وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الشعيبي يسرد الرواية الكاملة حول اسباب تأجيل التصويت على "غولدستون"

نشر بتاريخ: 09/01/2010 ( آخر تحديث: 09/01/2010 الساعة: 18:15 )
رام الله- معا- أثار تقرير القاضي ريتشارد غولدستون الذي ترأس لجنة التحقيق الدولية في جرائم الحرب الاسرائيلية خلال العدوان الاخير على قطاع غزة لغطا كبيراً، بينما احدث قرار تأجيل التصويت على القرار في مجلس حقوق الانسان الدولي في جنيف من قبل السلطة الفلسطينية زلزالا سياسيا كبيراً.

وروى الدكتور عزمي الشعيبي عضو لجنة التحقيق التي شكلها الرئيس والتي ضمت الى جانبه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنا عميره رئيسا للجنة، والدكتور رامي الحمد الله رئيس جامعة النجاح الوطنية والتي بحثت قرار تأجيل التصويت على تقرير غولدستون في مجلس حقوق الانسان الدولي في جنيف خلال برنامج رأي عام الذي ينتجه ويبثه تلفزيون وطن، روى الرواية الكاملة لرحلة التقرير وكشف خبايا تقرير لجنة التحقيق الذي تم تسليمه للرئيس عباس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

وقال الشعيبي: اللجنة باشرت عملها فور تكليفها من الرئيس واللجنة التفيذية لمنظمة التحرير، من خلال وضع اليات العمل المناسبة لذلك، حيث قمنا بجمع المعلومات والملفات ذات العلاقة واستدعاء كافة الاشخاص ذات الشأن بالموضوع.

فقد استمعنا لشهادة الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء سلام فياض، ومستشار الرئيس نمر حماد، ود. صائب عريقات، وياسر عبد ربه، ووزير الخارجية رياض المالكي وابراهيم خريشة المندوب الفلسطيني في جنيف، وحسين الشيخ الوزير المفوض في الشؤون الفلسطينية الاسرائيلية، في حين لم يكن يلزمنا السماع الى شهادات المجموعة العربية والاسلامية والافريقية ودول عدم الانحياز، بسبب شمولية رسالة وشهادة السيد ابراهيم خريشة والذي اوضح ان المجموعات الداعمه تبنت الموقف الفلسطيني وصيغة القرار الذي صاغه الفريق الفلسطيني، والذي حدد الحركة التي يجب ان يعمل وفقها الفريق الفلسطيني.

وكشف الشعيبي النقاب عن تفاصيل رحلة تقرير غولدستون، والذي قام السيد ابراهيم خريشة بأرسال نتائج التقرير وملاحظاته عليه الى القيادة الفلسطينية عبر وزارة الخارجية، ومن ثم بدأ معركته في حشد التأييد لصيغة القرار الفلسطيني، حيث كان لديه توجه وموقف واضح للسير في جهوده للامام دون تردد، بناء على الاتصالات الاولية التي كان يجريها مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ومجلس الوزراء.

منذ 16/9/2009 حتى تاريخ 28/9/2009 كان الموقف الفلسطيني يسير بمستوى مندفع وثابت في جنيف، بدعم وتأييد كافة اصدقاء الفلسطينيين، وبدون اي مشاكل.

بعد تاريخ 28/9/2009 وبالتحديد خلال زيارة الرئيس لواشنطن ونيويورك، وحضوره اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، تم عقد لقاء مع ممثلي اللجنة الرباعية العربية( الامارات، السعودية،مصر، الجامعة العربية) وبدأ الرئيس يستمع في ذلك الوقت ان هناك اشكالية في تقرير غولدستون ، ويجب عليه ان يتعامل مع التقرير بحساسية كبيرة لأن التقرير يطالب بالتحقيق مع المجموعات المسلحة الفلسطينية ، كما علم الرئيس ان الولايات المتحدة تشن حملة ضد البعثة الفلسطينية في جنيف ، حيث كانت تجري هناك معركة ضارية بين الفريق الفلسطيني والفريق الداعم له، وبين الولايات المتحدة التي كانت تدافع عن الموقف الاسرائيلي.

قبل تاريخ 1/10/2009 كان الموقف الفلسطيني يسير على ما يرام، وذلك بشهادة رئيس الوزراء سلام فياض، والذي كشف عن تعرضه لضغوط كبيرة مارسها عليه السفير الامريكي الذي التقاه في رام الله، والذي طلب منه تأجيل بحث تقرير غولدستون وهو الامر الذي رفضه رئيس الوزراء.

اثناء ذلك كلف رئيس الوزراء سلام فياض بعد لقاءه السفير الامريكي، وزير خارجيته رياض المالكي بالاتصال مع السيد ابراهيم خريشة للتعرف على الموقف الفلسطيني ، وهو ما قام به السيد المالكي، حيث طمأنه خريشة ان الموقف العام ما زال كما هو ولم يتغيرمؤكدا استلامه رسائل من الرئيس ونمر حماد تؤكد انه لا سحب ولا تأجيل للقرار.

مساء يوم الخميس 1/10/2009 اتصل رئيس الوزراء سلام فياض، بوزير خارجيته، وطلب منه التأكد مجددا من خريشة من ثبات الموقف الفلسطيني وعدم تغيره، بعد ان نشرت وسائل الاعلام والصحف الاسرائيلية اخبار عن طلب الطرف الفلسطيني تأجيل التصويت على التقرير، وهو الامر الذي اكده بالفعل خريشة لوزير الخارجية رياض المالكي.

في اليوم التالي حدث طلب التأجيل، حيث تم عقد اجتماع بين الفريق الفلسطيني، والمجموعات الداعمة للقرار الفلسطيني( المجموعة العربية ، الاسلامية، الافريقية، عدم الانحياز) حيث قام السيد ابراهيم خريشة بأبلاغهم ان القيادة الفلسطينية، وبناءً على تقديراتها ارتأت ان تتخذ قرار التأجيل ، وبالتالي ذهب مندوب باكستان نيابة عن الجميع ، واعلن طلب تأجيل التصويت على القرار لشهر اذار 2010.

طلب التأجيل اتخذه الفريق الفلسطيني في جنيف، بعد تلقي ابراهيم خريشة اوامر بذلك من مستشار الرئيس عباس نمر حماد ،والذي ابلغه ان الرئيس اتخذ ذلك القرار بناءً على اقتراحات عديدة توصي بطلب التأجيل.

قبل ذلك تم فتح خط اتصال ثلاثي بين مستشار الرئيس نمر حماد، ود. صائب عريقات الذي كان موجود في واشنطن، وابراهيم خريشة في جنيف وتم تداول الموقف الفلسطيني من التصويت على التقرير في مجلس حقوق الانسان.

لجنة التحقيق التي شكلها الرئيس، استمعت الى شهادة الرئيس عباس، على مدى ثلاث ساعات، حيث قال انه هو الذي طلب التأجيل، وهو الذي يتحمل المسؤولية عن ذلك وكان يبدو عليه الانزعاج من النتائج والكيفية التي جرى فيها استغلال نتائج التأجيل.

وخلال الاستماع لشهادة الرئيس ناقشت لجنة التحقيق، اليات اتخاذ القرار في الحياة السياسية الفلسطينية، والاشكاليات التي تواكب ذلك الامر.

ورأى عضو لجنة التحقيق د. عزمي الشعيبي انه من خلال التحقيق، رأينا انه لم يكن هناك تقدير لدى القيادة الفلسطينية مما فيها الرئيس، للنتائج التي يمكن ان تترتب على قرار تأجيل التصويت لثلاثة شهور، كما لم يكن هناك تقدير لأهمية التقرير عند القيادة الفلسطينية، وحساسيته بالنسبة للجانب الاسرائيلي، وهو الامر الذي تنبهوا اليه في الايام الاخيرة حينما رأوا مدى الضغط الامريكي والاسرائيلي وقوته.

كما اعتقد الشعيبي ان الرئيس لم يكن يتوقع ان يكون هناك اهمية كبيرة للتصويت في ذلك اليوم، واعتقد انه يمكن تأجيله لوقت اخر، ووفق ذلك اتخذ ابو مازن قرار التأجيل وهو ما اقرته اللجنه في تقريرها، واعتبرته قراراً خاطئاً وان الرئيس يتحمل مسؤولية ذلك الامر، وهو الذي اصدر الامر لنمر حماد والذي ابلغه بدوره الى ابراهيم خريشة.

وعودة الى بداية التقرير اشار الشعيبي الى ان توصيات لجنة التحقيق حملت المسؤولية ايضاً لوزارة الخارجية، حيث انه في 16/9/2009 بعث ابراهيم خريشة برسالة الى وزيرالخارجية تتضمن ملاحظاته مطالباً بالتعليمات من القيادة لكي يطبقها ويعمل بها.

وزير الخارجية لم يتابع الموضوع ،حيث بقيت رسالة السيد خريشة حبيسة الادراج في وزارة الخارجية لمدة 17 يوما، حتى قام وزير الخارجية بأجراء اتصال مع ابراهيم خريشة بأيعاز من رئيس الوزراء بعد تلك المدة.

وكشف الشعيبي النقاب عن تعهد الرئيس بنشر نتائج تقرير لجنة التحقيق امام الرأي العام، بعد عرضه امام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن رغم استلامه للتقرير واجتماع اللجنة التنفيذية مرتين الا ان التقرير لم يناقش الى الان.

واوضح الشعيبي ان تقرير لجنة التحقيق تضمن الكثير من التوصيات التي تخص النظام السياسي الفلسطيني، وضرورة توضيح كيفية اتخاذ القرار السياسي الفلسطيني، والتنسيق بين عمل مؤسسات السلطة ومؤسسات المنظمة، اضافة الى توصيات حول ملابسات تقرير غولدستون والتي كان اهمها التوصية المتعلقة بوزارة الخارجية، حيث دعت اللجنة مجلس الوزراء الى اتخاذ واستخلاص العبر بشأن التقصير الذي حصل في وزارة الخارجية، ومسؤوليتها في عدم رفع تقرير ابراهيم خريشة الى مجلس الوزراء.

واشار الشعيبي الى ان الرئيس اوضح للجنة التحقيق انه تعرض لضغوطات كبيرة اثناء عرض تقرير غولدستون ولكن تلك الضغوطات لم تكن هي السبب وراء قرار تأجيل التصويت، كاشفاً عن حملة الضغوطات الامريكية التي مورست ضده اثناء انعقاد مؤتمر دمشق، وكذلك موقفه من المصالحة الفلسطينية مع حركة حماس، والتي لم يخضع لها.

وشدد الشعيبي على ضرورة تكثيف عمل لجنة المتابعة لتقرير غولدستون واعطاءها كافة ما تحتاجه لأنجاح عملها، لتمرير التقرير الى المحافل الدولية كافة.

وقد عبر الجمهور المشارك في البرنامج عن تأييده لنشر نتائج تقرير لجنة التحقيق للرأي العام، من اجل زيادة ثقته في تلك اللجان اذا ما تم تشكيلها مستقبلاً في قضايا اخرى.

وكان تلفزيون وطن قد طرح استطلاع للرأي على موقعه الالكتروني http://www.wattan.tv، بعنوان هل تؤيد نشر نتائج تقرير لجنة التحقيق في تقرير غولدستون التي شكلها الرئيس ابو مازن، حيث أيد 77% من المصوتين نشر نتائج تقرير لجنة التحقيق، فيما عارض 7% نشر ذلك، في حين كانت نسبة الذين لا رأي لهم 16% من المصوتين.