وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز حقوقي: التحقيقات بشأن "غولدستون" اخطأت في تطبيق المعايير الدولية

نشر بتاريخ: 06/02/2010 ( آخر تحديث: 06/02/2010 الساعة: 17:15 )
غزة- معا- اعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه بشأن مصداقية التحقيقات التي أجريت استجابة للتوصيات التي رفعها تقرير غولدستون وتم إجراؤها من قبل السلطات الإسرائيلية والسلطات الفلسطينية في رام الله وغزة.

واشار المركز في بيان وصل "معا" نسخة عنه إلى أن هذه التحقيقات أخفقت في تطبيق المعايير الدولية الضرورية، مشيرا إلى أن الدول تصبح تحت طائلة المسؤولية على المستوى الدولي في حال فشلها في اتخاذ خطوات مناسبة لإجراء التحقيقات, معربا عن دهشته إزاء الملاحظات التي أبداها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في تقييمه لنتائج هذه التحقيقات.

واشار المركز إلى أن التحقيقات التي أجريت من قبل السلطات الإسرائيلية لا تلبي، في أي حال من الأحوال، متطلبات القانون الدولي العرفي، تقرير غولدستون أو حتى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم A/Res/64/10, ومثله مثل العديد من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية, معربا عن اعتقادة أن النظام الإسرائيلي – في معالجته لقضايا الفلسطينيين من ضحايا الانتهاكات الإسرائيلية – لا يلبي المعايير الدولية الضرورية فيما يتعلق بالإدارة الفعالة للعدالة, و إن الطبيعة الهرمية للجيش والطريقة غير الفعالة التي يتم بموجبها إجراء التحقيقات وعدم المراقبة المدنية – كما هو الحال في الهامش الكبير من حرية التصرف الذي تمنحه المحكمة العليا الإسرائيلية – وعدم فعالية هذه المراقبة في حال إجرائها، كل هذه العوامل تتضافر معاً لإحباط تحقيق العدالة بشكل أساسي.

واكد المركز على أن التحقيقات العسكرية (والتي عادة ما تتم الإشارة إليها على أنها تحقيقات تنفيذية أو تحقيقات القيادة)، وهي تشكل الغالبية العظمى من التحقيقات التي تم إجراؤها حتى هذا التاريخ، هي تحقيقات غير ملائمة وغير كافية من الناحية القانونية، ولا يمكن لها إجراء التحقيقات المطلوبة مع كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين.

وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، كونه ممثلاً عن الضحايا، يمتلك خبرة مباشرة في مجال التحقيقات الإسرائيلية التي يتم إجراؤها، وقام بتمثيل عدد كبير من الشهود الذين طلب منهم الإدلاء بشهاداتهم.

واعتبر المركز آلية التحقيق المتبعة من قبل الإسرائيليين آلية غير كافية على الإطلاق قياساً بمتطلبات القانون الدولي, مشددا على أنه تم إجراء 150 تحقيقاً فقط، كان من بينها 36 تحقيقاً جنائياً، وحتى اللحظة تم إغلاق سبعة من بين هذه التحقيقات الجنائية لـ 'عدم توفر الأدلة', و لقد قام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بمفرده بتقديم 450 قضية جنائية ووفقاً لنتائج هذه التحقيقات تم الكشف عن ارتكاب أخطاء من قبل مسؤولين اثنين وجندي واحد، وبشكل عام، وكشفت نتائج التحقيقات التي أجريت حتى اللحظة عن أن إسرائيل تصرفت 'بموجب القانون', و من المؤكد أنه لا يمكن تحقيق المحاسبة من خلال النظام القانوني الإسرائيلي، وهذا الاستنتاج يتوافق مع الخبرة الطويلة للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وكذلك مع تجارب منظمات حقوق إنسان إسرائيلية ودولية.

كما واعرب المركز عن دهشته من ردة الفعل التي أبداها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بشأن هذه التحقيقات, فقد نقل عن بان قوله أنه "لا يمكن تحديد مدى تنفيذ القرار من قبل الأطراف المعنية"، وذلك على الرغم من الدعوة الصريحة التي وجهها القرار رقم A/Res/61/10 إلى الأمين العام للقيام بـ "تقديم التقارير حول سير عملية تنفيذ هذا القرار", لم يعرب السيد بان عن أي قلق بشأن المشاكل الأكيدة التي نتجت عن عدم وجود لجنة تحقيقات مدنية مستقلة وموثوق بها ومحايدة وكذلك بشأن عدم تحقيق أي تقدم حتى اللحظة. وكونه ممثلا عن ضحايا الأعمال "الوحشية" التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية أثناء الهجمات الإسرائيلية على غزة في شهري ديسمبر 2008 وفبراير 2009.

فقد شعر المركز بالصدمة والفزع بسبب عدم المسؤولية, و إن من واجب الأمين العام للأمم المتحدة أن يقوم بضمان، من خلال الآليات التي تتبعها الأمم المتحدة، محاسبة مرتكبي جرائم الحرب وكذلك ضمان التعويض لضحايا هذه الجرائم. وإن كان لدى الأمين العام للأمم المتحدة أي شكوك حول مصداقية وسائل أو نتائج التحقيقات – وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال لأن إسرائيل لم تقم بتشكيل لجنة تحقيقات مدنية مستقلة تتمتع بالسلطات التي تتمتع بها النيابة الجنائية – فإن هذه الشكوك يجب أن تذكر في تقريره للجمعية العامة، التي بدورها تقوم بإحالة المسألة إلى مجلس الأمن.

واشار المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى أنه سبق وأن ارتكبت الأمم المتحدة خطأً جسيماً في الحكم عندما قبلت مبلغ 10.5 مليون دولار من إسرائيل كتعويضات عن قصف مقر الأمم المتحدة ومرافق التخزين ومدارس تابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة دون اتخاذ أي إجراءات قانونية أخرى, ومن خلال هذه الخطوة، تم الاعتراف بأن التدمير المستهدف لمؤسسات الأمم المتحدة هو بمثابة 'أضرار جانبية'، في حين أفلت المسئولون من المساءلة.

واكد المركز أن السلطات في كل من قطاع غزة والضفة الغربية أخفقت في إجراء التحقيقات المطلوبة، وبالتالي انتهكت أحكام قرار الجمعية العامة, و لقد قام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بمشاورات عديدة مع السلطتين في غزة والضفة في محاولة لتشجيعهما على الامتثال لمتطلبات تقرير غولدستون، قرار الجمعية العامة وسيادة القانون الدولي.

بتاريخ 16 أكتوبر 2009، أعلنت الحكومة المقالة عن أنها ستبدأ في فتح تحقيقات، وهو قرار رحب به المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في حينه, ولكن للأسف، لم ترد أي تقارير بعد ذلك بشأن أنشطة لجنة التحقيق، على الرغم من صدور بيان بشأن خلاصة التحقيقات. وتم تقديم النتائج للمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة وتم نشرها بتاريخ 4 فبراير.

وقد قام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بمراجعة التقرير ووجد أنه مخيب للآمال، ويؤكد التقرير أن الحكومة المقالة أخفقت في تشكيل لجنة تحقيق حيادية وذات ثقة لإجراء تحقيقات في الانتهاكات المشتبه فيها التي وردت في تقرير غولدستون.

وفي يناير، أعلنت الحكومة في رام الله عن تشكيل لجنة تحقيق، وكانت هذه الجهود متأخرة وأظهرت عدم مهنية، حيث أنه من المستحيل أن يتم إجراء تحقيقات من الضفة الغربية بشأن الجرائم التي ارتكبت في غزة بسبب الانقسام السياسي الراهن ولأن تشكيل مثل هذه اللجنة لا يمثل إلا احتراماً شكلياً لسيادة القانون, وبالنسبة للحكومتين الفلسطينيتين، فإن هذا يمثل إضاعة للفرصة، وهو أمر خطير للغاية، كما أن مثل هذا السلوك الذي يفتقد للمسئولية السياسية لا يمكن أن يؤدي إلا إلى تقويض الجهود التي بذلتها لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق.

وناشد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الحكومتين في رام الله والمقالة من أجل تحمل المسؤولية لتعزيز حقوق الضحايا الفلسطينيين.

وفي ضوء عدم الرغبة الأكيدة التي تبديها إسرائيل في إجراء تحقيقات حقيقية، وعدم امتثال السلطات الفلسطينية، فإنه يجب اللجوء إلى آليات العدالة الدولية, ويتعين على الجمعية العمومية أن تطالب مجلس الأمن، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بإحالة الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وفي الوقت نفسه، يجب على الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 أن تفي بالتزاماتها المتعلقة بالبحث عن الأشخاص المشتبه فيهم بارتكاب انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف وأن تقدم هؤلاء الأشخاص إلى محاكمها بغض النظر عن جنسية هؤلاء الأشخاص.

واوضح المركز ان تقرير غولدستون شكل علامة بارزة في معركة حقوق الإنسان وسيادة القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في الدرجة الأولى، نتيجة التوصيات الخاصة التي قدمها التقرير والتي تركز على مبدأ المحاسبة. ومن الضروري أن يتم تنفيذ التوصيات التي قدمها هذا التقرير، كما أنه لا يمكن أن يستمر المجتمع الدولي في السماح لإسرائيل بالتصرف كدولة فوق القانون، كما فعلت بعد إعلان الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في العام 2004 بشأن الجدار.

واكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على أن تعزيز واحترام سيادة القانون هما شرطان ضروريان من أجل تحقيق سلام عادل ودائم.

ويذكر ان بتاريخ 5 نوفمبر 2009، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمصادقة على تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق حول العدوان الأخير على غزة (تقرير غولدستون)، التي قامت بالتحقيق في انتهاكات القانون الدولي التي ارتكبت أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة بين السابع والعشرين من ديسمبر 2008 والثامن عشر من يناير 2009, وقد دعا القرار الذي تم تبنيه حكومة إسرائيل والفلسطينيين إلى "إجراء تحقيقات مستقلة موثوق بها تتفق مع المعايير الدولية في الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي وردت في تقرير بعثة تقصي الحقائق، وذلك من أجل ضمان المحاسبة والعدالة". وتنتهي اليوم 5 فبراير 2010، فترة الأشهر الثلاثة التي تم تحديدها كإطار زمني لإجراء التحقيقات.