وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز الميزان في 25 يناير: مبدأ سيادة القانون عرضة للخطر

نشر بتاريخ: 25/01/2010 ( آخر تحديث: 25/01/2010 الساعة: 17:37 )
بيت لحم - معا - يصادف الاثنين الموافق 25/01/2010 موعد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية، حيث يكون قد مضى على انتخاب الرئيس محمود عباس كرئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية خمس سنوات وعلى نواب المجلس التشريعي أربع سنوات.

وكان هناك اختلافات في الرأي بشأن ما إذا كانت ولاية الرئيس تجاوزت الوقت المحدد دستوريا، بسبب حالة الانقسام والجدل حول جواز تمديد الولاية بقانون الانتخابات، فإن ولاية الرئاسة والمجلس التشريعي انتهت قانونياً يوم أمس، لتفقد المؤسسة السياسية الفلسطينية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أساس شرعيتها ودستوريتها وفقاً للقانون الأساسي الذي ينظم عمل السلطة الوطنية.

وعبر مركز الميزان لحقوق الإنسان عن أسفه لتعطل إجراء الانتخابات العامة الفلسطينية، التي من شأن إجراءها سد الفراغ الدستوري القائم وتكريس الحياة الديمقراطية وتجديد الشرعية القانونية والدستورية للمؤسسات الفلسطينية، سواء مؤسسة الرئاسة أو المجلس التشريعي، بناءً على أسس قانونية وديمقراطية مستقرة وصلبة.

وفي ظل غياب التوافق الوطني الجامع حول تأجيل الانتخابات وموعد إجرائها، يبقى مبدأ سيادة القانون عرضةً للخطر، الأمر الذي يحتم على الأطراف السياسية الفلسطينية كافة أن تسرَّعَ العمل نحو إعادة المشروعية للنظام السياسي الفلسطيني برمته، وبطريقة تجمع الفاعلين السياسيين تحت مظلة شرعية واحدة.

وشدد مركز الميزان على أن مبدأ دورية الانتخابات من المبادئ الأساسية الواجب توافرها في أي نظام ديمقراطي، إضافةً إلى كونها حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، يصعب بدون إتاحته على المواطنين الفلسطينيين المشاركة الفاعلى في إدارة شئونهم وتقرير مصيرهم، وهو أمر يعطي الانتخابات أبعاداً هامة، كطريقة للتعبير عن الرأي وشكل من أشكال إعمال الحق في المشاركة في إدارة شؤون البلاد والحق في المشاركة السياسية، كما يعبر عنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الأساسي الفلسطيني المعدل للعام 2003.

ويبرز مبدأ دورية الانتخابات كأساس للأنظمة الديمقراطية، التي تعتمد الانتخابات أسلوباً للتداول السلمي للسلطة، ويسهم احترام هذا المبدأ في إتاحة الفرصة أمام المواطنين لاستخدام حقهم في مساءلة ممثليهم، وبالتالي يلعب دوراً مؤثراً في ضمان احترام المتنافسين لوعودهم والعمل الجدي على تحقيقها.

وقال مركز الميزان إذ يدرك أن تعطيل الانتخابات وعدم إجراءها في موعدها ليس سابقةً ولا استثناءً في حالة السلطة الوطنية الفلسطينية، ولكنها تأخذ أبعاداً خطيرة في الظروف الراهنة على مستويين:

المستوى الأول يتعلق بحق الفلسطينيين الأساسي كشعب في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة، وما يجره الانقسام من أضرار جسيمة تضعف من موقفهم في سعيهم نحو إحقاق حقهم في تقرير المصير، وهي بذلك لا تقف عند حدود إضعاف الجهود الوطنية والدولية لضمان تحقيق هذا الحق، بل وتفقدهم فرصة الاستفادة من موقف دولي فاعل وداعم لهم، مما يهدر كثير من الفرص لتحقيق نجاحات خاصة على الصعيدين القانوني والدبلوماسي، ولاسيما بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الشتاء الماضي.

ويضعف استمرار الانقسام وتعطيل الانتخابات الشعب الفلسطيني، لدرجة كبيرة، في مواجهة الاحتلال والقضايا الكبرى المتصلة به، خاصةً في ظل توسع الاستعمار الإسرائيلي واستمرار بناء جدار الفصل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالرغم من رأي محكمة العدل الدولية في لاهاي الاستشاري بخصوص الجدار تموز (يوليو) 2004.

ورأى المركز أنه لا سبيل لخلق بيئة ملائمة لاحترام حقوق الإنسان في فلسطين في ظل غياب الحق في تقرير المصير، بحيث يمكن للشعب الفلسطيني أن يتحكم في موارده الطبيعية، وحدوده، وتحديد نظامه السياسي بحرية.

وأما المستوى الثاني فهو يتعلق بحالة حقوق الإنسان والحريات العامة داخل المجتمع الفلسطيني، حيث يسهم تعطيل الانتخابات وعدم إجراء المصالحة في مزيد من تدهور حالة حقوق الإنسان، حيث يتوقع المركز أن تتواصل أعمال الاعتقال السياسي وانتهاك حقوق الموقوفين ومصادرة الحريات العامة كالحق في التجمع السلمي والحق في تكوين الجمعيات والحق في حرية الرأي والتعبير، إن من شأن هذه التطورات أن تسهم في مزيد من تدهور حالة سيادة القانون، وهي أساس ضمان احترام وحماية حقوق الإنسان.

وحذر المركز من أن التداعيات السلبية ستطال المجتمع الفلسطيني برمته ولكنها ستكون أشد وقعاً على المواطنيين من المنتمين أو المحسوبين على أي من طرفي الانقسام السياسي الفلسطيني.

ودعا مركز الميزان لحقوق الإنسان التنظيمات والحركات السياسية الفلسطينية، بما فيها حركتي فتح وحماس، إلى احترام الثقة التي منحهم إياها الشعب الفلسطيني، والتوجه دون إبطاء نحو المصالحة الوطنية، وإلى إجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية ديمقراطية ونزيهة تضمن تجديد شرعية المؤسسات.

كما دعا المركز قوى المجتمع المدني كافة وفي مقدمتها الأحزاب السياسية لتصعيد نشاطاتها وجهودها الرامية إلى إنهاء الانقسام وإجراء المصالحة الوطنية، وعدم التسليم بأخذ المجتمع برمته كرهينة لصراع حزبي على السلطة وسط استمرار تراجع القضية الوطنية المتمثلة في تقرير المصير، وتدهور أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.