وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المركز الفلسطيني لحقوق الانسان: لا انتخابات دون مصالحة

نشر بتاريخ: 24/01/2010 ( آخر تحديث: 24/01/2010 الساعة: 18:26 )
غزة -معا- أكد المركز الفلسطيني لحقوق الانسان على دعم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في موعدها، مؤكدا على أن لا انتخابات قبل تحقيق المصالحة الوطنية وتهيئة الأجواء المناسبة واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لضمان عقد انتخابات حرة ونزيهة.

وقال المركز في بيان وصل لوكالة "معا": " على أنه لا يعني عدم إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها المقرر لها وفقا للقانون وجود فراغ قانوني في السلطة الفلسطينية، لكن هناك انتفاص للعملية الديمقراطية، إذ أن التفويض الشعبي الذي منحه الشعب في الانتخابات الرئاسية عام 2005 وفي الانتخابات التشريعية عام 2006 ليس مفتوحاً بلا سقف، بل ينتهي في موعد أقصاه 24 يناير 2010. وبعد اليوم لن يستطيع أحد ادعاء الديمقراطية أو تمثيل الإرادة الشعبية، وتنبغي العودة للشعب مجدداً من أجل تفويض جديد. "

وأضاف المركز أن الجدل بشأن الانتخابات ليس قانوني فحسب بقدر ما هو جزء من الحالة السياسية القائمة، وقد وظف طرفا الأزمة القانون الأساسي والقوانين ذات الصلة لمصالح حزبية وتنظيمية ضيقة، وتم تجاهل الفلسفة والروح التي تستند إليها عملية التشريع، مؤكدا أن الانتخابات ليست هدف بحد ذاته إنما هي جزء من عملية طويلة المدى للتأسيس لنظام حكم وعملية ديمقراطية، تشكل الانتخابات الدورية أحد دعائمها.

وتابع المركز يصادف اليوم الموافق 24 يناير 2010 موعد استحقاق الانتخابات التشريعية والرئاسية في السلطة الوطنية الفلسطينية. ولو قدر للديمقراطية الفلسطينية أن تسير بشكل طبيعي دون عراقيل أمامها لكان الفلسطينيون في الأرض المحتلة اليوم أمام صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس وأعضاء مجلس تشريعي جديد. يمر هذا اليوم دون عقد تلك الانتخابات بسبب حالة الصراع القائم والانقسام الحاد في النظام السياسي الفلسطينية.

كانت الانتخابات الرئاسية الثانية قد جرت في يناير من العام 2005، في أعقاب وفاة الرئيس ياسر عرفات في نوفمبر 2004، وانتخب على إثرها محمود عباس رئيساً للسلطة الفلسطينية. وفي يناير من العام 2006 جرت الانتخابات التشريعية الثانية، وأفضت إلى فوز حركة حماس بالغالبية العظمى من مقاعد المجلس التشريعي (74 مقعداً)، متقدمة بذلك على حركة فتح التي فازت بـ 45 مقعداً فقط، من بين 132 مقعداً، هي عدد مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني. وكان من المؤمل أن تسهم تلك النتائج في تقوية الديمقراطية الفلسطينية الناشئة من خلال تكريس التداول السلمي للحكم، غير أن تلك المحاولات أحبطت، وتم الالتفاف على نتائج تلك الانتخابات، بما في ذلك اعتقال عشرات النواب من قبل قوات الاحتلال، وفرض عقوبات ومقاطعة مالية من المجتمع الدولي.

وترافق ذلك مع تدهور غير مسبوق في الأوضاع الأمنية الداخلية ووجود معوقات لعملية التحول الديمقراطي، حيث شهدت الأوضاع الأمنية الداخلية تدهوراً خطيراً في ظل التصعيد غير المسبوق في حالة الانفلات الأمني، والزيادة المحمومة في الاعتداءات على سيادة القانون في كافة مناطق السلطة الوطنية، خاصة في قطاع غزة. وقد أفضت تلك الحالة إلى نزاع مسلح بين حركتي فتح وحماس والأجهزة الأمنية التابعة لهما، خاصة في غزة، انتهت بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة في يونيو 2007.

وأسفرت تلك الحالة عن وجود انقسام في هرم السلطة الفلسطينية، وبات الفلسطينيون منذ ذلك أمام واقع متمثل بوجود حكومتين، واحدة في رام الله وتتبع الرئاسة، وأخرى في غزة. وانسحب ذلك الوضع على جميع مكونات النظام السياسي الفلسطيني بما في ذلك الهيئة التشريعية والنظام القضائي.
وأمام هذه الحالة من الانقسام السياسي أعيقت إجراء الانتخابات الرئاسية ولم تجر في موعدها الدستوري في يناير 2009. كما أسدل الستار على العام 2009، دون أن تكون هناك بوادر عملية لإجراء انتخابات تشريعية في موعد المقرر قبل 25 يناير 2010.

وكان قد أثير جدل واسع النطاق حول استحقاق الانتخابات الرئاسية المفترض إجراؤها وفق القانون الأساسي قبل العاشر من يناير 2009. فقد شهد النصف الثاني من العام الماضي 2008 جدلاً واسع النطاق في أوساط الفلسطينيين حول انتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 9 يناير 2009 ووفقاً لفريق حركة حماس وأقطاب الحكومة في غزة فإن ولاية الرئيس تنتهي في التاسع من يناير 2009 بانتهاء فترة السنوات الأربعة التي تلت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في العاشر من يناير 2005، وأنه ما لم تُجرَ انتخابات رئاسية جديدة، فإن منصب الرئاسة يكون شاغراً ويتولاه رئيس المجلس التشريعي لمدة 60 يوماً تُجرى خلالها انتخابات جديدة لاختيار رئيس جديد للسلطة، وذلك كله استناداً لأحكام القانون الأساسي. وقد تبنت حركة فتح والحكومة في رام الله موقفاً مغايراً مفاده أن الفترة الرئاسية قد تم تمديدها بموجب قانون الانتخابات رقم (9) لسنة 2005 الذي أصدره المجلس التشريعي نفسه، بما يسمح بتزامن إجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، بعد انتهاء فترة المجلس التشريعي في يناير 2010.

وقد أصدر المركز، في حينه، ورقة موقف أكد خلالها بأنه وبالرغم من إدراكه التام بأن ولاية الرئيس تنتهي في 9 يناير 2009، وفقا للقانون الأساسي وأنه كان ينبغي إجراء انتخابات رئاسية قبل العاشر من يناير، إلا أن المركز يدرك أيضاً أن إجراء الانتخابات يتطلب توفر شروط وبيئة لضمان النزاهة والشفافية في كافة مراحل العملية الانتخابية ولضمان أن تعكس نتائج تلك الانتخابات إرادة الناخبين.

وأوضح المركز في ورقة الموقف أن الشروط والبيئة القائمة في الأرض الفلسطينية المحتلة في ظل حالة الانقسام القائمة بين فتح وحماس لا تؤهل لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة تعبر عن إرادة الناخبين، وأن المعطيات الراهنة لا تنبئ بتغير هذه الشروط والبيئة في المستقبل المنظور، ما لم يشرع الجانبان فوراً في حوار جاد لوقف حالة الانقسام وتداعياتها والاتفاق على إجراء مثل هذه الانتخابات أو التوافق على أي شكل آخر للحل، يؤدي إلى إجراءات انتقالية تمهد لإعادة الاعتبار لوحدة الأرض الفلسطينية والنظام السياسي للسلطة الوطنية الفلسطينية.

وأضاف المركز أن تسلم المجلس التشريعي لمهام الرئاسة بعد التاسع من يناير 2009 سيؤدي إلى مزيد من الشرخ والانقسام وهو ما سيحول أيضاً دون إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في الضفة الغربية وقطاع غزة في غضون 60 يوماً.

أما الانتخابات التشريعية، فكان من المفترض أن تعقد قبل 25 يناير 2010، وفق الجدول الزمني المحدد قانوناً. ووفقاً للقانون أيضاً، يتوجب على الرئيس الفلسطيني أن يعلن عن إجراء الانتخابات التشريعية قبل ثلاثة أشهر من موعدها المحدد. غير أن العام 2009 قد انتهى دون أن تنجز أي من الاستعدادات لإجراء الانتخابات التشريعية.

وكان الرئيس محمود عباس، قد أصدر بتاريخ 23 أكتوبر 2009، مرسوماً رئاسياً يقضي بالدعوة لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية حرة ومباشرة في السلطة الوطنية الفلسطينية يوم 24 يناير/ كانون الثاني 2010. وقد أثار هذا المرسوم بعداً جديداً للأزمة السياسية القائمة في ظل تضارب وجهات النظر والمواقف المتباينة. وبينما اعتبر فريق الرئاسة أن المرسوم الرئاسي هو استحقاق دستوري يجب العمل به إلى جانب جهود المصالحة ولا يتعارض معها، اعتبرت حركة حماس والحكومة المقالة في غزة أن المرسوم غير دستوري وأن الرئيس منتهي الولاية منذ 9 يناير 2009 ولا يملك، بالتالي، صلاحية بإصدار المرسوم قبل التوصل إلى توافق وطني، بما في ذلك التوافق على منصب الرئاسة وحل إشكالية انتهاء الولاية.

وقد اصدر المركز ورقة موقف[1]حول المرسوم الرئاسي المذكور شدد فيها على أن الانتخابات مطلب لكافة القوى الوطنية وللمجتمع المدني، ولكنها غير ممكنة بدون التوصل إلى مصالحة وطنية شاملة تنهي الانقسام وتعيد الاعتبار إلى مؤسسات الحكم الفلسطيني التشريعية والتنفيذية والقضائية والتي انعكست عليها الأزمة وباتت هي عنواناً للانقسام.

وأكد المركز أن إجراء الانتخابات يتطلب توفير أجواء انتخابية مناسبة، بما في ذلك إطلاق الحريات العامة، الإفراج عن المعتقلين السياسيين، رفع الحظر عن النشاطات السياسية (نشاطات حماس في الضفة وفتح في غزة)، إعادة فتح مئات الجمعيات والمؤسسات المغلقة، احترام الحريات الصحفية وحرية التعبير والسماح بحرية عمل كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.

وأوضح المركز أنه لا يمكن إجراء انتخابات بدون توفر الضمانات القضائية الملائمة وبدون وجود سلطة قضائية واحدة وموحدة ومستقلة، بما في ذلك وجود محكمة مختصة بشؤون الانتخابات تبت في النزاعات الانتخابية، يشهد جميع الفرقاء و"المتنافسين في الانتخابات" بحيادها واستقلالها.