|
حين تتذكر عائلة السموني ما حل بها- حصار وردم البيت فوق رؤوس الأطفال
نشر بتاريخ: 05/01/2010 ( آخر تحديث: 05/01/2010 الساعة: 18:08 )
غزة- معا- اليوم تتذكر هذه العائلة ما حل بها وتعود لهم مشاهد الموت المحدق بأطفالهم المحاصرين لأيام تحت وابل من الرصاص وبالنهاية يدمر البيت فوق رؤوسهم ويقضي منهم العشرات موتى بآلة القتل الاسرائيلية.
في اليوم العاشر للحرب على غزة قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل وائل السموني الكائن في حي الزيتون في مدينة غزة وذلك بعد أن أمر الجنود الإسرائيليون مجموعة أسر من عائلة السموني بالتجمع داخل ذلك المنزل حدث ذلك عند حوالي الساعة السابعة من صباح يوم الاثنين الموافق 5 كانون الثاني يناير 2009. وبالإضافة لأفراد العائلة، الذين قتلوا على الفور جراء ذلك الاستهداف، هناك أشخاص آخرين من العائلة نفسها تركوا ينزفون حتى الموت في الأيام التالية وذلك بعد أن منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي وصول سيارات الإسعاف إلى تلك المنطقة. فقد بقي طفل صغير بجوار جثه والدته وإخوته وأخواته وغيرهم من أقاربه لمدة ثلاثة أيام فيما كان يحاول الصليب الأحمر التفاوض مع قوات الاحتلال الإسرائيلي للوصول إلى تلك المنطقة. وبالرغم من التغطية الإعلامية الكبيرة والصدمة التي نجمت عن تلك الحادثة فعائلة السموني لم تتلقَ سوى القليل من المساعدة وتعيش الآن في فقر في منازلهم البديلة قرب بقايا منازلهم السابقة. أجرى مركز الميزان لحقوق الإنسان مقابلة مع ابتسام (زوجة وائل)، البالغة من العمر (31 عاماً) ومع أحد أبناء عمها ويدعى أحمد نافذ السموني، البالغ من العمر (15 عاماً). أجريت المقابلة بعد مرور حوالي عام على تلك الحادثة. قتل اثنين من أبناء وائل وابتسام السموني في ذلك الهجوم وهما فارس، البالغ من العمر (14 عاماً)، ورزقة، البالغة من العمر (14 عاماً). بينما اثنين من أبنائهما الآخرين أصيبا بإصابات دائمة. توضح ابتسام:"ابني عبد الله، البالغ من العمر (8 سنوات)، أصبح لدية هشاشة عظام. وهو لا يستطيع الآن أن يحرك يده ورجله اليمنى. بينما ابني محمد، البالغ من العمر (6 سنوات)، فقد كوعه الأيمن وهو لا يستطيع أن يحرك يده اليمنى الآن. لذلك توجب علينا أن نرسل أبنائنا إلى مدرسة خاصة بالمعاقين.". محاصرون مع جثث القتلى تمكن العديد من أفراد عائلة السموني من الهرب بعد ذلك الهجوم ومن بينهم ابتسام. "لم أستطع أن أجد أطفالي بعد الاعتداء"تقول ابتسام."جريت وتركتهم داخل المنزل. كنت متأكدة أنهم قتلوا. كنا متأكدين أن من بقي في المنزل فقط القتلى. اتصلنا بالصليب الأحمر وأخبرناه أن يحضر الجثث.". ولمدة ثلاثة أيام والصليب الأحمر يحاول أن يؤمن تصريح من قوات الاحتلال لكي يسمح له بإخراج جثث القتلى بينما ترك الضحايا المصابين ينزفون حتى الموت. أحمد نافذ السموني (أحد أبناء عم ابتسام)، البالغ من العمر (15 عاماً) كان من بين من حوصر في ذلك المنزل. "كانت إصابتي خطيرة حيث أصبت بشظية في المعدة." قال أحمد "ولكني لم أغب عن الوعي طول الوقت. فقد ربط والدي مكان الجرح بقطعة قماش لكي يتوقف النزيف ولأني كنت استطيع المشي كنت أحضر الطعام والماء للجرحى.". وبعد ثلاثة أيام تمكن الصليب الأحمر من الوصول إلى ذلك المنزل عندها تم نقل أحمد إلى مستشفى القدس في مدينة غزة لإجراء عملية. ونتيجة للحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة - الذي كان في شهره الثامن عشر عندما أطلقت عملية الرصاص المصبوب - تعاني المستشفيات في غزة من نقص حاد في المعدات ولم تستطع التغلب على حجم الإصابات الكثيرة التي تصل إليها. عملية أحمد الجراحية دفعته إلى مزيد من الصدمة. "أعطاني الأطباء مخدراً لكي أنام أثناء العملية." يوضح أحمد "ولكني استيقظت أثناء إجراء العملية الجراحية. كنت أشعر بهم وهم يخرجون الشظايا. كنت أسمع أصواتهم ولكني لم عجزت عن الصراخ. لقد كان موقفاً مروعاً لن أنسى تلك اللحظات أبداً.". تم تحويل أحمد بعد ذلك إلى بلجيكا لتلقي العلاج وهناك تلقى رعاية صحية أفضل من تلك التي تلقاها في غزة. "لقد أعطوني كافة الحقن الصحيحة ولم أستيقظ أثناء إجراء العمليات الجراحية. العلاج هناك كان أفضل بكثير من العلاج في غزة. كنت أشاهد التلفزيون وأنا في المستشفى. كنت أقضي وقتي في بلجيكا وأنا أشاهد الناس القتلى والجرحى في غزة. كنت سعيداً عند عودتي إلى غزة لأني عدت وأنا أمشي على قدمي. كنت أخشى أن أعود عاجزا كما هو الحال مع الآخرين.". عندما عاد أحمد إلى غزة لم يكن يستطع الالتحاق بالمدرسة وبالتالي ترك المدرسة. "عندما عدت إلى غزة كانت السنة الدراسية شارفت على الانتهاء." يقول أحمد. "حاولت الذهاب إلى المدرسة وبقيت لبعض الوقت ولكني لم أستطع الالتحاق بالدراسة لذلك رسبت في تلك السنة. أنا الآن اجلس في المنزل. العيش في حالة فقر تشتت حياة ابتسام نتيجة لذلك الاعتداء. "دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزلنا وأرضنا. عندما عدنا إلى المنزل لم نجد أي شيء ولا حتى صحن. تأجرنا شقة لمدة شهرين ولكننا لم نستطع دفع الإيجار. أخدنا من بعض ما تبقى لنا من نقود قليلة واشترينا حجارة وبنينا غرفة صغيرة بجوار ركام المنزل. إن أسعار الحجارة مرتفعة جداً نظراً للحصار الإسرائيلي المفروض على غزة.". ومع تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلي لأراضهم فقد وائل وابتسام السموني مصدر دخلهم الوحيد. "كنا نزرع الخضروات ونبيعها. وبعد أن دمرت الدبابات الإسرائيلية أرضنا وجرفت الخضار والمزروعات ووضعت الأنقاض في الأرض فلن نتمكن من زراعة أي شيء الآن. لأنه لن ينمو. اضطررت لبيع مجوهراتي لكي نعيش لم أترك شيئاً حتى أنني بعت حلقي." تقول ابتسام وهي ترفع الغطاء عن رأسها لكي تكشف عن آذنيها الخاليتين من الأقراط. وبالرغم من مرور عام على ذلك الاعتداء إلا أن أولاد ابتسام ووائل لم يتعافوا. "فلا يزال عبد الله يعاني ألما شديدا" تقول ابتسام. "من الصعب جدا عليه المشي ولكن الأطباء لن يجروا له عمليات جراحية وذلك لأن جسمه ضعيف. يقول لنا الأطباء بأنهم سيحاولون إجراء العمليات له عندما يكبر ولكنه الآن ضعيف جداً. أما محمد فحاله أفضل من عبد الله ولكنه لا يزال يعاني من ألم شديد. أنا قلقة جداً على وضعهم العقلي فهم يفكرون كل يوم بأختهم وأخيهم الذين قتلا ويحلمون بهم في الليل. صوت الطائرات يخيفهم جداً حتى حمزة الطفل الصغير الذي كان عمره عاماً واحداً عندما حدث الاعتداء. تأمل ابتسام بأن يتم تعويضهم عن خسارتهم. "نريد التعويض" تقول ابتسام ، بالرغم من أننا نعلم بأن هذا التعويض لن يعوضنا عن خسارتنا لأهلنا. ولكنا نريد أن نستصلح أرضنا ونزرعها لكي نقدر على العيش والكسب. كان لدينا أشجار كبيرة وسنفرح كثيراً لو أنهم أعطونا أشجار حتى لو كانت صغيرة. كل يوم أفكر فيما حدث. أتمنى لو أن الأمور ترجع كما في السابق قبل حدوث الاعتداء". |