|
من المسؤول..؟؟ قصة المواطن منور أبو صاع
نشر بتاريخ: 01/02/2010 ( آخر تحديث: 01/02/2010 الساعة: 13:15 )
طولكرم- معا- برهان السعدي- لكل مربع من الأرض الفلسطينية المحاذية للجدار الإلتهامي قصة، وللمربعات التي فصلها امتداد الجدار وبقي الظل مرئيا من كل الجهات دون حواجز إسمنتية أيضا قصة أو قصص، وتخرج عن كونها عبثية في سيرورة قضم الأرض، كما لم يكن هذا لنقص في الإسمنت المسلح، إنما لأسباب فنية تقنية، يصعب على تقنيات الهندسة الإسرائيلية رغم تطورها علاجها، والشواهد كثيرة في هذا السياق والتي لا تعالجها هذه الأسطر المنداحة هنا.
ونحن أمام قصة تحمل غرابة الشكل لا غرابة المضمون، فكل شيء ممكن في عرف وفلسفة الاحتلال، خاصة إذا ما زلنا ندرك أن طبيعة الصراع وجود أو عدمه، في سياق حضاري يتجاوز كونه حدوديا، وأن فلسفة الاحتلال فلسفة عقدية في التعامل مع الأرض الفلسطينية وهجماته الاستيطانية. والقصة بدأت قبل سنوات مع بداية بناء الجدار الذي أخذ عدة تسميات في الحكاية الفلسطينية الشعبية والرسمية، مع المواطن منور أبو صاع الذي يملك 13 دونما في سهل دير الغصون جنوبي طولكرم، بعد أن قضم جدار الفصل العنصري ما قضمه من أراضي تلك المناطق السهلية، والأرض المتبقية محاذية للجدار وتبعد عن بوابته 100م تقريبا. وكون الأراضي المصادرة أعلى منسوب من الأراضي المتبقية ستجعل الإسرائيليين يواجهون مشكلة مياه الأمطار التي تجرف الكركار والحصى الذي يضعه الإسرائيليون في منطقة الجدار إلى قناة مجاورة في جانبهم مما يضطرهم إلى تنظيف القناة بجرافات ثم شحنها إلى المكبات حتى تتمكن المياه من السير في مجاريها المعدة لهذا الغرض، ووجد الاحتلال الحل الذكي بتحويل المياه إلى أرض المواطن المذكور أعلاه، مما أجبره حفر قناة بطول 50 مترا وعرض مترين وعمق ثلاثة أمتار أي 600 متر مكعب، وهذه القناة تمتلئ من الحصى والكركار عدة مرات حسب معدل وكميات الأمطار، لأن الاحتلال يرمم منطقة الجدار 3- 4 مرات في فصل الشتاء وذلك بعد كل جرف. وإن امتلأت القناة دون جرفها بجرافات وتنظيفها باستخدام عشرات الشاحنات يمتد الكركار إلى بقية الأرض التي تغطيها زراعة دفيئات بلاستيكية بمساحة أكثر من 3 دونومات. وهذه المشكلة دائمة ما دام هناك تساقط أمطار وما دام هناك جدار الفصل التعسفي، والسؤال المطروح هل يستطيع مزارع فلسطيني بإمكانياته الفردية التغلب على مسألة تكاليف ذلك ؟؟ وإن تركها دون جرف تتجاوز الخسارة إنتاج محصول تلك الدفيئات للعام الجاري إلى مسألة وطنية، حيث ستشكل تلك القطعة السهلية مصفا جاهزا للدبابات الإسرائيلية دون إذن من أحد وبجهد لا يتعدى النصف ساعة. وعاش المواطن المغلوب على أمره صراعا بين وضعه الاقتصادي وبين حبه لأرضه وانتمائه لوطنه فاختار حبه وانتماءه، لكن الأعباء الاقتصادية مجهدة، وطالما له مواطنته الصالحة، وما دام الوطن للجميع فلماذا لا يبذل جهدا مع المسؤولين، فهل يحتاج الأمر أكثر من بلاغ ؟؟!! فلربما لا يعرف المسؤولون بهذا الأمر، وإذا كان أحدنا في مكانه هل يفكر بغير هذا ، وفعلا ما كان منه غير طرق كل أبواب المسؤولين، لكنني أتساءل : لماذا كل هذه "الشوشرة" ، ألا يكفي الذهاب إلى جهة اختصاص محددة ؟؟!! وربما نجد أنفسنا مع قصة إبريق الزيت، أو في دراما أو .. أو .. وفي المحصلة لا نستطيع الحكم ما لم نقف على بعض التفاصيل. توجه المواطن المذكور إلى دائرتي الزراعة ذات الاختصاص في محافظته وكان جواب مدير إحداها اعتذار عن عدم القدرة بعمل شيء، والأخرى زارت المكان ورفعت تقاريرها دون جدوى. وفي حينه قابل وزير الزراعة سابقا د. محمود الهباش الذي تلطف به وقابله مشكورا ووعده بتحويل الأمر للجهات المختصة، ثم توجه إلى وزير الزراعة الحالي الذي لم يتمكن من مقابلته بسبب انشغالات وطُلب منه رفع كتاب بهذا الموضوع لدراسة الأمر، ودون جدوى، وأدرك أنه تجاهل عن غير قصد لجنة مقاومة الجدار، وعلى الفور قام منسق اللجنة المحلية في المحافظة بعد علمه بالأمر بزيارة الموقع وتفاجأ بالصورة القائمة على الأرض، ولامه على تبسيطه للأمور حيث ما هو على الأرض يفوق الوصف، ثم زار المقر الرئيسي للجنة مقاومة الجدار في رام الله لنفس الغاية، وما زال مكوك الزمن يدور منذ سنوات دون جدوى ودون انقطاع عن زيارة المسؤولين وإرسال الكتب ذات التوضيح والمناشدة، فمن المسؤول؟؟ أم أن هذا الأمر لا يستدعي كل هذا التضخيم وهذه الضجة ؟؟!! وهل انقطاعه مدة خمسة أشهر عن مواصلة إرسال الكتب وزيارة مكاتب المسؤولين لسبب طارئ أفقد كتبه حق المتابعة ؟؟!! وهل أهمية الأرض والدفاع عنها مرتبط بوجود زارعها ؟؟!!. وفلسفة الحكومة القائمة محورها أن بناء المؤسسات قاعدة أساس لبناء الدولة الفلسطينية وتحققها، فهل هذا السياق يخدم بناء المؤسسة ونجاحها وأداء رسالتها، وأذكر أن الاحتلال ما زال يصادر مئات الدونمات لأغراضه الاستيطانية رغم الموقف العالمي من الاستيطان، ولا بد من استنباط العبر من التاريخ، فإحدى الصحف العبرية نشرت قبيل عقد الثمانينات بفترة وجيزة أن مدرسة أمريكية في إحدى الولايات الأمريكية طلبت من السفارة الإسرائيلية تزويدها بالوثائق اللازمة عن الصراع العربي- الإسرائيلي خلال أسبوع دراسي تنظمه المدرسة، وأجلت المدرسة موعد أسبوعها الدراسي ثلاث مرات بسبب عدم تلبية السفارة الإسرائيلية ذلك رغم تكرار الطلب، مما جعلهم يتوجهون لمكتب م. ت. ف الإعلامي الذي قام بتزويدهم بكل ما يتعلق في الصراع مع إسرائيل خلال فترة قياسية، مما كان له الدور في صياغة رؤيا الطلبة وأهاليهم للصراع من وجهة نظر فلسطينية. فالنجاح بالأداء الوظيفي يخدم الهدفية السياسية والبنيوية رغم المفارقة في الإمكانيات لصالح أعداء الشعب الفلسطيني. ألا يحق لنا رفع الصوت أمام تفاعل الرسميين في موقعة السهل في دير الغصون ؟؟!! هل من حل ؟؟!! هل من جهة اختصاص ؟؟!! أم أن هذه مجرد مشكلة شخصية ؟؟!! وهل توقف التفاوض مع الإسرائيليين حال دون بلورة موقف ؟؟!! أم أن حجم الأرض لا يستدعي الاهتمام ووضع أجندة لها ؟؟!! هل من صحوة ؟؟!! ألم نتعظ من ضياع الأرض وتجاذب قطعان المستوطنين لها ؟؟!! أم أن السبب يكمن في تبسيط الأمر دون معرفة عواقبه مع افتراضنا الدائم بحسن النوايا ؟؟!!. |