيتهم وتنشأتهم التنشأة الصالحة والملائمة التي تؤهلهم ليكونوا رجال ونساء المستقبل الذين تلقى على كاهلهم مسئولية البناء والتطوير والتعمير وأمانة النهوض بالمجتمع الفلسطيني، مضيفا: لهذه الأسباب وجدنا أنه حريا علينا تنظيم هذا اليوم الدراسي آملين أن نقدم لأطفالنا ما فيه المنفعة والمصلحة لهم.

من ناحيته رحب الدكتور خضر الجمالي نائب العميد للشئون الأكاديمية بالحضور، مضيفا: عندما اطلعت على مضمون اليوم الدراسي شعرت بالسعادة لاهتمام اللجنة التحضيرية في مناقشة هذه الظاهرة التي أصبحت تتفشى مؤخرا في المجتمع الفلسطيني والغزي على وجه الخصوص في ظل الحصار والإغلاق وتحمل الكثير من الأطفال المسئولية في سن مبكرة واضطرارهم إلى العمل وتوفير لقمة العيش لذويهم بعد فقد المعيل وغيابه بسبب العدوان والحرب، آملا أن ينجح المشاركون والباحثون بالخروج بتوصيات عملية وواقعية قابلة للتطبيق والتنفيذ ليتم تقديمها بعد ذلك للحكومة والمجلس التشريعي للمساهمة في معالجة هذا الموضوع بما يستحق.

من جانبه شكر ضيف الحفل النائب الدكتور يحيى موسى القائمين على اليوم الدراسي على دعوتهم له للمشاركة في هذا اللقاء العلمي المهم، موضحا أن الموضوع الذي تناوله اليوم الدراسي شديد الأهمية نظرا لأنه يتحدث عن أهم شريحة في المجتمع الفلسطيني وهي شريحة الأطفال أمل المستقبل الزاهر علاوة على أنه يتطرق لظاهرة أصبحت ملموسة في الآونة الأخيرة في المجتمع الغزي، مؤكدا على أن مرحلة الطفولة مهمة وحساسة في حياة المرء وأن الأخطاء فيها تكون عواقبها وخيمة ومشوهة للشخصية مستقبلا، ما يوجب الاهتمام بكيفية الإعداد خلال هذه المرحلة وإشباعها بكافة المتطلبات العاطفية والتربوية والأخلاقية لأن ثمارها تأتي مستقبلا.

وفي ختام حديثه دعا موسى إلى تضافر جميع الجهود بين المؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني وعبر التعاون مع المجلس التشريعي الفلسطيني لحماية الطفولة ورعايتها والاجتهاد من أجل سن القوانين التي تكفل حياة طيبة لهذه الشريحة الحساسة في المجتمع الفلسطيني، داعيا في ذات اللحظة الباحثين والمشاركين في اليوم الدراسي إلى الاجتهاد في تقديم توصيات ونتائج فعالة يمكن تطبيقها على أرض الواقع بما يعود بالنفع على أبنائنا وأطفالنا.

وفي كلمة رئيس قسم العلوم التربوية رحبت الدكتورة نجوى صالح بالحضور، موضحة أن قسم العلوم التربوية من خلال إدارته وأعضاء هيئته التدريسية يسعى بشكل حثيث إلى تسليط الضوء على أهم القضايا التي تتعلق بواقع الطفولة الفلسطينية بالإضافة إلى أهم المشكلات التي تواجه هذه الشريحة وذلك بهدف حشد الجهود والطاقات للوقوف إلى جانب أطفالنا للحفاظ عليهم وحمايتهم من أي طارئ قد يسلبهم طفولتهم أو يحرمهم براءتهم، آملة أن ينجح هذا اليوم الدراسي في تحقيق جميع الأهداف المرجوة منه، ومثمنة كل من ساهم وشارك في إنجاح هذا اللقاء.

أولى فعاليات اليوم الدراسي كانت عبارة عن عرض محوسب لتقرير تلفزيوني أعدته طالبات قسم العلوم التربوية ينقل واقع عمالة أطفال قطاع غزة بشكل مباشر من الحياة المهنية والعملية، حيث يروي هؤلاء الصبية أسباب تركهم للدراسة ونزولهم إلى العمل وما يكابدونه من معاناة خلال ابتعادهم عن مقاعد الدراسة وتحملهم لمسئولية إعالة أهلهم وذويهم بعد فقدهم لآبائهم إما بالحرب والعدوان أو بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها القطاع.
الاسلام..وعمل الاطفال!!

هناء أبو دية المحاضرة في قسم العلوم التربوية في الكلية ناقشت في ورقتها ( عمالة الطفل الفلسطيني وسبل مواجهتها من منظور إسلامي ) الانعكاسات السلبية لعمالة الأطفال في نظر الشرع، وذلك أن الدين الإسلامي وضع أسس للتعامل مع الطفل التي تمنع استغلاله في العمل، حيث يعتمد جوهر الإسلام في العبادة على الاستطاعة في القيام بالتكليف, فالطفل في هذا السن مكلَّف ببعض العبادات, ونظراً لضعف قدرته على أداء هذه التكاليف؛ فإنه سيفتقد إنسانيته, و بالتالي يفتقد فرصته في الحياة، كما أن عمل طفل الشارع يحرمه من فرصة تعليمه الموازية لأقرانه, وسيمنعه من اكتساب الخبرات و حقوقه الأساسية في حنان الأم و الأب مما يترتب عليه خسارة المجتمع المسلم لهذا الإنسان, وفقدانه كأحد عناصر منظومة البناء الاجتماعي, و كما أنه لم يلق الرعاية الكافية من أهله.

وأضافت أبو دية أن الدفع المبكر بالطفل إلى العمل يضيِّعه من تلقّى التربية الأخلاقية الكافية مثل الأمانة, وإذا خرج إلى سوق العمل دون هذه الأخلاق سيدفعه إلى الانحراف الذي يؤدى إلى خسارة كبيرة. فالرسول ? قال في حديثه الشريف:"لا تكلِّفوا الصبيان الكسب فإنكم متى كلفتموهم الكسب سرقوا"، كما أن الإسلام يحارب الظلم باعتباره أسوء الأفعال فقد قال تعالى في كتابه العزيز: ? لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ?.

عمل الاطفال..مضر نفسيا
وفي ورقة الأخصائي النفسي السيد إياد الشوربجي (عمالة الأطفال وتأثيرها على الحياة النفسية للطفل ) ذكر أن لعمالة الأطفال أسباب متعددة وعوامل مختلفة تشترك و تتضافر في إحداثها حيث يشكل الجو الانفعالي الذي يعيش فيه الأبناء في الأسرة عاملاً مؤثراًَ له قيمته وخطورته في تشكيل شخصية الطفل، فالطفل الذي يعيش في جو سليم متوازن، يجد فيه إشباعاً لحاجاته الانفعالية والعاطفية بعكس الطفل الذي يعيش في جو انفعالي مضطرب سيء لا يجد فيه الاستقرار النفسي السليم يكون دائم القلق والاضطراب يدفعه ذلك كله إلى الضيق بهذه الحياة و محاولة الفرار منها إلى مكان آخر عله يجد فيه متنفساَ عن ذلك الألم الذي يعانيه.

وحول ( دور وزارة التربية والتعليم العالي في الحد من ظاهرة عمالة الأطفال ) أوضح الدكتور أسعد عطوان المدرس في الكلية الجامعية في ورقته أنه يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم تفعيل دور المرشد التربوي، حيث قامت في الآونة الأخيرة بتعيين عدد كبير من المرشدين التربويين، وتزويدهم بالدورات التي تنمي قدرتهم على مواجهة مشكلات الطلبة ومنها تسربهم من المدارس وعملهم أثناء الدراسة، بالإضافة إلى إصدار وتفعيل القوانين التي تمنع العقاب البدني للأطفال في المدارس، مما يحد من كراهيتهم للمدرسة وتركها والبحث عن العمل بدل الدراسة.

وتابع عطوان: يجب أيضا تفعيل مشروع المدرسة صديقة الطفل الذي يوفر جوا إيجابيا يحبب الطفل في المدرسة ولا يجعله يفكر في تركها ويضع خطط لعلاج الضعف التحصيلي لدى الطلبة الذي من شأنه أن يشجع الطفل على البقاء والاستمرار في الدراسة.

وعن البعد القانوني لعمالة الأطفال في محافظات غزة تحدث الدكتور معتز الأغا المحاضر في الكلية الجامعية مستعرضا الموقف القانوني من عمالة الأطفال ومشيرا الى أن المصالح الاقتصادية التي تشَغل الأطفال تعتبر مخالفة للقانون، لأن حماية الأطفال واحترام حقهم في حياة كريمة تتفق ومرحلتهم العمرية، بعيدة عن الإهمال والتعسف وإبعادهم بالتالي عن خطر العمالة محل اتفاق عام بين القوانين الوضعية، وأمر كفلته المواثيق والإعلانات الدولية، وهو موقف المشرع الفلسطيني.

وحول موقف عمالة الأطفال من وجهة نظر المشرع الداخلي ذكر الأغا أنه يوجد في فلسطين كم هائل من التشريعات والقوانين التي تحرم تشغيل الأطفال، بل وتعاقب من يقوم بشغلهم، إلا أن فاعليتها كانت ولا زالت ضعيفة ولم تحقق الحد الأدنى من مستلزمات تطويق الظاهرة، وإيجاد الحلول المناسبة لها بدليل عدم وجود أية إحصائيات دقيقة بهذا المجال، كما لم تتخذ أية عقوبات رادعة لمستغلي الأطفال سواء في الشارع أو البيت أو أي مجال آخر، كما لم يتم وضع أي مشروع عملي يعتمد على آليات قانونية لمعالجة هذه الظاهرة مما أسهم أيضاً في شيوع الحالة واستهتار أصحاب العمل وتشويه هذا العالم الجميل.

السيدة هالة اعبيان من جمعية طموح لتنمية المهارات أشارت في ورقتها حول العلاقة بين عمالة الأطفال ومشكلة التسرب إلى العلاقة الوطيدة بين عمالة الأطفال ومشكلة تسربهم من المدارس والتحاقهم بسوق العمل، حيث أن عمالة الأطفال تنتهك حقهم في التعليم مايؤدي ذلك إلى انخراطهم في سوق العمل، عدا عن وجود المشكلات التي تواجه الطالب داخل المدرسة سواء فيما يتعلق بالدراسة نفسها أو بعلاقاته مع مدرسيه وزملائه، مشددة على أن هذه المشكلات إن تفاقمت ولم تجد حلا فإنها تؤدي بالطالب للتسرب من المدرسة والالتحاق بسوق العمل.

واتفق الباحثون والمشاركون على مجموعة من التوصيات حول ظاهرة عمالة الأطفال في قطاع غزة، حيث دعا المشاركون إلى صياغة وتطوير النصوص القانونية بخصوص عمالة الأطفال وتطبيق آليات رادعة من قبل الأجهزة المختصة مع وضع دراسة وخطة منهجية تتضمن آلية عمل واقعية من خلال لجنة متابعة ذات استمرارية، وتفعيل دور النقابات العمالية ومؤسسات حقوق الإنسان في محاربة عمالة الأطفال مع القيام بحملات توعية مستمرة للمواطن لتوضيح مخاطر هذه الظاهرة، خاصة وأن الجزء الأكبر من الأطفال يذهبون لسوق العمل بقرار من الأسرة.

وطالب المشاركون بتفعيل دور دائرة التفتيش العمالي بوزارة العمل، ومعاقبة أصحاب العمل في حال تشغيل الأطفال ما دون السن القانوني، مؤكدين على ضرورة تنسيق الجهود بين وزارة التربية والتعليم وكافة الجهات المعنية بالطفولة من أجل وضع الخطط اللازمة لوقاية الطفل من الانخراط في سوق العمل المبكر، وتطبيق أحكام إلزامية التعليم وكفالة حصول جميع الأطفال على التعليم الأساسي بلا مقابل باعتبار ذلك استراتيجية رئيسية لمنع عمل الأطفال.

وأوصى المشاركون بتوسيع وتحسين أوضاع المدارس والتعليم بحيث تصبح المدرسة جذابة تستقطب الأطفال وتحتفظ بهم وتبقيهم داخلها، وذلك لإيقاف تدفق أطفال سن المدرسة إلى الأشكال المعنفة من المهن أو الأعمال، وإعداد دراسات وورشات عمل متعمقة حول ظاهرة عمالة الأطفال وأسبابها ووضع برامج ومشروعات وإستراتيجيات بديلة لعمالة الأطفال، منوهين إلى ضرورة تفعيل الدور الإعلامي لوسائل الإعلام المختلفة للعمل على توعية المجتمع بخاطر عمالة الأطفال المباشرة عليهم وعلى المجتمع بشكل عام من خلال برامج توعية هادفة.

واختتم اللقاء بتكريم المشاركين وتوزيع شهادات الشكر والتقدير على أعضاء اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي.